سأبقى جالسا في البيت انتظر موتي ، بعد خمسين عاما امضيتها في البحث عن الحياة ، يا للسخرية ، ابحث عن الحياة وسط خرائب العراق الذي نعيشه وقد تحول بيد مجموعات مارقة من عبدة المال والجاه الى قمامة كبيرة ، ماعدا مدن مقدسة نجلها ونحترمها ، سنكتفي بالجلوس في البيوت ننتظر متى يحين موعد الغياب الاخير ، لن اخبركم ماذا يجب علينا ان نفعل للخروج من مأزق العيش في العراق ، لاننا جربنا كل وسائل التماهي والذوبان في عروق هذه الحياة الجاحدة ولم نصل الى نتيجة تذكر ، بل سأخبركم كيف يمكن ان نحيا حياة الذين ينتظرون الموت ، مثلا انني في الصباح لا ارى شمسا مثل صباحات مرت ، ولا ارى سماء زرقاء صافية تشعرني بطعم الجمال الذي تذوقته عندما كنت صبيا ، نعيش صباحات رصاصية تلون الفضاء ، ويلاحقك اصحاب العيون الدبقة في تلك الصباحات الرمادية ، الملعلعة بالرصاص ، ليمنعونك من القول والكتابة النافعة ، هناك من ينظر اليك بريبة ، انت متهم مادام لديك القدرة على التأمل ، اما سبب اتهامك فلأنك جاحد ، زنديق ، لاتريد ان تسير مع التيار ، يا ليتيني اتمكن من ان اصرف النظر عن رؤية تلك الوجوه المكفهرة ، فازعق لوحدي ، بين جدران البيت الذي يؤويني ، يا عالم يا اهل الخير .. يا اهل المروة ، ليست هكذا يجب ان تعيشوا الحياة ،ولكن ثمة من يمد لنا لسانه سخرية منا ، خايب شمالك محمد ، ادخل مع التيارات ، وسأضمن لك موقعا مرموقا في الدولة العراقية الفتية وستحصد المغانم ، غير ان نداء داخليا يهمس باذني ، صحيح انك تعرف ان هذا صوت الرذيلة ، وسيؤنبك الضمير على ما رتبه عقلك ( غير المستقر ) وهو يحوم في البحث عن درر الحياة غير الحسية ، غير انك يجب ان تجد الخلاص ،لك ولعائلتك من جور هذا الزمان . اضحك من هذه الخواطر التافهة ، لقد تحولت ايامنا واصبوحاتنا الى سخف ، ، فالفاسدون الذين تكشف عنهم الاقلام النبيلة من الزملاء والاصدقاء ، ماعادوا يعبأون بنشر الفضائح المخزية ، انهم سادرون في غيهم ، انهم ماضون في حفلات نهب الخيرات ، حتى اصبح الكل متورط بالحال المزري الذي وصلنا اليه ، الكل يريد ان ينهب العراق ، الكل يريد ان يغرف غرفته الكبرى ، اما الفقراء ، اما البسطاء ، اما الناس الرائعون الذين يمشون في الحياة الهوينا ، ولايمدون ابصارهم الى غيرهم ، فقد اصبحوا في لجة الموت البطيء ، عفوا اقصد انهم استسلموا مثلي الى السكون والدعة والخوف من الحشر بين تلك الجهات الشرهة المتصارعة ، من اجل حطام الدنيا ، اضحك بسخرية من نفسي ، حطام الدنيا .. مليارات من الدولارات تنهب في وضح النهار وانا اسميها حطام ، اريد ان ازعق ” نريد رجال عقال يا عالم ، يعقلون لنا ما يحصل ، نريد اناس كبار يوقفون هذا التدفق الوحلي ، لقد وصل الوحل الى وسط اجسادنا وسياتي اليوم الذي يصل فيه الى رقابنا ، وسنغرق فيه جميعا ، حتى انتم ، ايها الفاسدون ، ستغرقون فيه ، المهم انني جالس الان ، في البيت ، اخشى الخروج منه ، اتعلم كيف استقبل موتي البطئ ، وليعذرني الكثير من الاصدقاء ممن التقي بهم لانني لن اخرج اليهم ثانية .. انا انتظر موتي ، او الفرج الذي سيأتي بعد ان تنتهي حفلات الفساد .. والموت المجاني .