22 ديسمبر، 2024 6:42 م

امكانية تبادل الأفكار والمعلومات والفن واللغة وغيرها بين الدول وشعوبها من أجل تعزيز التفاهم المتبادل وبشكل ثقافي

امكانية تبادل الأفكار والمعلومات والفن واللغة وغيرها بين الدول وشعوبها من أجل تعزيز التفاهم المتبادل وبشكل ثقافي

الغرض من الدبلوماسية الثقافية أن يطور شعب دولة أجنبية فهمًا لمُثُل الأمة ومؤسساتها، في محاولة لبناء دعم واسع للأهداف الاقتصادية والسياسية. وفي جوهرها، تكشف الدبلوماسية الثقافية عن روح الأمة، التي بدورها تخلق التأثير. ومع تجاهلها في كثير من الأحيان، تستطيع الدبلوماسية الثقافية أن تؤدي دورًا مهمًا في تحقيق جهود الأمن الوطني.

الثقافة هي مجموعة من القيم والممارسات التي تخلق معنى للمجتمع. وهذا يشمل الثقافة العالية -الأدب والفن والتعليم، التي تروق للنخب- والثقافة الشعبية، التي تروق للجماهير. وهذا ما تسعى الحكومات إلى إظهاره للجمهور الأجنبي عند الانخراط في الدبلوماسية الثقافية. وهي نوع من القوة الناعمة، «القدرة على الحصول على ما تريد بالجذب بدلًا من الإكراه أو الدفع. وهي تنشأ من ثقافة البلد، ومُثله السياسية وسياساته». ما يشير إلى أن قيمة الثقافة هي قدرتها على جذب الأجانب إلى الأمة. والدبلوماسية الثقافية هي أيضًا عنصر من عناصر الدبلوماسية العامة. وتُعزز الدبلوماسية العامة بواسطة مجتمع وثقافة أكبر، وتساعد على «تضخيم هذا المجتمع والثقافة والإعلان عنها للعالم بأسره». ويمكن القول بأن عنصر المعلومات في الدبلوماسية العامة لا يكون فعالًا بالكامل إلا حال وجود علاقة تمنح المصداقية للمعلومات التي تُنقل. ويأتي هذا من المعرفة بثقافة الآخر. «وقد سميت الدبلوماسية الثقافية» المحور الأساسي للدبلوماسية العامة» لأن الأنشطة الثقافية لديها إمكانية إظهار أفضل ما في الأمة. وبهذه الطريقة، تكون الدبلوماسية الثقافية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالدبلوماسية العامة.

قال ريتشارد تي أرندت، متخصص سابق في الدبلوماسية الثقافية بوزارة الخارجية، إن «العلاقات الثقافية تنمو طبيعيًا، دون تدخل الحكومة، معاملات التجارة والسياحة وتدفقات الطلاب والاتصالات وتداول الكتب والهجرة والوصول إلى وسائل الإعلام والزواج المشترك، الملايين من اللقاءات بين الثقافات اليومية. وإذا كان هذا صحيحًا، فلا يمكن القول إن الدبلوماسية الثقافية تحدث فقط عندما يحاول الدبلوماسيون الرسميون، الذين يخدمون الحكومات الوطنية، تشكيل هذا التدفق الطبيعي وتوجيهه لتعزيز المصالح الوطنية». ومن المهم ملاحظة أنه في حين أن الدبلوماسية الثقافية هي نشاط حكومي، فإن القطاع الخاص يؤدي دورًا مهمًا في خلق الثقافة، أما الحكومة فتتولى تعريف الثقافة وتحديد تأثير هذا النمو في السياسات الوطنية. وتحاول الدبلوماسية الثقافية إدارة البيئة الدولية بواسطة الاستفادة من هذه المصادر والإنجازات والتعريف بها في الخارج. وجانب مهم من هذا هو الاستماع -الدبلوماسية الثقافية- يهدف إلى تبادل ثنائي الاتجاه، وإلى تعزيز التفاهم المتبادل، ومن ثم كسب التأثير داخل الدولة المستهدفة. وتستمد الدبلوماسية الثقافية مصداقيتها ليس من قربها من المؤسسات الحكومية، ولكن من قربها من السلطات الثقافية. يُنظر إليها بوصفها سلاحًا صامتًا في السيطرة على دولة أخرى باستخدام أساليب غير عنيفة لإدامة علاقة من التفاهم والدعم المتبادلين بين البلدان المعنية.

ويتمثل هدف الدبلوماسية الثقافية في التأثير على الجمهور الأجنبي، واستخدام هذا التأثير، الذي بُني على المدى الطويل، نوعًا من النيات الحسنة لكسب الدعم السياسي، ويسعى لتسخير عناصر الثقافة لحث الأجانب على:

امتلاك نظرة إيجابية عن شعب البلد وثقافته وسياساته.

تحفيز تعاون أكبر بين البلدين.

تغيير السياسات أو البيئة السياسية للدولة المستهدفة.

