16 أبريل، 2024 6:23 ص
Search
Close this search box.

امنيات ودعوات

Facebook
Twitter
LinkedIn

عندما غردت البلابل في الصباح ورفع ستار الظلام اذ ارسلت الشمس خيوطها الذهبية عبر الآفاق تحتضن ذرات الارض بحنو الامهات تمسك بيد كل حي في كل لحظة في كل ثانية او اجزاء من الثانية يلمع شلال من نور الشمس تسبح فيه الكائنات كما تسبح المخلوقات في الانهار والبحار والمحيطات وهي ايضا تسبح بارئها الخالق المصور دون صوت او كلام .

مع النسائم العذبة كتبت حروفي مدادها الشوق والحنين وعلى صفحة القلب حفرت عباراتي وضحتها عاطفة فائقة ومحبة عظيمة لهذا العالم لهذا الخلق لهذا الكون بل وجميع الاكوان عاطفة ومحبة تنشر وتنتشر ويتوسع مداها بكل نبضة قلب وبكل دفقة دم فانا احب الله البارئ الخالق المصور احب الله تعالى واحب كلما خلق وبرء وذرء.

……………………..

فرشت سجادتي ليس على الارض بل على صفحة القلب واوقدت شموع تسبيحي ليس بالكلمات ولكن بالمشاعر والاحاسيس ودعوت الله تعالى ان يجيب دعوتي ويحقق امنيتي وهي اغلى الاماني واجل الامنيات وهي ان يحيا هذا العالم كل العالم بسلام لا يقتل فيه الابرياء ولا يشرد فيه الضعفاء ولا تسلب فيه الحقوق وهنا اود ان اورد هذه القصة وهي:

…………………………….

                         قصتي مع الجوار

شاءت الظروف ان ننتقل انا وزوجتي واطفالي من دارنا الذي قضينا فيه سنوات وسنوات خلال عقد ونيف من الزمان وشهد الايام الاولى الرائعة من حياتنا الزوجية .اجل شاءت الظروف بعد ان اضطررت الى بيع تلك الدار الواسعة الجميلة ومن ثم شراء بيت آخر اقل مساحة وجمالا وهوايضا اقل ثمنا لأني بهذا المبلغ المتبقي تمكنت من تسديد فواتير الديون التي ترتبت بذمتي نتيجة للخسائر الفادحة لعملي الخاص .

لم يكن الامر هينا ولا انتقالنا سهلا ولولا ذلك الاضطرار ما بعت داري التي احب وجواري الذين احترم.

لقد ترتبت على هذا الانتقال عدة امور منها والاهم مفارقة جيراننا والذين ودعونا اسفين وهم يدعون لنا بالخير بينما كان الالم يعتصر قلوبهم والحسرة تملأ نفوسهم وعيونهم تفيض بالدموع ولم يكن حالنا افضل منهم فقد شاركونا ايامنا ,همومنا ,افراحنا ,مشاعرنا ,آمالنا .

فرحوا لفرحنا وحزنوا لحزننا وكان اي نجاح لنا فخر لهم واي نجاح لهم فخر لنا كما كان اي انكسار لنا انكسار لهم واي انكسار لهم انكسار لنا .كنا دائما نمسك بيد بعض ويتوكأ أحدنا على الآخر كأننا اسرة واحدة بل اكاد لا أجانب الحقيقة ان قلت كأننا روح واحد .

هكذا كانت لحظات فراقنا مؤلمة لنا ولهم خاصة حين صافحناهم فردا فردا وبقيت ايدينا في ايديهم لفترات ليست بالقصيرة وكان يشد احدنا على يد الاخر مودعا وكأننا نريد للحظة البعد ان لا تبدأ فلم نكن نحن احسن حالا منهم كمن يفارق اهله واحبته ويمضي الى دار غربة ,ربما تجدون عباراتي مبالغ بها

لكنها الحقية الحقيقة التي عشناها كذلك فعل اطفالنا مع اصدقائهم من اولاد الجيران.

وكان الامر الاخر فيما واجهنا من صعوبات هو نقل الاولاد من مدارسهم الى مدارس اخرى قريبة من دارنا الجديد اضافة الى اضطرارنا الى بيع بعض الاجهزة القديمة والتي لا يمكن نقلها وهذا الامر بطبيعة الحال اوجب علينا شراء اجهزة جديدة كلفتنا مبالغ اضافية وكما هو معلوم كنا مضطرون الى الاقتصاد في الانفاق ما امكننا ذلك.

كذلك اوجب عليَّ هذا الانتقال ايجاد عملاء جدد في المنطقة السكنية الجديدة بعد ان صار متعذرا عليَّ التواصل مع عملائي القدماء.

…………………

دخلنا الدار الجديدة وامضينا فيها اياما وايام وما كان لنا تواصلا يذكر مع جيراننا الجدد اللهم الا القاء التحية العابرة كلما تصادف اللقاء العابر مع احدهم

الحق بدأنا نشعر بالغربة واشتد الحنين الى جيراننا الذين فارقناهم على مضض والملاحظة التي اثارت اهتمامي هو اختلاف طباع زوجتي فقد تغيرت طباعها كثيرا وصارت تظهر دائما بمظهر الحزن والكآبة ولم تعد تستقبلني بتلك الابتسامة المشرقة التي تعودت ان تستقبلني بها دائما وايضا صرت ارى في نظراتها بعض الخوف من المجهول.

الحق انني لم اعر الامر اهتماما بادئ ذي بدى وعزوت الامر الى حنينها الى دارنا القديم وجيراننا الطيبين .

وفي ذات يوم دخلت الدار فوجدتها منكفئة في احد اركان الصالة واضعة رأسها بين كفيها وقد علت وجهها الجميل غلالة الحزن والغضب  فبادرتها السؤال عما الم بها ومما تعاني فتنهدت بألم ثم قالت بنبرة حادة تنم عن ندمواسف وهي تعض على نواجذها :

لو كنت اعلم انني سأجاور مثل هذه المرأة ما كنت ساترك بيتنا القديم وجيراننا الطيبين ,آه…قد استبدلنا الجوار الطيب بالجوار السيء  كقوم نبي الله  موسى عليه السلام الذين استبدلوا ما هو ادني بالذي هو خير  .

قاطعتها قائلا وانا اشد على يدها لكن قوم نبي الله موسى عليه السلام استبدلوا ذلك بإراداتهم….وبعد فترة من الصمت اضفت:

اما نحن فكنا مجبرين على هذا الامر ولم يكن بيدنا غير ان نطرق هذا السبيل …
نظرت اليَّ بانكسار وهزت رأسها موافقة الرأي لكنها بعد لحظات هتفت :
ابحث لنا عن دار اخرى حتى لو كانت اصغر من هذه الدار  المهم ان تبعدنا عن هذا الجوار!!!!

فاجئني سؤالها لأني اعرف كما هي تعرف كم عانينا في هذا الانتقال وكم كلفنا ذلك من معاناة لا أجد ان بالإمكان ان نتكلفها ثانية وفغرت فاها وانا استمع اليها لأننا وكما ذكرت سابقا لم نتعرف لحد الان على جيراننا ولم نرتبط معهم باي علاقة تذكر سوى السلام العابر(صباح الخير- مساء الخير) وفي الحقيقة ما كان يظهر لي اي شيء او تصرف غير مرضي او غير طبيعي ولهذا وجدت من المناسب ان ابادرها السؤال:

ماذا….؟لقد مضى زمن ليس باليسير ونحن نسكن هذه الدار فما هو الامر الجديد الذي حدث …؟
لم يحدث شيء لكنني اشعر انني لست راضية عن وجودي هنا …..

