18 ديسمبر، 2024 10:59 م

امنيات قتلها صاحبها

امنيات قتلها صاحبها

عبر التاريخ تكون الأمنية هدف لمستقبل قادم، فصاحب الأمنية يسعى سعيه، ويرسم خططه للوصول لهذه الأمنية عاجلاً ام اجلاً.
ويحاول دائماً ان يضع زمناً محدداً للوصول الى مبتغاه، لكي يشحذ الهمم، ويحفز نفسه للأسراع للوصول الى هدفه، وعدم التباطئ او التكاسل
فتجد الكاتب يقرأ كثيرا عن اسلوب الكتابة، وكيف يحبك النص، من اجل ان يصل الى مراتب الكتاب الكبار
والطبيب يسعى جاهداً، ليطور نفسه حتى يصبح طبيباً يشار اليه بالبنان، والموظف يجتهد من اجل الرقي بوظيفته وان يصل اعلى درجاتها، وجميع الأمنيات حق مشروع، وحافز على تطوير الذات.

لكن الحقيقة ومنذ كنت صغيراً ، سمعت بيت شعري يقول
الا ليت الشباب يعود يوماً
فاخبره بما فعل المشيب
فسألت لماذا الشاعر يريد ان يعود الزمان الى الوراء، لماذا لا يفكر بالقادم، فأن ما مضى قد انتهى، وان القادم هو الحقيقة التي يمكن ان ننجح من خلالها ونعوض ما فات .

والأن بعد هذا العمر وجدت تفسيراً لقول الشاعر، ان شاعرنا كان يعبر عن وجهة نظر شارعنا، ليس اكثر
فشارعنا ليس لديه امنيات يرغب في تحقيقها، انما يبحث عن اعذار لنفسه ليس الا
واني كلي يقين لو عاد الزمان الى الوراء في شاعرنا، لن يفعل سوى ما فعله بالأمس، وعندما يشيب يتندم على شبابه وهكذا.
ربما يقول البعض كيف يعود لنفس الأخطاء التي يعاني منها الأن وهو يعلمها ومشخصها؟
فأجيب عن هذا السؤال بمثال من الواقع الذي نعيشه ونتلمسه
منذ 2003 ولغاية اليوم نحن نلعن بالفساد والفاسدين، وجميعنا يعرف من الفاسد وما أل اليه فساده من دمار وضياع ثروات وهدر للمال العام
وكل اربع سنوات ولثلاث مرات كأن الزمان يعود بنا الى الوراء، وتتوفر لدينا فرصة لتصحيح المسار، وان نفعل ما قاله الشيخ بشير النجفي، بالقاء الفاسدين في سلة المهملات، لكن هيهات ان نفعل ذلك، فنعود لنطرح بهم الثقة وننتخبهم، ثم نلعنهم بعد الانتخاب، ونبقى ننزل بوستات باصابع مقطعة، واخرى نعض عليها، لأنها انتخبت الفاسدين، ثم يعود بنا الزمان مرة ثالثة، ونحن ما زلنا ننتخبهم ونندم.
وهذه المرة الرابعة، التي يعود بنا الزمان للوراء
والسؤال هنا
هل سوف نفعل ما طلبه الشيخ بشير، ام نتهيئ لعض اصبعنا الرابع، ونتمنى ان يعود الزمان مرة اخرى؟.
هذا ما سوف نعرفة بعد الثاني عشر من ايار
ونتمنى من الشعب هذه المرة ان لا يقتل امنياته.