23 ديسمبر، 2024 6:39 ص

هذة حكاية تعكس واقع حب وولع العراقيين بالسلطة . في اعقاب سيطرة حزب البعث على السلطة في العراق وماكان يعتمده من سياسة التفاعل القسري مع الجماهير وتحت مسمى الاتحادات والمنظمات الجماهيرية فلم يكفي ان اكثر من نصف العراقيين هم بعثيين وان شعار الدولة ( المواطن الجيد هو البعثي الجيد ) فعليه كلنا بعثيين وكلنا جيدين شئنا ام ابينا وامام هذا الواقع الجديد كنا ننتمي الى الاتحاد الوطني كاي صبي مولع بالمسؤوليه والسلطة . نعم نناضل من اجل ابتزاز الهيئات التعليمية ونعبئ الطلبة للحضور للمظاهرات المؤيدة للثورة وبمساندة الطلبة الذين يبتهجون بفوضى ترك الدراسة وشتم امريكا واسرائيل والرجعية العربية ولتبح اصوتنا بشعارات ( فلسطين جاكي جاكي حزب البعث الاشتراكي ) ( وثورة ونبنيها بالدم ويابو هيثم لاتهتم ) كنا صبية لانفقه ما نقول ولكننا نفقه التحدي والتمرد الذي يخالف العلم والمنطق وبلطجية ماتبقى من الحرس القومي ولم يكن المعلم والمدرس يتجرا على تحدي مظاهراتنا بالامس لينصحنا بما تعلمناه اليوم . ولان التجربة اشتراكية وثورية كما فيتنام والصين وتحدى الحاضر وبناء ستراتيجية اختزال الزمن من خلال سرعة البناء وكان ابرز مافي تلك الفترة حملات العمل الشعبي التي اقيمت بنجاح جماهيري ملفت ولم تكن الناس تدرك ان تلك التعبئه تكلف من خدمات وشعارات اضعاف ما يسند بناء المدارس والبيوت لشركات اجنبية محترمة او لمقاولين محليين ولكن نهج الثورة بالتعبئة يشبه نهج فيتنام والصين وكوبا ومع شاسع الفرق العقائدي والاخلاقي بين الاثنين . وفي احد حملات العمل الشعبي اسند للجان الاتحادية في المدارس الاشراف على حملة عمل شعبي وتم توزيع المسؤولية في الاشغال والاعمال على اعضاء اللجان الاتحادية في المدراس المتوسطة من الطلبة بينما ترك العمل للصبية من الاطفال والشباب من تلاميذ الابتدائية وطلاب المتوسطة وكان العمل شاقاً في نقل مواد الطابوق والاسمنت وبقية مواد العمل . كان الجو حار جداً مع شمس عمودية  لاترحم  هولاء الاطفال الذين كنا نضخ لهم المبادى اثناء العمل ومن كان يتهاون او يتقاعس هو عميل للصهيونية والرجعية وبينما كان الجميع يتحدى الامبريالية والصهيونية ويتفاعل مع العمل كنا نحن المناضلين نبحث عن مكان يقينا الشمس  ( سختجيه )كما بقية القيادات المناضلة . وفي زحمة العمل تملص احد الشغيلة في العمل الشعبي وقال لماذا لايسند لي مسؤلية عمل كما انتم وبدا عليه انه منهك من العمل والشمس ولانه طويل القامة واللسان ادركنا انه يستحق ان يكون امين سر الخباطة وهو منصب شاغر لم يتسنى لاحد من الرفاق تبوءه بدلا من تحريضه على تمرد الاخرين في العمل او يدعونا معهم لحمل الطابوق والاسمنت وهذة مهنة لاتليق بالمناضلين .اسند هذا المنصب بموافقة الرفيق المسؤول وبمباركة جماعية من الرفاق المناضلين .
وانا اتذكر تلك التفاصيل المملة عن الواقع الحقيقي للفرد العراقي تذركت كيف يتسابق العراقيين للانتماء لحزب البعث لتحمل مسؤلية اقل مافيها منصب امين سر الخباطة . هذة العقلية وهذا السلوك يتجدد يومياً في العراق ومهما اختلفت العقائد والنظريات وعناوين الاحزاب والتيارات .وحتى هولاء الذين يتبنون مايسمى مفاهيم عقائدية دينية في الدعوة للدين او مايسمى بالجهاد فمن تيسر له قراءة جزء عمة بلا تفسير صار خطيب زمانه وان حفظ جزء من نهج البلاغة فيعتقد انه امير البلاغة بعد موت علي . عقلية تصدح بالنجومية  كما المطربين وال انا وحب الذات . غرور يبدأ بامر الحضيرة وينتهي بقائد الفيلق ويبدا بالفراش وينتهي بالوزير والكل  تعجبه المراة العاكسة ومدح زوجتة ونفاق المحيطين به . والكذب المسطر بنجومية رجل الدين والسياسة غاية بالجمال والطراوة . فهو يدعي التواضع ويحفظ مقولة ( هذا كرسي الحلاق ) ويعني المنصب اكثر من اي مقولة اخرى وهو يعرف انة يكذب اكثر من المحيطين به وبما معروف عن العراقي استجداء العاطفة التي تجامل حتى السعالو والافاعي . ولان الطموح كما اي طموح وبعيداً عن الشعور بالمظلومين والفقراء والتنظيرات الايدلوجيه  فان  طموح صديقي الديني وطموحي الجماهيري   لايختلف من حيث النية يرحمكم الله  ولكنه يختلف من حيث الشعارات فكنا  وصديقي نتسابق في حوارات الغالب عليها السذاجة وبساطة التفكير في معنى الوطنية والقومية والدين ومفاهيم  الحرية والديمقراطية والاشتراكية ولاتتجاوز افكارنا حدود قرائتنا السطحية وثقافة مسؤولي  في معادات الامبريالية وثقافة رجل الدين في معادات الشيوعية والنواصب .وبينما هو يتستر بي تحت شعار ( كلنا بعثيين وان لم ننتمي ) كنت انا استستر به تحت قول الله (اطيعوا الله والرسول واولي الامر منكم )
وبين الاثنين طموح مخبا لانجهر به وعجرفة زائفة لانبوح بها وكذب وتضليل يمر على الاخرين بسلاسة تشعرنا بزهو دائم بمقبوليتنا لدى المناضلين والمؤمنين . وكلنا يجد ضالته وفروسيته ولو بالقدر اليسير من السلطة . فكنا نحن الرفاق المناضلين عودتنا جماهيرنا المناضلة والكادحة على احترام قياداتها بالتصفيق والهتافات المتقطه ( يا ) ( يا ) ( يا ) وبشعارات لم يتحقق منها في الوحدة سوى الفرقة وفي الحرية سوى الاضطهاد والعبودية وفي الاشتراكية بتوزيع الثروات على العائلة بقيادة خيرالله طلفاح  . وكنا نعلمهم مبدأ نفذ ثم ناقش ولم يحدث في تاريخ تلك الحقبة ان ناقش احد او تجرا فسوف يكون الجواب انتظر التعليمات من القيادة  . على مستوى القيادات ممن تناقش بعد التنفيذ فسوف يتعرض لحادث مؤسف بسيارة لوري او زرقة بابرة منشطة تلحقة في عليين مع الشهداء والصديقين . وكانت الاخلاق ان تطيع المسؤول ولاترفض له طلبا او تناقشه .فكانت القاعدة الجماهيرية من المناضلين يؤدون التحية بضرب الارض بالقدم مع تنزيل الراس للاسفل وهي تشبه التحية اليابانية وكان الرفيق ينتظر قدوم من هو اقل منة مسؤولية لا ان يشتاق له ولكن ليملئ كبريائه بهذه التحية غير الموجودة حتى لدى الجيش والشرطة وهم اكثر ضبطاً وربطاً. وان كان حاسر الراس . كل هذا يجعلني قوياً امام صديقي المعمم الذي يصحبني في مجالسه الخاصة او حضور مراسيم العزاء او الفرح وكيف تتلاقفه النسوة ليبصق على اطفالهم ببركاته لانهم مصابين بالحمى او الاسهال . كان المعمم يمتعض من التحية والخنوع ويقول هذا حرام والخضوع لغير الله مذلة وكنت اتقبل كلامه بشفافية كما شفافية اليوم وكنت اقول لرفاقي المناضلين عند اداء التحية لي بصوت خافت (لا رفيقي. لاتطيء رأسك ) وكنت بداخلي اتمنى ان ينزل راسة للارض بدلا من يستند على صدره . هكذا اخلاق المناضلين وبينما نحن نسهر الليالي دفاعاً عن القضية وتصدح حناجرنا بعودة فلسطين لازال المعمم نجماً لامعا في الزقاق الذي ندخل به او مجلس العزاء فكل الانظار صوب المعمم الا من هولاء الذين  هم سائرين على نهج الثورة يلمحني بنصف نظرة وماتبقى لزميلي . اصطحبني صديقي المعمم الى مجلس عزاء وكان المعمم امامي يصافح الجالسين بالسرادق برخاوة فهو لم يمد يده بالكامل لمصافحتهم خشية تقبيل يده وكانت يده تمسح الايادي ولاتصافحها على طريقة شيوخ ال …  ( الاقطاع) بينما انا اصافح الاخرين بلهفة وقوة ماداً يدي لهم بحماس واعجاب ولانهم يعتقدون اني سيد فكنت اعطيهم يدي كلها ومن حاول ان يسحب يده على طريقة المعمم كما المغناطيس كنت احرف ايديهم من اجل تقبيل يدي بحرارة ترضي ما ليس لي . لم ينتبه المعمم لما يجري حولة الا متاخراً وبررت ذلك باصرارهم على تقبيل اليد . خرجنا وبدا على  صديقي ملامح الغضب وكان مستفزاً وان بدات ابرر واكيل المديح له على طريقة رفاقي المناضلين في تقييم الاخريين . فقلت له ماشاء الله كل هذه الناس تهابك وتحترمك . قال لي وبحسرة السلطة  وكانه يتمنى امانة سر الخباطة اكثر من العمامة المخبوءة بغيبيات الطموح . اذا تريد تعرف حب الناس لي (قل هذا معتقل وضد الثورة ) راح تشوف الكل تشتمني وتنفر مني ومن بلائي . اما انت فمقدورك ان تجمع جماعتك في اي ساعة من الليل او النهار ولن تسأل تحت مبدا ( نفذ ثم نقاش )من هنا ادركت ان صديقي تعجبه سلطتي وانا مولع بعمامته وكأننا متبارين والناس كل الناس تنظر الينا كما نحن مطربين او لاعبين كرة لان كلنا تستهويه الشهرة وان تواضعنا وكذبنا ووو……والاخرين ينظرون لنا بنجومية المعمم المصان غير المسؤول وينظرون لي بمسؤلية مسؤول الخباطة . فالجميع يتمنى امانة سر الخباطة فمنهم من ينظر لك شزراً ومنهم من ينظر لك اعجاباً ومنهم طمعاً ومنهم سخرية واستهزاء ولكن الاجماع ان لدى الجميع طموح امانة سر الخباطة وان من لم يظفر بها صار معارضا املاً بخباطة اخرى تهيى له تاريخ نضالي جديد تحت راية القومية او الدين او الطائفه او الاشتراكية ولكن الخباطة هي طموح وان تغير التاريخ والعنوان . الا هؤلاء الذين كانو ينظرون الينا مثل لوحة الرسام او فلم سينمائي غير مترجم  فهم يشاهدون وهم لايكشون ولاينشون ويطلق عليهم المثقفين الذين بقو متعالين عن السياسين والحزبين عبر التاريخ ومابرز من ظواهر شاذة لدى بعض المثقفين الذين اندمجوا بالحياة السياسيه سابقاً ولاحقاً لايعد الا كونهم من جماعة سبع صنايع .الان وبعد اربعون عاماً ادركت ان الولع بالسلطة لاينتمي لدين او طائفة او حزب او تيار وليس لمظلومية هنا او هنالك في الحاضر اوالماضي وان ولع امانة سر الخباطة يستشري في عقول الكثير والدليل عشرة الف مرشح لانتخابات امين سر الخباطة هرباً من العمل تحت حرالشمس والاحتماء بقبة البرلمان المكيفة .
[email protected]