ارادت ان تكمل الكلمات لكنها توقفت كأنها لاتريد ان تبوح بما يعتلج في نفسها من مخاوف ما جعلني أتساءل مع نفسي عن اسباب هذه المخاوف فما كان مني الا ان بادرتها السؤال قائلا:

هل حدث امر ما …اقصد هل تطاول احد افراد الجيران علينا او على اولادنا .
كلا ليس الامر متعلقا بنا !
اذن ما لذي يجعلك تصرين على ان نغادر هذه الدار…؟
الم تسمع بالمثل القائل (الجار قبل الدار)
نعم اعرف هذا وقد تكرر على مسامعي منذ الصغر.
مالامر قولي …؟

لم تزد على سؤالي وهذا ما تسبب في ازدياد حيرتي  فهي تعلم اننا لم نغادر دارنا القديم مختارين ومع هذا فأننا لسنا ممن يتسببون في مشاكل مع الاخرين فأولادنا يعرفون حدود مسؤولياتهم وعلاقاتهم ولم يسبق لاحد ما سواء في المحيط المدرسي او العائلي ان شكى سلوكهم واما نحن اقصد انا وامهم فلله الحمد لم يكن لنا في اي يوم من الايام ان ساءت علاقاتنا مع اي كان سواء كان زميل عمل او جار او قريب او صديق ولما طالت بي الحيرة عدت اسألهاثانية لماذا هذا الطلب الغريب وانت تعرفين الظروف هل هناك امر اثار مخاوفك …

التزمت الصمت للحظات ولما رأت نظرتي الحادة المؤكدة لضرورة معرفة السبب اجابت:

لقد حدث صباح اليوم شجار عنيف وسبب هذا الشجار امر بسيط جدا وهو ان احد الاطفال رمى الكرة فأصابت زجاج نافذة جارنا (ابو وليد)فما كان من ام وليد الا ان خرجت من دارها ومضت الى دار والد (الطفل)   وحين فتحت والدة الطفل هجمت عليها وهي تكيل لها افظع انواع السباب والكلمات اللاذعة والبذيئة ولم تكتفي بهذا وانما طلبت امرا فضيعا وهي ان تقتص من الطفل بنفسها وان تنزل به عقابها مبررة الامر انها لا تسكت عمن يتجاوز عليها وراحت تردد  ابدا لن اسكت عن التجاوز انكم لم تربوا اطفالكم وهكذا استمر الشجار لوقت طويل ولم ترض ام وليد باي بديل الا ان تحقق الامر الذي تريد وهي ان تتولى عقاب الطفل هي بنفسها دون الاخرين والاستحول الامر الى منحى آخر .
دهشت لهذا الامر الغريب وتساءلت مستنكرا اين ابو وليد الم يبادر الى اسكات زوجته …؟
ابدا انه لم يحرك ساكنا متعذرا بانه لايستطيع التدخل لحل نزاع يحدث بين النساء ويبدو لي انه هو الاخر راض عن تصرف زوجته ان لم يكن هو من دفعها الى هكذا تصرف اهوج اذ انه يريد ان يطور الامر ليجر عائلة الطفل الى قعدة عشائرية كما اشارت بهذا ام وليد اثناء تهديدها ووعيدها.

حين اكملت زوجتي حديثها شعرت بالكثير من القلق والحيرة ودهشت اننا وفي هذا الزمن نهول سفاسف الامور ونعظمها ونفتعل الحوادث وندفع بها الى مالا تحمد عقباه لا لشيء الا لأجل الحصول على بعض المكاسب الدنيئة التي لا يقرها دين ولا قانون ولا خلق .

متى ينتهي هذا الجهل وتنتهي هذه العنجهية الفارغة وتتشافي هذه النفوس المريضة وتنبذ هذه الافكار التي تمزق وتحرق وتثير مختلف النزاعات ليعيش مجتمعنا بسلام ووئام تسوده المحبة وترتفع فيه راية المحبة والتسامح متى …؟متى….؟متى…؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب