من المعتاد أن مراكز الاهتمام تُتابَع نتيجة الأثارة والأهتمام والحذر وأحياناً الأمل والتفائل هذا الامر عام ينطبق على كل ما يتعلّق بالحياة البشرية ومن خصوصيات هذا المحتوى ” السياسة ” لأنها تشكل المركز والواعز الحيوي في حياتنا الحالية المعاشة وتاريخنا الماضي العميق في القدم بماهيّاته الايجابية والسلبية وبما يستحق البناء عليه وتحاشي اخطائه وعدم تكرارها عند العقلاء وذوي الفهم والادراك .
مايستجد اليوم في هذا قوة اميركا وسلوكها كدولة لها شأن كبيرفي حياة سكان الكرة الارضية وحكوماتها وانفرادها بهذا الحال الى أجل علمه عند الله . سلوك ادارات هذه الدولة منذ بداية تأسيسها الى اليوم مفاهيم وفلسفة ” العمل بالقوة المفرطة ” لتحقيق اهدافها ومراميها , غاضّة النظر عن نتائج هذا المذهب وتداعياته على حياة ومسقبل البشر المتواجدين في هذا العالم القَلِق , هذه الفلسفة وهذه المفاهيم ازدادت وتيرتها سوءاً وتصاعدت قوتها بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد انحسار نفوذ الدول الاستعمارية لأوربا الغربية التقليدية ” بريطانيا فرنسا ايطاليا ” وبقية دولها الاقل منها في التأثير والمكانة . اميركا فاقت كل هؤلاء بممارساتهم العدوانية وسطوتهم الاانسانية . وما تعلنه الادارة الاميركية الجديدة واركانها السياسية الرئيسية من تصريحات عدوانية مثل الرئيس ” ترامب ” ونائبه ” مايك بنس ” ووزيرالدفاع الجنرال ” جمس ماتيس ” و وزير الخارجية ” ركس تيلرسون ” ليست بالمستغربة أو الغير متوقعة . تصريحات غايتها وهدفها الابتزاز والترهيب . تاريخها السيئ وحاضرها المهين شاهدعلى ذلك .
الولايات المتحدة الاميركية ضربت اليابان بقنبلتين ذرية الأولى في ” هوروشيما ” والثانية على ” ناكازاكي ” وقتلت وشوهت الآلاف بمختلف اعمارهم وصفاتهم اطفال ونساء وشيوخ وشباب معظمهم من المدنيين الذين لا حول لهم . سلوك ليس له ما يبرره من الناحية العسكرية , لأن الحرب كانت قد وضعت اوزارها وانتهائها . يقول المهتمين بهذا الشأن من مفكرين ومنظّرين وعارفين بالامور السياسية والعسكرية يقولون بأن الأجراء المجرم هذا كانت غايته الأساسية استفزاز وإخافة الاتحاد السوفيتي وليس تسريع إنتهاء الحرب لأنها كانت في نهايتها ومحسومة لصالح ” الحلفاء ” المهم انتبه الاتحاد السوفيتي لهذا الامر وسارع في العمل على امتلاك مثل هذا السلاح . لأن هذه الضربة وهذا الإجراء استفز العالم كله من اقصاه الى اقصاه وحتى استفز الدول الحليفة للولايات المتحدة الاميركية , مما دفعها للحصول وامتلاك هذا السلاح وتصنيعه في بلدانهم بالرغم من كلفته المادية العالية خشية من السلوك الاميركي وعدم التزامها بمواثيقها ومعاهداتها . تدفعها في ذلك مصالحها الخاصة التي تسمو فوق الجميع اصدقاء وغير اصدقاء , ولحد اليوم تسعى الكثير من دول العالم لإمتلاك مثل هذا السلاح أو ما يفوقه حماية لأمنها القومي الخاص بها ” كسلاح وقاية “. وفعلا تمكنت بعض الدول من تصنيعه وامتلاكه مثل الصين والهند والباكستان وآخرهم كوريا الشمالية . تحاول الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن المالكة لهذا السلاح منع دول العالم الأخرى من امتلاكه والحصول عليه بشتى الوسائل وهذا عائد لأمرين ,