الحد من الصراع مع الدولة المستهدفة.

بالمقابل، قد تساعد الدبلوماسية الثقافية الأمة على فهم أفضل للأمة الأجنبية وتعزز التفاهم المتبادل. والدبلوماسية الثقافية هي طريقة لإدارة العلاقات الدولية دون توقع أي شيء في المقابل بالطريقة التي تتوقعها الدبلوماسية التقليدية عادةً. وتعمل وسائل التبادل وسيلةً لنقل انطباع إيجابي عن الدولة الأجنبية، لاكتساب فهم وموافقة الغرباء في ممارساتهم الثقافية وتطبيع وأعرافهم الاجتماعية بين الثقافات الأخرى.

تركز الدبلوماسية على المدى الطويل، وبدرجة أقل على مسائل سياسية محددة. الهدف هو بناء التأثير على المدى الطويل عند الحاجة إليه، بإشراك الناس مباشرةً. هذا التأثير له تداعيات تتراوح من الأمن القومي إلى زيادة السياحة والفرص التجارية. ويُسمح للحكومة بإنشاء «أساس من الثقة» والتفاهم المتبادل المحايد المبني على التواصل بين الناس. وعنصر آخر فريد ومهم من الدبلوماسية الثقافية هو قدرتها على الوصول إلى الشباب والعامة والجماهير خارج دوائر الدبلوماسية. باختصار، تزرع الدبلوماسية الثقافية بذور المُثُل العليا والأفكار والحجج السياسية والتطورات الروحية ووجهة نظر عامة للعالم، قد تزدهر أو لا تزدهر في دولة أجنبية. لذلك، فأن الأيديولوجيات التي تنشرها الدبلوماسية الثقافية حول القيم التي يؤمن بها الشعب الأمريكي، تُمكن من يسعون إلى حياة أفضل من التطلع نحو العالم الغربي، حيث تُصور السعادة والحرية بوصفهما هدفين مرغوبين وقابلين للتحقيق.

والدبلوماسية الثقافية بدايةً هي إظهار للقوة الوطنية، لأنها توضح للجماهير الأجنبية كل جانب من جوانب الثقافة، متضمنةً الثروة والتقدم العلمي والتكنولوجي والقدرة التنافسية في المجالات المختلفة، من الرياضة والصناعة إلى القوة العسكرية، والثقة الشاملة للأمة. من الواضح أن تصور القوة له تداعيات مهمة على قدرة الأمة على ضمان أمنها. ولأن الدبلوماسية الثقافية تتضمن الحجج السياسية والأيديولوجية، وتستخدم لغة الإقناع والدعوة، فيمكن استخدامها أداةً للحرب السياسية، والاستفادة منها لتحقيق الأهداف التقليدية للحرب. ونُقل عن ناشط صيني قوله «لقد شاهدنا الكثير من أفلام هوليوود، تعرض حفلات الزفاف والجنازات والذهاب إلى المحكمة. لذلك لن تشعر أنه من الغريب أن تذهب إلى المحكمة عدة مرات في حياتك». وهذا مثال على تصدير ثقافي قد يكون له تأثير خفي في النظام القانوني في الصين، الذي قد يفيد الولايات المتحدة أو أي دولة ترغب في رؤية الصين أكثر ديمقراطية. وبهذا تستطيع الأفكار والتصورات أن تؤثر في النهاية في قدرة الأمة على تحقيق أهداف الأمن القومي.

فيما يتعلق بالسياسة التي تدعم أهداف الأمن القومي، خلقت المعلومات عالمًا مترابطًا بتزايد، إذ تخلق التصورات العامة للقيم والدوافع بيئةً مواتية -أو معطلة- للحصول على دعم دولي للسياسات. ويدور الكفاح من أجل التأثير في التطورات الدولية المهمة بتزايد حول كسب الصراع المعلوماتي لتفسير أفعال الدول. إذا لم يُفسر الفعل في الخارج على النحو الذي قصدته الأمة، يصبح الفعل نفسه بلا معنى. وتساعد الدبلوماسية الثقافية على خلق بيئة تُستقبل فيها الأمة بوصفها جيدةً أساسًا، ما يساعد على تأطير أفعالها في ضوء إيجابي.

غالبًا ما يكون لدى المشاركين في الدبلوماسية الثقافية نظرة ثاقبة حول المواقف الأجنبية التي لا يمتلكها الدبلوماسيون الرسميون، ما يمكن استخدامه لفهم نيات أمة أجنبية وقدراتها فهمًا أفضل. ويمكن استخدامه لمواجهة الدعاية العدائية وجمع المعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر.

عمومًا، للدبلوماسية الثقافية القدرة على إظهار القوة الوطنية، وخلق بيئة مواتية للدعم، والمساعدة على جمع المعلومات وتفسيرها، ما يساعد على تعزيز الثقافة، ويعزز مكانة الأمة، ويساعد على حشد الدعم السياسي في الخارج. وتؤثر كل هذه العوامل في أمن الأمة، وعلى هذا، فإن للدبلوماسية الثقافية تأثير في الأمن القومي.

 

أخذت الدبلوماسية الثقافية مساحة واسعة من الاهتمام في السنوات الأخيرة، نتيجة تزايد الجدل حول ما طرحه الأكاديمي الأمريكي جوزيف ناي عن “القوة الناعمة”، وبداية النظر إلى “الثقافة” كواحدة من محددات السياسة الخارجية لأي بلد.

وكان التعاون الثقافي بين البلدان في السابق خاضعًا في تناوله لمفهوم التبادل أكثر من أي شيء آخر. فالمبادلات الثقافية تنمو وتتطور عادة خارج نطاق عمل الحكومات، عبر السياحة، الزواج المختلط، والأدب واللغات، والفنون. لكن هذه العناصر لا تكتسب صفة الدبلوماسية، ولا تدخل في تشكيل القوة الناعمة لبلد معين إلا حين تندمج في سياق برامج واستراتيجيات محددة في خدمة المصالح الوطنية. فالدبلوماسية الثقافية بهذا المعنى تعني توظيف عناصر عدة من الثقافة للتأثير في الجماهير الأجنبية، وصناع الرأي، والقادة والنخب المؤثرة. وتقتضي استغلال الفرص التي تتيحها قطاعات عديدة من بينها الفنون، والتعليم، والأفكار، والتاريخ، والعلوم والدين، لقولبة أفكار وانطباعات وتمثلات معينة].

ووفقًا لتقدير أحد الباحثين، فإنه يمكن فهم “الدبلوماسية الثقافية”، على مستوى النشاط، بأنها نوع من المزج أو التفاعل التكاملي بين مـا يسميه جـوزيـف س. نـاي”القـوة الناعمة”soft power التي تعني القدرة على تحقيق الأهداف عن طريق جاذبية الثقافة بدلا الضغط والإرغام، وبين “الدبلوماسية العامة” public diplomacy التي ترعاها الحكومة، وتهدف إلى إعلام الجماهير أو التأثير في الرأي العام في بلدان أخرى].

ولذلك تلعب الدبلوماسية الثقافية دورًا في تعزيز قرار السياسة الخارجية للدولة والتي تتعامل عادة مع ثلاثة أبعاد رئيسة: أولها، “البعد السياسي، ويتناول كل ما يتعلق بإدامة ونمو الكيان السياسي للدولة في إطار علاقات الصراع والتعاون بين أطراف المجتمع الدولي. والبعد الثاني، تمثل في الجانب الاقتصادي عندما تطورت علاقات الأمم فيما بينها لتصبح الاعتمادية المتبادلة لتلبية الاحتياجات المعاشية شكلا من أشكال النظام الدولي. وثالث هذه الأبعاد هو الجانب الثقافي الذي يعبر عن إحساس الشعوب والنخب الحاكمة بأن ثقافتها ومبتكراتها هي من المنجزات الإنسانية الحضارية وجزء من عوامل قوة الدولة المضافة التي تساهم في تعزيز سياستها الخارجية التي تسعى من خلالها لتحقيق المكانة والمنزلة الدولية، وباتت ترتبط بتخطيط شامل ومبرمج من قبل صناع السياسة الخارجية للدولة]

ومن المفارقات الملفتة للنظر أن الالتفات إلى فاعلية مؤسسات الدبلوماسية الثقافية بدأ أولًا من قلب الدول ذات الميراث الاستعماري الطويل والتي تمتلك في الوقت ذاته رصيدًا حضاريًا لا غنى عنه، حيث كانت الثقافة واحدة من أدوات “الهيمنة” أو تعزيز التأثير في سياق المنافسة مع دول أخرى. ولا يتنافى هذا مع الرأي الذي يعتبر الدبلوماسية الثقافية كممارسة بدأت منذ تاريخ قديم، حيث ينظر البعض إلى مجال عمل المستكشفين والرحالة، والتجار، والمعلمين، وطلبة العلم، والفنانين، وغيرهم، كأمثلة للسفراء أو الدبلوماسيين الثقافيين الذين أوجدوا التفاعل الحي بين الثقافات. وحسب هذا النهج، كانت الدبلوماسية الثقافية أداة من أدوات السياسة الخارجية قبل أن تعرف الدبلوماسية بمفهومها الحديث. وفي العادة، يؤرخ لها مع ظهور أولى مؤسسات الدبلوماسية الثقافية ضمن الهيكلية الحكومية في فرنسا منتصف القرن التاسع عشر.

وحاليًا، لدى فرنسا، كما يشير الموقع الرسمي للمركز الثقافي الفرنسي في القاهرة، نحو 101 معهد فرنسي، 125 فرعًا للمعاهد الفرنسية على اختلاف أنواعها تعمل كلها على نشر “الفرانكفوانية” التي تتجاوز حدود التعامل باللغة الفرنسية. ولا تزال فرنسا من بين أكثر الدول إنفاقًا في مجال التعاون الثقافي الخارجي. أما ألمانيا فقد أسست في عام 1951 معهد جوتة ومقره الرئيسي في ميونيخ، ويعمل الآن في نحو 80 بلدًا. أما بريطانيا ذات الإرث الاستعماري الطويل، فقد أسست المجلس الثقافي البريطاني عام 1934، حيث يعمل حاليًا في أكثر من 100 دولة على تعزيز المعرفة بالمملكة المتحدة وباللغة الإنجليزية، في حين أسست الولايات المتحدة الأمريكية برنامجها الثقافي الرسمي عام 1938.

وتقدم سويسرا نموذجًا مختلفًا لكونها بلدًا ليست لديه خبرات استعمارية، وهو غير متورط أيضًا في نزاعات سياسية من أي نوع، ومع ذلك أسست سويسرا حوالي 10 مكاتب للمؤسسة الثقافية السويسرية “بروهلفستيا” حول العالم للعمل على تعزيز التبادل الفني والثقافي بين سويسرا والعديد من دول العالم من أجل زيادة الوعي بالثقافة السويسرية، وتوطيد العلاقات مع المنظمين المحليين لتطوير ورعاية شراكات طويلة المدى، وطرح مشروعات إنتاج مشترك مع الفنانين من المناطق المعنية، إلى جانب برامج الإقامة الفنية.]

وتشير هذه النماذج إلى عمق الوعي بدور الثقافة في تعزيز الدور السياسي. ويكاد يكون من الأمور المعتادة اليوم استحداث دوائر للعلاقات الثقافية في إطار هيكلية وزارات الخارجية، في حين ظهر مفهوم “الدبلوماسية الثقافية الجماعية” أو “الدولية” منذ مطلع العقد الثالث من القرن الماضي عندما أنشات عصبة الأمم “مركز التعاون الفكري” في باريس، وفي العام 1945 أنشات الأمم المتحدة منظمة اليونسكو التي مازالت تنسق النشاط الثقافي الدولي إلى حد الآن.

وأعطت صراعات الحرب الباردة في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، نماذج لافتة للنظر في قياس التأثير الواسع للعامل الثقافي وتقاطعه مع السياسي لحد استعماله كأداة من أدوات الاختراق والتجسس؛ فقد سعت واشنطن لكسب حرب الأفكار ومنع الدعاية الشيوعية من خلال استمالة نخب وجماهير أوسع، وترويج قيمها البراقة حول لليبرالية، وذلك عبر إتاحة منتجاتها الفنية الواسعة الانتشار، وبمؤسسات إعلامية موجهة للتبشير بالحرية والديموقراطية، وتجنيد فكري لنخب مثقفة مؤثرة في الرأي العام، بإحداث مراكز ومؤسسات ثقافية أمريكية. وكذا برامج للمنح الجامعية وغيرها، لنسف محاولات مضادة لنشر الأيديولوجيا الشيوعية. ومن جهة أخرى، فعل الاتحاد السوفيتي الشيء ذاته للحد من تأثير الثقافة الأمريكية في العالم.

وفي كتابه الشهير عن القوة الناعمة كانأهم ما تحدث عنه جوزيف ناي دور الثقافة النخبوية في إنتاج القوة الناعمة، حيث تعرض لأهمية المبادلات الأكاديمية والعلمية، وكيف أن الكثير من العلماء السوفييت الذين زاروا الولايات المتحدة قد تأثروا بالأفكار الأميركية وأصبحوا لاحقًا ناشطين في حركات حقوق الإنسان في الاتحاد السوفييتي. بعد ذلك تحدث ناي عن دور الثقافة الجماهيرية المتمثلة في الأفلام والأغاني والرياضة وما إلى ذلك، مما يبثّ القيم الأميركية حتى وإن بدت سطحية مبتذلة. ولا يمكننا أبدًا التقليل من تأثير هوليوود “فالصور كثيرًا ما تنقل القيم بصورة أقوى مما تفعل الكلمات، وهوليود هي أكبر مروّج ومصدّر للرموز البصرية”.]

ومما أشار إليه ناي أنّ هذه الثقافة الشعبية هي التي تغلبت بقيم الحرية والديمقراطية والليبرالية والشبابية على مدّ الفكر الشيوعي، وهي التي اخترقت جدار برلين بزمن طويل قبل سقوطه. وفي الصين يذكر الكاتب مثالًا لإحدى المُعارِضات التي كانت تدندن بأغاني (بوب ديلان) في رأسها عندما تُجبر على الاستماع إلى الخطب الشيوعية، وكذلك أفلام هوليود المهربة التي دغدغت رغبة الشباب الصيني في إحداث التغيير والانفتاح السياسي.

وهناك العديد من الكتب التي بحثت في النشاط الأمريكي ودوره في تجنيد العديد من مثقفي العالم استخباراتيا لعل أشهرها كتاب “من يدفع للزمار”، الذي يشير لوجود مؤسسات وهمية وتمويل سري ضخم وحملة إقناع هائلة نظمتها الولايت المتحدة في حرب دعاية ضارية خططت لها وأدارتها “منظمة الحرية الثقافية” Congress for Cultural Freedomالتي كانت بمثابة وزارة غير رسمية للثقافة الأمريكية، أو لتكون “الزمار” الذي تدفع له وكالة المخابرات المركزية الأمريكيةCIA ثمن ما تطلبه من ألحان خلال تلك الفترة.

وبعد نهاية الحرب الباردة، واعتبارًا من منتصف تسعينيات القرن الماضي، بدأت بعض بوادر الانعزالية الجديدة والدعوة إلى تقليص التدخلات والامتدادات الخارجية تخيم على السلوك الخارجي الأمريكي بما في ذلك في المجال الثقافي، حيث تم تقليص الاعتمادات الخاصة بمجالات الدبلوماسية العامة، والمبادلات الثقافية، وأُغلقت بعض المراكز الأمريكية، لكن تواصلت شكوى أنصار القوة الناعمة الذين انتقدوا انسحابية واشنطن من ساحة تحقيق الامتياز المعنوي وكسب حرب الصورة.]

وتتحدث بعض الدوائر في الوقت الحاضر عن “هيمنة ناعمة” تمارسها الصين، وتعتبرها أداة من أبرز أدوات دعم سياستها الخارجية وتأكيد نفوذها الاقتصادي المتنامي. وبالتالي لم يعد مفهوم القوة الناعمة غريبًا على القاموس السياسي الصيني. لقد أبرز التقرير السياسي للمؤتمر 16 للحزب الشيوعي الصيني عام 2002 أنه: “في عالم اليوم، تشتبك الثقافة مع الاقتصاد والسياسة، مما يبرهن على أنها تحتل مكانة أكبر ودور أكثر أهمية في السباق من أجل نفوذ وطني شامل].

وفي تقرير عمل الحكومة الصينية وخطتها في العام 2015 وردت العبارة التالية: “يجب توسيع التبادلات الثقافية بين الصين والدول الأجنبية، وتعزيز بناء قدرة النشر الدولي”. هذه الكلمات جاءت ضمن تقرير عمل الحكومة الصينية وخطتها لعام 2015، الذى قرأه “لى كى تشيانج”، رئيس مجلس الدولة (الوزراء) الصيني، أمام الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطنى لنواب الشعب، أعلى سلطة تشريعية فى الصين، لتؤكد اتجاه الصين نحو انتهاج ما يمكن تسميته بــ”الدبلوماسية الثقافية” لزيادة تأثيرها حول العالم، واحتلال مكانتها كدولة كبرى، وهي لا تتوقف عند المراكز الثقافية التى يتم إنشاؤها بالدول المختلفة، بل تشمل أيضًا أعمال عدد كبير من المنظمات غير الحكومية، التى تعمل بدعم ومساندة الحكومة الصينية، وتقوم بتنفيذ برامج تبادل ثقافية بين الصين والدول المختلفة. ومن هذه المؤسسات الجمعية الصينية للدبلوماسية العامة، التى تأسست قبل عامين تقريبًا وتستضيف عددًا من الصحفيين والإعلاميين الأفارقة فى برنامج تعليمي وتدريبي شامل للتعرف على الثقافة والحضارة، وتعلم اللغة الصينية، والتعرف عن قرب على المجتمع الصيني]

مثل العديد من المصطلحات المتداولة في مجال السياسة الخارجية تعاني الدبلوماسية الثقافية من أزمة تعريف المصطلحات، ولعل أفضل تعريف هو ما يقترحه الباحث الأمريكي ميلتون سي كامينغز، معتبرًا الدبلوماسية الثقافية “هي تبادل المعلومات والأفكار والقيم والنظم والتقاليد والمعتقدات، وغيرها من جوانب الثقافة، بقصد تعزيز التفاهم المتبادل”.

ومن هذا المنطلق، يمكن تحديد الخيط أو الخط الفاصل بين مفهوم “الدبلوماسية الثقافية” ومفهوم “الهيمنة” أو “الإمبريالية الثقافية”؛ فالتعريف الأول يتصف بالأخلاقية التي تمنحه قيمة معنوية، وإذا كانت السياسة الإمبريالية “تستهدف قلب الوضع القائم والقيام بمراجعة علاقات القوى، فإن الإمبريالية الثقافية هي “محاولة للغزو والسيطرة على عقول الناس”، إنها شكل من أشكال “استعمار العقل”.

والواقع إن محاولة السيطرة على العقول تعكس الميول البراغماتية والأساليب اللاأخلاقية؛ فالدبلوماسية الثقافية، بوصفها وسيلة معيارية تشترط مبدأ التفاهم، وتستند إلى أسس سياسية أخلاقيةـ معنوية، وتمارس التأثير بطرق تبدو مشروعة، في حين تبدو الإمبريالية الثقافية أداة خارجية ذات قـوة ثقافية خفية يتم تسخيرها مـن جـهـة للتوظيف السياسي، خدمة للمصلحة الوطنية المطلقة على حساب الآخرين، وذلك في إطار من النزعة البراجماتية].

وجاءت العولمة على مختلف أشكالها لتعزز من هذا التعريف، كما جاءت أيضًا لتضع مفهوم “النسبية الثقافية” أو “الخصوصيات القومية” على محك الاختبار. وثمة من يعتبر الدبلوماسية الثقافية، “ضرورة لمواجهة إيقاع الضغوط الذي أصبح أكثر تسارعًا وسطوة، وسلطان الصورة المعولمة الزاحفة عبر الفضاء التي صارت بديلًا عن الخطاب السياسي أو حتى الصحيفة]

وفي “عالم ماك الذي نعيشه اليوم وهو نتاج ثقافة تحركها التجارة التوسعية، قالبه أميركي وطابعة الترف، وسلعه هي الصور إلى جانب المعدات، وخطوط الجمال إلى جوار خطوط الإنتاج، فالأمر يتعلق بالثقافة بوصفها سلعة، وبالملابس بصفتها أيديولوجيا.

وفي هذا العالم تتنازل السلطة الدائمة عن موقعها للسلطة العابرة، فيما تتحول الأيديولوجيا إلى نوع من الفيديولوجيات. و”الفيديولوجيا” أكثر غموضًا من الأيديولوجيا أو أقل تشددًا، وهي لذلك أكثر نجاحًا في بث القيم المحدثة اللازمة لنجاح الأسواق الكونية. ففيما تعامل الاقتصاد القديم الذي يعكس “القوة” في “السلع الصلبة” التي تستهدف الجسم، يعتمد الاقتصاد الجديد الذي يعكس “القوة اللينة” على الخدمات اللينة التي تستهدف العقل والروح. وهكذا تلازم قيام “عالم ماك” مع النمو الأسطوري لصناعة الإعلان. أما أساس أيديولوجيا “عالم ماك” فهو اقتصاد خدمات المعلومات وصناعة الترفيه والاتصال الجديدة التي لا تتجاهل الروح، وإنما تعيد تفكيكها وتجميعها من جديد، فهذه الروح بين أياديها تصبح آلة استهلاك أكثر كفاءة. وبطبيعة الحال واجه هذا النمط المعولم نوعًا من الجهاد ليس مقصورًا على الجهاد الإسلامي بالمعنى الذي نعرفه، وإنما يعني الحركات الساعية إلى تأكيد الخصوصية القومية والهوية عبر آليات عنيفة، وأحيانًا عبر إلغاء الآخر، وهو جهاد تفشى من خلال نماذج الحركات الجهادية والأصولية والداعشية في السنوات الخمس الأخيرة. ومن ثم، ازدادت الحاجة للدبلوماسية الثقافية أكثر من أي وقت مضى، أو ربما أضحت هى “الفريضة الغائبة” الحقيقية

الدبلوماسية الثقافية تطور العلاقات بين البلدان

قد تستفيد الدبلوماسية الثقافية من كل جوانب ثقافة الأمة، متضمنةً:

الفنون، متضمنةً الأفلام والرقص والموسيقى والرسم والنحت، إلخ.

المعارض التي تتيح إمكانية عرض العديد من المواضيع الثقافية.

البرامج التعليمية مثل الجامعات وبرامج اللغات بالخارج.

التبادلات العلمية والفنية والتعليمية، إلخ.

الأدب، إنشاء مكتبات في الخارج وترجمة الأعمال الشعبية والوطنية.

بث الأخبار والبرامج الثقافية.

الهدايا تعبيرًا عن التقدير والاحترام.

الدبلوماسية الدينية، متضمنةً الحوار بين الأديان.

ترويج الأفكار والسياسات الاجتماعية وتفسيرها.

تسعى كل هذه الأدوات إلى فهم ثقافة الأمة للجمهور الأجنبي. وتعمل عملًا أفضل عندما تثبت اتصالها بالجمهور المستهدف، ما يتطلب فهمًا للجمهور. ويمكن استخدام هذه الأدوات بالعمل عبر المنظمات غير الحكومية والمهاجرين والأحزاب السياسية في الخارج، ما قد يساعد على مواجهة تحدي التواصل والفهم. ولا تُنشئ الحكومة هذه الأدوات مباشرةً، بل تُنتجها الأوساط الثقافية، وتيسر الحكومة وصولها إلى الجمهور الأجنبي، بهدف كسب التأثير.

تُصنف الدبلوماسية الثقافية على انها عنصراً من عناصر الدبلوماسية العامة، وهي شكل من أشكال تبادل المعلومات وترويج الفنون والجوانب الأخرى للثقافة بين الأمم، فمنذ بداية القرن التاسع عشر عملت معظم البلدان وبأساليب وطرق منظمة على انتهاج سياسة ثقافية خارجية واعية تهدف إلى تنفيذ مهام سياساتها الخارجية. أدى ذلك كله إلى ظهور شكل جديد من أشكال الدبلوماسية يعرف بالدبلوماسية الثقافية.

ويتم تعريف الدبلوماسية الثقافية من قبل الباحثين كامينغز على أنها تبادل للأفكار والمعلومات والفن وغيرها من جوانب الثقافة بين الأمم لتعزيز التفاهم المتبادل، وتشكل عنصراً هاما في الجهود الدبلوماسية الأوسع نطاقا، وتحتوي ببساطة على كل ما تفعله الأمة لتعريف نفسها بالعالم.

ونظرًا لجوهر الدبلوماسية الثقافية التي تسمح للدول أن تتقاسم أشكال التعبير الإبداعي الخاصة بها، فهي مرنة بشكل طبيعي، وبالتالي يمكن أن تكون واحدة من أكثر الأدوات الدبلوماسية فعالية، ومثال حقيقي لما يسمى باليوم بالقوة الناعمة، أي القدرة على الإقناع والتأثير عبر الثقافة والقيم والأفكار، بدلاً من القوة الصلبة، التي يتم اكتسابها وتنفيذها من خلال العمليات العسكرية.

فعلى سبيل المثال يستخدم الاتحاد الأوروبي الثقافة لدعم إمكانات القوة الناعمة لديه، لتوليد حسن النية، وتأطير جدول الأعمال الدولي بطرق معينة، وإقامة أو إعادة تمثيل الحدود أو إنشاء روابط مجتمعية عبرها. وفقًا لـ J. Nye: الدبلوماسية الثقافية هي أفضل مثال على القوة الناعمة، أي إمكانية التواصل عبر القيم الثقافية والأفكار. علاوة على ذلك، إنها القدرة على تحقيق ما هو مرغوب فيه بدلاً من الجاذبية أو الإكراه. إنه نتيجة جاذبية ثقافة معينة، ومثل سياسية، وجوهر سياسة بلد معين. وبالتالي، فإن الدبلوماسية الثقافية الأوروبية هي عنصر مهم في علاقات الاتحاد الأوروبي مع بقية العالم، وبالتالي تلعب دورا في تشكيل سمعة الاتحاد الأوروبي وممارسة المصالح السياسية.

الدبلوماسية الثقافية يمكن أن تشمل برامج التبادل الأكاديمي والمهني والثقافي وبرامج الطلاب، والمؤتمرات والمحاضرات حول المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، والأدب، وصناعة الأفلام، والفنون المسرحية، والمعارض الفنية والعروض، بالإضافة إلى حفلات الرقص والموسيقى.

أدوات وأساليب الدبلوماسية الثقافية

للإجابة على السؤال حول كيفية استخدام أدوات وأساليب الدبلوماسية الثقافية، ومدى المساعدة في تحقيق الأهداف الدولية وما هي وظائفها، يمكننا أن نخلص إلى أن أهمية الثقافة آخذة في الارتفاع في مجال الشؤون الخارجية، وإن دورها في هذا المجال لا يزال أحد أكثر جوانب السياسة التي لم تخضع للدراسة.

ويعتبر الإعلام بما في ذلك الإعلام الحديث (وسائل التواصل الاجتماعي) الذي يُفهم على أنه وسيلة لنقل المعلومات هو عنصر أساسي في الاتصال السياسي، وأنه بمثابة حزام النقل في الحوار بين المحكومين والحكام ويستخدمه كلا الطرفين كأداة للتفاعل المتبادل، ويجب التأكيد على أن دوره لا يقتصر على البعد الداخلي للسياسة فحسب، بل يشمل أيضًا مجال العلاقات الدولية، ومن هذا المنظور، يمكن اعتبار وسائل الإعلام ككيان يقوم بتشكيل السياسة الخارجية للدول وأداتها. وترتبط الأهمية المتزايدة لوسائل الإعلام في العلاقات الدولية بشكل خاص بتطوير وسائل الإعلام. الفنون

في الخمسينيات من القرن العشرين، كان للاتحاد السوفيتي سمعة اقترنت بالسلام، والتضامن الطبقي الدولي، والتقدم نظرًا لتقديمه الدعم للحركات الثورية التحررية المحلية. في حين ارتبطت سمعة الولايات المتحدة بمشاركتها في الحرب الكورية والمحافظة على الوضع القائم حينذاك. سعيًا منها لتغيير ذلك التصور، عمِدت وكالة الولايات المتحدة للمعلومات الأمريكية إلى رعاية معرض تصوير فوتوغرافي تحت عنوان العائلة الإنسانية. عُقِد العرض الأصلي في متحف الفن الحديث في مدينة نيويورك، ولكن لاحقًا ساعادت وكالة الولايات المتحدة للمعلومات في عقده في 91 موقعًا في 39 دولة. نسّق إدوارد ستايشن الصور البالغ عددها 503 والتي التقطها 237 مصورًا من المحترفين والهواة على حد سواء. وأظهرت الصور لقطاتٍ عن الحياة اليومية للإنسان في مراحلها المختلفة: في حالات التغزل، والولادة، وتربية الأبناء، والعمل، والتعبير عن الذات، وغير ذلك، وضمت كذلك صورًا من الكساد الكبير. كان الطابع متعدد الثقافات غالبًا على معظم الصور، في حين حملَ القليل منها رسائل سياسية صريحة تُظهر الانتقائية والتنوع في الثقافة الأمريكية، والتي شكّلت أساس القوة الناعمة لأمريكا. حظي العرض بشعبية جارفة، وجذب أعدادًا كبيرة من المشاهدين، وباختصار فإن أمريكا قد «قدّمت للعالم صورةً عن العالم، ونالت الفضل في ذلك».

حاولت وزارة الخارجية الأمريكية تقديم تجربة مماثلة في في فبراير 2002 بعنوان «صور من غراوند زيرو». تألف العرض من 27 صورة توضح هجمات 11 سبتمبر بالتفصيل، ونسّق جويل مايرويتز الصورَ التي عُرِضت في 60 دولة، بدعم من السفارات والقنصليات الأمريكية. تمثّل الهدف من العرض في صياغة ذاكرة جمعيّة للهجوم ونتائجه، وإبقائها ذكراه حية. سعى العرض إلى التركيز على الجانب الإنساني من المأساة، ولم يقتصر على دمار المباني فحسب. وهدِف العرض كذلك إلى إظهار سردية التعافي والتصميم عبر توثيق مشاعر الحزن والألم من جهة، وجهود الإنقاذ من جهة أخرى. في العديد من البلدان التي عُرضت فيها الصور، عُمِد إلى تقديمها بطريقة تخاطب الجمهور المحلي المستهدف. على سبيل المثال، غالبًا ما وُجّهت دعوات لأقارب ممّن قضَوا في دمار الأبراج لحضور افتتاح المعرض. وبهذه الطريقة، تمكنت الولايات المتحدة من إضفاء بصمتها على المأساة ومنع العالم من نسيان الحادثة.

وخلال حقبة الحرب الباردة، غالبًا ما لجأت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إلى استخدام المعارض لإظهار الثقافة والتقدم. في العام 1959، أقيم المعرض القومي الأمريكي في متنزه سوكولنيكي في موسكو. افتتح المعرض نائب الرئيس الأمريكيي ريتشارد نيكسون، وحضره والت ديزني، وريتشارد بوكمينستر فولر، وويليام راندولف هيرست، وكبار المديرين التنفيذيين في شركات بيبسي، وكوداك، وميسيز. أظهر المعرض المنتجات الاستهلاكية الأمريكية، والسيارات، والقوارب، وأجهزة التلفزيون الملونة، والطعام، والألبسة، وغيرها، بالإضافة إلى عينات من السلع الأمريكية مثل بيبسي. كما وُجد داخل المعرض مطبخ أمريكي نموذجي، حيث تمكّن الزوار من مشاهدة إعداد وجبة مجمدة من ماركة بيردز آي. وقد برمجت شركة آي بي إم حاسوبًا للإجابة باللغة الروسية على 3500 سؤال متعلق بأمريكا. وكان السؤال الأكثر ترددًا هو «ما معنى الحلم الأمريكي؟».

وتعتمد الدبلوماسية دائمًا على الحوار، عادةً بين البلدين، والحوار هو عنصر أساسي للنجاح على طريق حل النزاع، سواء كان الصراع متجذرًا في التاريخ أو نتيجة للظروف الحالية، فمن المهم التقريب بين الجانبين. في الحالات التي لا ترغب فيها الحكومات أو لا تستطيع الدخول في حوار، ومن المهم إشراك أطراف من القطاع غير الحكومي. يمكن للمشاريع الثقافية العامة التي يفهمها الجميع أن تكون طرقًا فعالة للتعاون بين البلدان وحل النزاعات، ومهما كان النزاع، فإن الاستثمار في الحوار يستحق كل جهد دائمًا.

والدولي أو الأكاديمي بين الدول والشعوب فعندما تسافر إلى دولة أخرى تمثل منظمتك أو مشروعك أو للدراسة، فأنت بالفعل دبلوماسي ثقافي، ويشكل المجتمع الجديد الذي تعيش فيه رأيًا في بلدك واستخلاص استنتاجات بناءً على تصرفاتك أفعالك.

وتعتبر الدبلوماسية الثقافية، في عصرنا الراهن وبالرغم من أنها أداة دبلوماسية غير مدروسة بصورة جيدة، بشكل عام واحدة من أهم مكونات الدبلوماسية العامة وأكثرها تأثيراً، وعند فهمها بشكل أفضل، يمكن أن تصبح أداة أقوى بكثير لتحسين صورة البلد وعلاقاته مع البلدان الأخرى. وقد تساهم أيضًا في بناء الدولة المحلية.