17 نوفمبر، 2024 11:31 م
Search
Close this search box.

انا لا افسد ما أصلح الله .. ولااصلح ما افسد الله

انا لا افسد ما أصلح الله .. ولااصلح ما افسد الله

لهذا ألمثل حكاية تعود ألى ماضي ألزمان؛ حيث كان طبيبا بيطريا جوال يقوم بمداواة ألحيوانات ألتي تصاب بالجرب ؛وعندما وصل ألى  أحدى ألقرى كان ألوقت ظهرا ودرجة الحرارة عالية ؛ولم يجد محلا مفتوحا سوى محل ألوراق “بائع ألكتب: فجلس عنده للأستراحة ؛ وبينما هو كذلك لاحظ رجل يبيع ألباقلاء ألمسلوقة “الفول”للناس في نهاية ألزقاق وفي كل مرة يأتي بائع ألباقلاء فيشتري كتابا ويدفع له ثمنا زهيدا . يستخدم أوراق هذه ألكتب في وضع ألبقلاء المطبوغة للزبائن. لاحظ الطبيب ألمتجول أن هذه الكتب نفيسة مثل “ألتاريخ للطبري ” او “مقدمة أبن خلدون “وغيرها . أنتفض ألطبيب غاضبا وقال للوراق كيف تبيع هذه الكتب النفيسة لهذا ألجاهل ؛فأجابه أن ألناس في هذه القرية لايقرؤن ألكتب ولايشترونها ؛وأنا رب عائلة ؛فمن أين أعيش !!. نهض ألطبيب حاملا أدواته على كتفه وهرول غاضبا رافعا صوته “أنا لاأفسد مأصلح ألله …………………ألخ “.
وكماجاء في القرآن الكريم “أن الله لايغير ما بقوم ؛ حتى يغيروا ما بأنفسهم ” .
حسب تقارير أليونسيكوا أن عدد ألذين يقرأون ألكتب في ألدول ألعربية ضئيل جدا بالمقارنة بالدول ألأوربية وألاسيوية ،وأن عدد الذين يقرأون لايتجاوز النصف بالمائة ؛ أما معظم ألأكاديميون فبعد أن يحصلوا على ألشهادات ألعليا يتوقفون عن القراة والمتابعة لأخر البحوث ألأكاديمية لأعتقادهم أنهم وصلوا ألى درجة الكمال في المعرفة والعلم.أقترحت في احد ألاجتماعات العلمية في أحد ألدول ألعربية أن يمنح حملة ألدكتوراه الجدد درجة بروفيسو{أستاذ} ويتدرج في النزول في  ألدرجات  ألعلمية  ويمنح درجة مدرس عند تقاعده ؛لأنه عند تخرجه مازال يحمل معلومات نظرية وتطبيقية وبمرور ألزمن تتقلص هذه ألمعلومات لعزوف ألكثير من أساتذة  ألجامعات عن ألأطلاع على ألدوريات  وبرامج ألبحث ألعلمي ألحديثة.  أن عدد البحوث ألتي تصدرها ألجامعات وألمؤسسات البحثية في العالم العربي لاتتعدى عن كونها سرد تاريخي لبحوث قام بها باحثون أجانب وأن وجدت  بحوث أصيلة فهي لاتتعدى عن ربع ألواحد في ألمائة ؛ بينما تحضى أسرائيل بحوالي أثنين ونصف بالمئة من مجموع البحوث العالمية . أما مقدار مايخصص في ميزانيات ألدول ألعربية للبحوث ألعلمية فلا يتعدى ألواحد بالمائة على أكثر تقدير من ألدخل ألقومي؛ بينما تخصص بعض الدول ألآسيوية حوالي أثنين بالمائة من دخلها ألقومي . تخصص ألعديد من ألدول العربية مبالغ كبيرة للكتاب والشعراء والصحفين ألذين  يلمعون أنظمتها الفاسدة وترويج سياساتها ألدموية ضد شعوبها أما  حكامنا فقد جاءوا ألى ألحكم اما بالوراثة أو بالأنقلابات ألعسكرية وهذه هي ألمؤهلات الوحيدة التي يحملونها ؛ وصدق الشعر حيث يقول :
    أذا كان رب البيت للدف ضاربا        فشيمت أهل البيت كلهم الرقص
أن عملي في عدد من ألجامعات ألعربية بالمقارنة مع الجامعة التي عملت فيها في بريطانيا وجدت أن الكثير من ألاساتذة في الجامعات ألعربية يستخدمون نفس المحاضرات لسنين عديدة وعندما تستهلك ألأوراق يقومون بتبيض ألأوراق ألصفراء كما يفعل ذلك رجال ديننا حفظهم الله ورعاهم.
حضر ألى بغداد في السبعينات من ألقرن ألماضي خبير من من اليونسيكوا في مجال البحث العلمي وألتقني والتقى حينها بأساتذة من مختلف ألجامعات ألعراقية لتقيم عملهم وللأطلاع على مجالات البحث العلمي لديهم ؛ وكانت ألخلاصة أنهم يمتلكون معلومات نظرية جيدة ولكنهم يفتقرون ألى المهنية في مجالات البحث العلمي والتقني وتطبيقاته بالقياس ألى الجامعات ألمرموقة في العالم وينطبق ذلك على الكثير من الجامعات العربية وأنهم متأخرين بعشرات ألسنين؛ حتى بالقياس ألى دول في آسيا مثل ماليزيا والهند.
لقد دأب رجال ديننا ترديد نفس العبرات التي قيلت منذ مئات السنين وكأن الدنيا قد توقفت عند مستوى تفكير السلف الصالح وعقمت ألنساء أن تلد مثلهم ومعظمها يتعلق بالطهارات والنجاسات والتخويف من النار المحرقة التي أعدها الله لعباده حسب أعتقادهم؛ بينما يؤكد القرآن الكريم على رحمة الله لعبادة ورأفته ويقول عز من قائل “كتب ربكم على نفسه الرحمة ” وفي مكان آخر “أن ألله غفور رحيم.
أما ألعلمانيون فهم لايفقهون سوى ألسفسطة والكلام ألفارغ والمصطلحات ألرنانة ألتي لآتتلائم مع ألواقع ألذي نعيش فيه ويعيشون في عالم آخر غير العالم الذي يعيش فيه بقية ألناس.وعندما تناقشه في أية قضية يتهمك بالتخلف والرجعية؛ وما أن تحصره في زواية ؛ يتحول بسرعة الى جذوره ألتي نشأ فيها أما طائفيا أو عشائريا أو عنصريا”وأخذته ألعزة بالأثم” .أن معظم العرب في ألبلدان ألعربية والأوربية نادرا ما تراهم في ألمكتبات ألعامة ؛ وبعضهم رغم وجودهم في ألدول ألغربية لمدة عشرات ألسنين لايعرفون عادات وتقاليد سكان هذه ألبلدان ولا ثقافتهم ولا حتى ينسجمون مع مواطنين هذه البلدان ويعزلون أنفسهم متقوقعين بنفس العادات والتقاليد التي ألفوها في بلدانهم التي هاجروا منها ويفرضونها على أولادهم. ألمهاجرون ألجدد معظمهم لايجيدون لغة الدول التي يعيشون فيها ويتهربون من تعلمها . أنني أتسأل هل من دواء لشفاء هذه ألأمة قبل فوات ألآوان ؛ أم يتركون كما قال الطبيب لأهل القرية ألتي فر منها . أن أملنا بالجيل الصاعد الجديد بأن يدرس أخطائنا ويحاول أصلاح ما أفسده ألدهر والعطار.وعندما سأل نيلسون مانديلا عن كيفية تطوير ألأمة؟أجاب ألتعليم؛فألتعليم ثم ألتعليم ؛وهذا ماتحرص عليه ألأمم ألتي سبقتنا في سلم ألحضارة ولنا في تجربة ألصين مثالا حيا.

أحدث المقالات