الأول حتى تبقى هذه الدول تشكل وتتبوء المركز الاقوى بين دول العالم والامر الثاني الاحتراز من الخطر والتهديد الحالي والمستقبلي المتوقع من الآخرين . وفعلا دخلت اميركا في حرب مع الاتحاد السوفيتي المناقض لفكرها الرأسمالي الامبريالي ومشاريعها العدوانية الاستعمارية وفلسفتها السياسية فكانت الحرب التي اطلق عليها تسمية ” الحرب الباردة ” ولم تستطع اميركا اعادة الكرّة معه مثل ما فعلته مع اليابان من اجرام دامي مخجل لا انساني بكل المعاني والمقاييس , ولم يدعو ذلك الى تراجع الادارات الاميركية المتعاقبة عن فلسفتها وثقافتها السياسية الخاطئة المبنية على ذلك . تغلبت على الاتحاد السوفيتي مع حلفائها في ” حلف شمال الاطلسي ” بأساليبها الخبيثة المتدنية اللاإنسانية ” السلاح الاقتصادي والاستخباري والاعلامي ” وكانت تحارب في نفس الوقت عدد من الدول مثل ” فيتنام وكوبا وكوريا وغيرها من الدول .كذلك عملت على أزاحة “عبد الكريم قاسم ” حاكم العراق لميوله ونهجه الاشتراكي سنة 1958″ وتمكنت مخابراتها من قتل ” تشي جيفارا ” المناضل العالمي المعروف في بوليفيا سنة 1967 وكذلك ساندت اسرائيل في عدوانها على الدول العربية عام 1967 . وقامت بتنحية وقتل ” سلفادور ألندي ” الرئس المنتخب لجمهورية شيلي
*1كانت إمكانية فوز سلفادورأليندى في الانتخابات كارثة للولايات المتحدة الأمريكية, والتي أرادت حماية مصالحها من خلال منع أى انتشار للاشتراكية إبان الحرب الباردة. في سبتمبر عام 1970 أخبر الرئيس نيكسون أن وجود حكومة يرأسها أليندى أمر غير مقبول وقام بتخصيص مبلغ 10 ملاين دولار لمنع وصول أليندى إلى السلطة. قامت لجنة الأربعين برأسة هنرى كيسينجر مع المخابرات الأمريكية بالعمل لمنع أليندى وإعاقة تنصيبه رئيسا من خلال خطة سرية تم تسميتها Track I والخطة Track II أى المسار واحد والمسار اثنين. وسعت الخطة المسار واحد إلى منع أليندى من الوصول للسلطة من خلال ما يسمى بالاحتيال البرلمانى بينما سعت من خلال الخطة المسار اثنين إلى اقناع بعض القيادات العسكرية في الجيش الشيلى للقيام بانقلاب عسكرى . وهذا الموضوع يكرر نفسه في التشابه فيما وقع في مصر بأنقلاب ” عبد الفتاح السيسي ” في 3 يوليو عام 2013 على ” محمد مرسي ” وتعطيل الدستور. ويتشابه ايضاً مع سرقة فوز السياسي العراقي المعروف رئس وزراء العراق السابق ” اياد علاوي ” رئيس القائمة العراقية لتنفيذ البرنامج الاجرامي المتفق عليه لتدمير العراق وطناً وشعباً بين اميركا وايران وعملائهم . وفي العام 1989 قامت الولايات المتحدة الاميركية بغزو بنما واسر رئيسها ” نوريكا ” واقتيد الى اميركا وحكم عليه لمدة 22 عام.
من الاخطاء الكبيرة التي ارتكبها الاتحاد السوفيتي وسارعت في انهياره ” احتلاله لآفغانستان ” *2جاء الغزو السوفياتي لأفغانستان في 25 ديسمبر/كانون الأول عام 1979 في سياق مطامع قديمة لموسكو في المنطقة، وصراع القطبين حول مناطق النفوذ في إطار الحرب البادرة. وقد كبد ذلك الغزو الجيش الأحمر خسائر فادحة بفعل المقاومة الشرسة التي أبداها المقاتلون الأفغان والعرب. استغلت ذلك اميركا وتمكنت مع حلفائها التقليديين فى حلف شمال الاطلسي وخارجه مثل المملكة العربية السعودية والباكستان من انشاء وخلق حركة اسلامية عرفت فيما بعد بأسم ” القاعدة ” تضم تشكيلات مختلفة موسومة بأسم الدين , فكانت خسائر الاتحاد السوفيتي المالية والبشرية والمعدات العسكرية كبيرة في هذه الحرب. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتصار اميركا الامبريالية وحلفائها والمرتبطين بها , استمرّت في عدوانها ومنهجها فدخلت في حرب مع الاسلام كدين وكمنهج فمكنت اسرائل من شن حربها على الدول العربية عام 1967 وتمكنت من تنحية شاه ايران وصنعت الحركة ” الخمينية ” وحرّضتها على محاربة العراق عملا بالنظرية ” الكيسنجرية ” نظرية الاحتواء المزدوج ” لكن انتصار العراق في حربه مع ايران بعد ثمان سنوات مريرة وصعبة . اضطرت اميركا ان تخوض الحرب ضده بشكل مباشر مع 33 دولة فكانت ” الحرب العالمية الثالثة “بينهم وبين العراق منفرداً بدون ساند او مؤازر .
خسرت اميركا الكثير من جنودها واسلحتها ومالها وشرفها العسكري وما كانت تتشدق به من انسانية وديمقراطية ولا زالت تخسر , فكانت هذه الحرب بمثابة ” الفضيحة ” العالمية المدوّية المخجلة التي كشفت كل الاقنعة المزيفة التي تتستر بها اميركا وحلفائها . استخدمت اميركا كل خبثها في حربها على العراق واساليبها اللاإنسانية من حصار وعدوان عسكري حيث ضربت العراق بما يعادل اضعاف مضاعفة يفوق ما ضربت به اليابان من اسلحة ذرية , مستخدمة اسلحة دمار شامل غير تقليدية من كيمياوي ويورانيوم منضب وقنابل فسفورية واسلحة غير مستخدمة في حروبها السابقة علاوة على استخدامها لأحدث التقنيات في مجال التجسس والاستكشاف عبر الاقمار الصناعية وعملائها وشبكاتها التقليدية , ولا زالت مستمرة في تدمير هذا البلد وغيره من البلدان العربية والاسلامية مستخدمة شتى الاساليب والاعذار وبشكل مباشر وغير مباشر . تحارب حتى اصدقائها بالباطن وبالنيابة , من دول العرب والمسلمين مثل حكومات الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية التي تربطهم بأميركا علاقات استراتيجية بغية استفزازهم ومن ثم ابتزازهم , كل ذلك بأطلاق عنان من صنعتهم واستحضرتهم للفعل في هذا الموضوع .
الولايات المتحدة الاميركية تخطئ خطئاً بليغاً مثل خطئ من سبقها من حلفائها المستعمرين التقليدين ” بريطانيا وفرنسا وإيطاليا ” بأعتبارهم الدين الاسلامي ” ايدولوجية سياسية شبيهة بالشيوعية ” وفي هذا مقتلهم وفشلهم عبر التاريخ يعني ذلك عملوا على هذا النهج من قبل . على الدول العربية والاسلامية ودول العالم الحر تحديد سلوك هذه الدولة ” اميركا ” ونهجها العدواني والتعامل معها على اساس سلوكها هذا كدولة عدوة لا يُسترجى منها غير العدوان والاستحواذ والسلب والنهب , لا تنبغي محاباتها بل مقاطعتها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية وانتهاج ثقافة خاصة بهذا الموضوع ونشره والتثقيف عليه واعتباره منهجاً مركزياً وعام وفضح جرائمها تاريخياً وحاضراً , فضحها ومن يحالفها ويسير بركابها . ولوان مثل هذا الموضوع فيه شيء من الصعوبة ونسبة من المجازفة والتحدي لكنه يبقى افضل من الخضوع والانجرار خلف ما تبغيه هذه الدولة الغاشمة التي تسعى وتساند وتشجع على الارهاب والعدوان واثارة القلق والمشاكل بأعتبارها مركز ومصدر له . عليكم مقاومة هذه الأفعى الكبيرة أم الافاعي مثل ايران واسرائيل وداعش وغيرهم .
المصادر*1 ـ ويكيبيديا الموسوعة الحرة *2 ـ موسوعة الجزيرة
عبد القادر ابو عيسى : كاتب ومحلل سياسي ـ عراقي حر مستقل / تحياتي وتقديري العالي للجهة المحترمة الناشرة للمقال وللقارئ الكريم .