11 أبريل، 2024 6:01 ص
Search
Close this search box.

امنعوا زواج المتعة للمحافظة على النسيج العائلي

Facebook
Twitter
LinkedIn

من الأحكام الشريعة المهمة التي اعتنت بها الشريعة الإسلامية وأولتها كل الاهتمام من ناحية التشريع وبيان الأحكام هي قضية الزواج وأهميته في تكوين النسيج العائلي والاجتماعي حتى ذُكرت بذلك عدة آيات تبين الهدف والغرض من الزواج في الإسلام قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)الروم (آية21) وقال الحق سبحانه في آية أخرى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )الحجرات (آية49) وقوله أيضاً (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ واسِعٌ عَليمٌ ) النور(آية32) وغيرها من الآيات التي تحدثت عن الأسس والمبادئ الرئيسية في تكوين الأسرة والعائلة.

وأيضا حث النبي الأكرم وأهل بيته عليه وعليهم سلام الله في عدد من الروايات على أهمية الزواج قال صلى الله عليه واله (تزوجوا تناكحوا فاني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ) وروى الصدوق قال: قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: (مَا بُنِيَ بِنَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ التَّزْوِيجِ) وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ:(إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الْعُرْسُ، وَيُبْغِضُ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الطَّلَاقُ، وَمَا مِنْ شَيْء أَبْغَضَ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنَالطَّلَاقِ) وجعلت الشريعة الإسلامية للزواج كيفية خاصة وسنن وآداب في الخطبة وإعلان الزواج أمام الناس واستحباب الطعام في العرس وغيرها مما يشعرك بأهمية هذه القضية هذا بالنسبة إلى الزواج الدائم الذي يتعامل معه المشرع على إن في الحفاظ عليه حفاظ على روح الشريعة وكيان الإسلام ونسيجه الاجتماعي وهذا القسم لا خلاف في أهميته واستدامته.

وأما القسم الآخر من الزواج وهو الزواج المؤقت “المتعة” وهو مع كونه مشرّع من قبل الله سبحانه وتعالى كما في قوله:( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) النساء(آية24) وقد عُمل به أيضاً في زمن النبي (ص) من قبل الصحابة وتشهد على ذلك كثير من الروايات منها ما جاء في صحيح مسلم بسنده عن جابر بن عبد الله قال:( كنّا نستمتع بالقبضة من التمر أو الدقيق الأيّام على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وأبي بكر حتّى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث) وفي حديث أخر عن أبي نضرة قال:(كان ابن عبّاس يأمر بالمتعة ، وكان ابن الزبير ينهى عنها) وفي حديث عمران بن الحصين قال: (نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ، ولم تنزل بعدها آية تنسخها ، وأمرنا بها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وتمتّعنا بها ، ومات ولم ينهنا عنه ، ثمّ قال : رجل برأيه ما شاء) هذه من مصادر الجمهور.

وأما في مدرسة أهل البيت عليهم السلام فتنص على مشروعيّته كثير من الروايات والأحاديث وفي فضله وأجره في الدنيا والآخرة حتى عُدّ هذا الزواج من صفات المذهب الشيعي واخذَ القوم يُشهرون بنا بسببه مع أنهم قد فسحوا المجال اليوم لزيجات شبيه بزواج المتعة ولكن بأسماء مختلفة وأضافوا عليها بعض الرتوش والألقاب لكي يضفوا عليها الصفة الشريعة وما ذلك إلا لاحتياج عينات كثيرة في المجتمع لهذا الزواج أمثال أصحاب الدراسات في البلدان البيعة والتجار وللمغتربين في البلاد الأجنبية وغيرهم.

ومع إن لهذا الزواج أحاكمه الشريعة وشروطه وآدابه التي ذكرها الفقهاء في رسائل العملية وأبحاثهم العلمية, وما يقوم به هذا الزوج من إشباع غريزة الإنسان وسد أبواب الشيطان من الناحية الاجتماعية وهو ضرورة في بعض المجتمعات والبلدان كما تقدم, بل لا يُقتصر حكمه على سد الغريزة لدى الطرفين بل يتعداها إلى عوامل إنسانية واجتماعية أخرى يكون الزواج سببا فيها من قبيل تقديم المساعدات واحتواء العوائل والأرامل والأيتام وبنائهم بناءاً صحيحاً وسليماً من خلال مشروع الزواج المؤقت.

فان كثير من الإخوة المؤمنين يقومون بالزواج من هذه العوائل المحرومة ويعملون على سد احتياجاتهم ورعايتهم بما يرضي الله ورسوله وهذا من مصاديق عمل الخير والإحسان وأنا لا أريد الحديث عن هذه الجوانب الإنسانية في الزواج المؤقت وإنما أريد الحديث عن الجوانب الأخرى التي تحصل بسبب هذا الزواج وتكون سبباً في تحطيم النسيج العائلي للأسرة وتحول دون تمامها والتي تصل في بعض درجاتها إلى القتل والتشريد وهتك الحرمات وأزهاك الأنفس البريئة بسبب سوء وتصرف بعض المتزوجين.

إن من المسلمات في الشريعة الإسلامية هو إن الزوجة إذا كانت على ذمة رجل معين يحرم عليها الزواج من رجل آخر وهذا ما لا يختلف فيه أي دين سماوي, وأيضاً يحرم عليها الزواج من أي رجل أخر إذا كانت في أيام عدتها الشريعة من زواج دائم كان أو منقطع, فان المرأة إذا كانت في عدة طلاق وهي ثلاث قروء أي ما يقارب90يوم أو عدة وفاة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام فانه لا يصح العقد عليها خلال هذه الفترة, ولو عقد عليها شخص يقع العقد باطلاً لغواً لا يحلل المرأة للرجل وهذه المشكلة وهي العقد على المرأة وهي في ذمة رجل أخر أو في عدة الطلاق باتت تتفشى في مجتمعنا اليوم مع الأسف.

فإننا رصدنا حالات عدة من هذا القبيل, نجد بان المرأة على ذمة رجل بزواج منقطع وفي هذه الأثناء يتقدم لها رجل أخر ليخطبها من أهلها وما أن تحصل الموافقة تجري الزوجة العقد الشرعي مع الزوج الجديد وهي بعد لم تنفصل عن الزوج الأول أو انفصلت عنه ولكن بعد لم تكمل عدتها ولكنها لا تستطيع ان تخبر الزوج أو الأهل بذلك لخوفها على نفسها وسمعتها وما سوف تتعرض إليه فيما لو علموا أهلها بذلك الأمر

وبسبب هذا الخوف أو الإهمال تمضي الزوجة مع زوجها الثاني وهي تعلم بأنها محرمة عليه وهو لا يعلم بذلك ويواقعها وينجب منها أبناء وهذا أمر خطير يواجه عوائلنا اليوم ولابد لفقهانا من وقفت حزم وان

يمنعوا عقود الزواج المؤقت العشوائية لكي يحافظوا على سلامة النسيج العائلي والاجتماعي للمجتمع الإسلامي الذي يواجه التحديات من الداخل ومن الخارج .

ونقول للزوجة التي تقوم بهذا الفعل فالتعلم بان حسابها عسير أمام الله تعالى لان في كل مرة يقاربها زوجها الثاني تكون بحكم الزنا والعياذ بالله بالنسبة لها وأما حكم الزوج فانه جاهل بذلك الأمر فحكمه انه يطأ هذه المرأة بالشبة أي انه يشتبه بأنها زوجة له وبالتالي فلا أثم عليه ما مادام انه غير عالم بتلك المسألة ومتى ما علم تحرم عليه هذه الزوجة وأما حكم الأطفال فإنهم يلحقون بالزوج الثاني باعتبارهم أبناءه أيضا لنفس الحكم.

ولهذا السبب ومن باب إن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة ولو من باب الأحكام الثانوية التي تكون في بعض الموضوعات حاكمة على الأحكام الأولية فإننا نرجو من فقهائنا إن يمنعوا الناس من زواج المتعة وان يحرمه بصورة عامة ولا يجيزون ذلك إلا بإذن خاص يطلع فيه الفقيه عن سبب الزواج وأهدافه والغرض منه وإلا فان كثير من العوائل سوف تضيع بسبب سوء التصرف من قبل من يمارسون هذا الزواج اليوم, وهذا الأمر ليس ببعيد فانه ورد في الكافي عن عمار انه قال: (قال أبو عبد الله الصادق لي ولسليمان بن خالد “قد حرمتُ عليكما المتعة من قبلي مادمتما بالمدينة لأنكما تكثران الدخول علي، فأخاف أن تؤخذان, فيقال: هؤلاء أصحاب جعفر”).

وهذا الحديث خير شاهد ودليل على مراعاة المصالح في كثير من الأحكام الشرعية وتدقيقها راجع إلى الفقيه أو الحاكم الشرعي ليقدر حجم المصلحة في الفعل والترك في تلك الأعمال, وان زواج المتعة اليوم فيه الكثير من السلبيات وعلى مختلف المستويات والنواحي وما لم يقنن الفقيه هذا الأمر فان المسالة سوف تنعس سلباً على الدين والمذهب, وذلك لتحول كثير من عقود الزواج المنقطع إلى الدعارة والتجارة بالجسد والشرف ونحوها تحت مسمى الشرع والدين, فضلاً عن المحاذير العرفية التي تحصل بسببه في أوساطنا العشائرية لأنهم لا يفرقون بينه وبين حالات الزنا والاعتداء واللواط وغيرها من الجرائم في العقوبة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب