23 ديسمبر، 2024 8:48 م

امض أبا إسراء في صفقة السلاح الروسي ولا يهمّك في هذا الموضوع بالذات نعيق الناعقين !

امض أبا إسراء في صفقة السلاح الروسي ولا يهمّك في هذا الموضوع بالذات نعيق الناعقين !

ما يهمّني هو العراق , وهو همّ الهموم بالنسبة لي أو بالنسبة للغالبيّة العظمى من الشعب العراقي , فالعراق بالنسبة لنا معنويّاً وحيوَنيّاً هو بلد أبو الحضارات وأبو الثقافات وواضع أسسها جميعاً وهو أبو الثروات وأبو الخيرات الّتي “أشبعت عيني” شعبه مبكّراً قبل أن تشبع عيون شعوب الأرض بأمدٍ طويل وسحيق و لذا فلا يمكن أن يكون شعب العراق مبدّد للثروات لأجل النزوات أو التمتّع بها دون هدف إنساني صحيح لا كما تفعل شعوب حديثة نعمة تضيع سلوكيّاتها وقيمها هي وثرواتها وسط شراهة في الاستهلاك وتقضى أجلها بموت طبيعي على فراش الموت أو في إحدى المستشفيات الفخمة في بلدان الغرب .. العراقي في عمقه , مهما تراه جائعاً ومحتاجاً , فإنّ ملامح وقسمات وجهه تكاد تنطق كثيراً معبّرة بعيداً أبعد من جوع أواحتياج يقرأها جيّداً خبراء مختصّون بالسلوك العراقي الأكثر تحضّراً في العالم ,عبر تقاريرهم السرسريّة ..  أقصد السرّيّة ؛ تقول : “احتياج العراقي في مثل تلك اللحظات إلى طعام إنّما ليُسند به بدنه لمواصلة مشواره بما يشغل باله ! , وكأنّ العراقي يقول “لست متفرّغاً لك أيّها الجوع” ! , ولهذا تمّ فرض الحصار عليه بقوّة وبضغط كبيرين بعد أن وَعِيَ سلوكيّاته جيّداً قرّاء ثقوب خرائط التوجيه الهوليودي الّتي تبصر منها أميركا بعيونها لمراقبة سلوكيّات شعوب العالم بأمل إخراج العراقي من معادلته تلك إلى معادلة أخرى سَدّ الجوع فيها يكون شغله الشاغل لأجل أن يبقى على قيد الحياة .. فقط ! ..

وحتّى لا يذهب تفكير البعض بعيداً أو يتصوّر أنّني منحاز بعنوان المقال هذا إلى رئيس الحكومة بسمارك .. عفواً أقصد السيّد نوري المالكي .. رغم أنّ العنوان يعبّر عن صواب ما أدعو إليه رغم قناعتي الخاصّة بأنّ السيّد نوري المالكي متّهم ومطلوب للمحاكمة والمثول بين يدي القضاء العراقي  , أقصد القضاء الغير مسيّس , لمواجهة عدّة تهم خطرة مسجّلة بحقّه يتكلّم بها الشارع العراقي ليل نهار سواء بسواء مع حديثه عن الغلاء الفاحش الّذي يضرب السوق العراقي من جميع جوانبه خاصّة بعد إعلان السيّد المالكي عن إلغاء الحصّة التموينيّة , وباتوا يعلنوها صراحةّ  “لو باقين على الحصار وحصّته التموينيّة الّلي جان يفيض منها الكثير ونبيعه بالأسواق علاوةً على كيلو لحم الخروف الّلي جان نبتاعه بما قيمته دولار واحد وما جانت أكو بطالة !” وعن كثرة اليتامى والأرامل المسروقة حقوقهم , يرى فيها الشارع “الملفّات الّتي يتستّر عليها المالكي باعترافه هو نفسه” انسداد أفق مستقبل البلد ما لم يتمّ حسمها  “أخاف بعده مايدري سعادته ولم يوصل له أحداً من المقيمين الدائميين حوله احتقان المواطن العراقي ضدّه وغليانه من سياساته المدمّرة للعراق !” .. أولاها :ـ

مسؤوليّته الكاملة والمباشرة عن مقتل عشرات الآلاف من العراقيين بسبب عطب أجهزته الأمنيّة رغم عشرات المليارات الّتي يتمّ بذخها عليها تستقطع من أفواه الشعب العراقي تصرف على أكثر من مليون ونصف المليون جندي ورجل أمن اشتهر قادتها بمداهمات بيوت الشعب نفسه بدل مداهمة من يعتدي على حدوده ليل نهار من دول الجوار  ومن دون أن يحمل السيّد المالكي ذلك على إعلان فشله الأمني في قيادة العراق فيستقيل من منصبه , ولو فعلها حينها :ـ

 لكسب أهدافاً سامية تبقى في نفوس العراقيين خالدة من الصعب جدّاً حصول السيّد المالكي عليها لو بقي رئيسا للعراق طيلة حياته حتّى وإن امتدّ به العمر مئات السنين بسياسته المتنافرة وطموحات الشعب هذه والّتي ينتهجها الآن ولسجّلت له سابقة سياسيّة في العراق تُسهم في إقناع سياسيّوا الدّاخل من هم عيونهم على بلدانهم الأصليّة في الخارج ؛ أنّ العمل السياسي ليس مناصب ومكاسب بل تكليف وهموم وتضحيات تصل إلى الموت أحياناً .. وثانياً :ـ

 لأصبح مثله الّذي كان عليه أن يضربه للعراقيين بمثابة “سُنّة” سياسيّة حسنة تضاهي إن لم تزد على سنّة الحسن “ع” بتنازله عن مطالبه حقناً لدماء المسلمين , توضع مبادرته لو حصلت حينها كمقياس أمام عيون الشعب واجبة “التقليد” :

ولاستطاع حشر الساسة في طابور خدمة العراق

أو الاستقالة وإعلان الفشل

أو المضي براية بيضاء يخاف عليها رئيس الحكومة أن يصيبها لكعة قير “جير” متناهية الصغر

 .. فلو فعلها ابن جواد لما حصل الّذي حصل في عهده من كوارث الفساد ملفّاتها لا زالت مغلقة , فقط يكشف منها ما ينتقيه لفضح خصومه السياسيين! وتلك وحدها تهمة كبرى ! , توّجت اليوم بالفضيحة الأكبر بصفقة التسليح الروسيّة

الناعقون على صفقة الأسلحة الروسيّة الكبرى الّتي عقدها السيّد بوتن مع السيّد نوري المالكي من الواضح أنّ أغلب أصحابها لا تهمّهم مصلحة العراق لأسباب بعيدة عن مصلحة البلد وغالبيّة من يشنّع بها ويطالب بإلغائها له أجندة معيّنة تريد تدمير البلد وتجزأته لأنّهم جميعاً يعلمون أنّ قوّة العراق بسلاح حقيقي لا سلاح “فخفخة” أميركي هو ضعف لهم وقطع الطريق على نواياهم السيّئة , ذلك أنّ صفقة التسليح  , المباركة إن شاء الله إذا ما حسنت نيّات من عقدها , وهو ما افترضته بعنوان المقال , لصالح العراق لا لشيئ آخر أو تنفيذاً لمصالح لبعض دول الجوار ؛ هي بمثابة البلسم الشافي للئم بعض من جروح العراق العميقة الّتي خلّفها الاحتلال الأميركي للبلد الّذي أتى على الأخضر واليابس فيه زيادة على حصاره المهلك له علاوةً على استقدامه هؤلاء الساسة , ومن ضمنهم االسيّد المالكي , ويريد أن يكمل على البلد بثالثة الأثافي مثل ما يقال , بعقد قدمي البلد ويديه ووثاقهما بوثاق حديدي ابتدأه  “باتفاقيّة أمنيّة”  ثمّ يقول له  “أكل لمّن تشبع”  واشرب وإيّاك أن تبتلّ بالماءِ ! يريد بيعنا أسلحة  “أتاري”  تصلح لصيد الدجاج والماعز ليبقي العراق بلد أعمى لا يرى أبعد من فرضة وشعيرة سلاحه ولا يرى ما يتخاطف في سمائه من حشرات وغربان .. ولذلك , بحسب قناعتي , فإنّ شراء الأسلحة المتطوّرة الروسيّة خطوة في غاية الصواب قد تنتشل البلد إذا ما أحسن التعامل معها من قيود التسليح الأميركي الباهض الثمن والملئ بالقيود وبالشروط وبالاملاءات تصل بالقوّة  “الضاربة”  العراقيّة إذا ما حصلت ؛ حدّ الشلل .. ولا أدري كيف يأمن مواطن عراقي يدّعي الوطنيّة السلاح الأميركي في حين أنّ العدوّ الحقيقي هي أميركا نفسها وهي من سيحاربها العراق غصباً وإكراهاً مستقبلاً ولو بمستقبل غير منضور , وهي وحدها من تتحمّل جميع ما حصل ويحصل في العراق من كوارث وتدمير , وهي وحدها وبتوجيه منها , من خلف الستار , تتحمّل جميع الحروب الطائفيّة الّتي حلّت بالبلد وأحالته إلى خراب في النفوس وفي العلاقات الاجتماعيّة المتجانسة عبر آلاف السنين , وهي من وقف ويقف خلف عمليّات الاختطاف القذرة والاغتيالات لخيرة عقول وسواعد البلد كما وهي بنفسها من أتت بهؤلاء الساسة المتخلّفون الاستهلاكيّون الشرهون للاجهاز على ما تبقّى من البلد ..

:ـ بعد ذلك , فالسلاح الأميركي ليس فعّالاً بالشكل الكافي وفق خطط السوق العسكريّة الفعليّة والجادّة وليس الاستعراضيّة ! بعكس السلاح الروسي الّذي

! .. أفضل بكثير من الاسلحة المصنوعة في البلدان الغربيّة وبالأخصّ الأسلحة الأميركيّة الّتي يغلب عليها المظهر الخارجي في غالبها

والأسلحة الروسيّة :

 صحيح أنّها لا تحتوي على خدمات التبريد والتدفئة ووسائل الترفيه وأسرّة النوم بريش النعام ولا حمّامات ولا غرف ساونا وأجهزة “فتنس” مثل ما تحتويها الأجهزة والمعدّات والآليات العسكريّة الأميركيّة :

 لكنّها  بسيطة الاستخدام مهما كانت صعبة المهام الملقاة على عاتقها :ـ

أسعار شرائها مناسبة للدول الفقيرة علاوةً على الدول المقتدرة اقتصاديّاً

هيكلها الّذي تمّ التأسيس عليه صناعيّاً فوّهاتها موجّهة للغرب الاستعماري , لذلك فالتسلّح بها بمثابة طقوس  “ثوريّة”  تهيأ نفوس مستخدميها تهيأة وجدانيّة لمقارعة ومقاومة المحتلّ

وبالتالي نستطيع القول :

“أنّ السلاح الروسي عقيدة إنسانيّة وعقيدة تكنولوجيّة في آنِ معاً” .. وعليه :ـ

ولأنّ أجيال عديدة من الشعب العراقي قد تدرّبت وتسلّحت بعقيدة السلاح الروسي :

فآنّ التسلّح بالأسلحة الروسيّة ملائم لطبيعة العراقي ولمزاجه القتالي

السلاح الروسي أصبح من ضمن تقاليد وفولكلور الشعب العراقي

الصين بعظمتها تحرّرت بالسلاح الروسي 

ولا ننسى كم حرّرت الأسلحة الروسيّة دولاً آسيويّة وأفريقيّة وأميركيّة لاتينيّة عديدة وبعقود طويلة من السنين وأنقذتها من نير الاحتلال الغربي الاستعماري أغلبها قد تحرّر ببندقيّة بسيطة فعّالة زهيدة الثمن اسمها  “كلاشنكوف”  رحمها الله ورحم صانعها الّذي سمّيت باسمه

الأسلحة الروسيّة تتميّز بخفّة وزنها وسرعة حركتها

ولا ننسى أنّ جميع من يتسلّحون بالاسلحة الأميركيّة , الفعّالة , هم تابعون للسياسة الأميركيّة .. يعني بلدان محتلّة , بصريح العبارة , وذلك ما لا نتمنّاه أن يحصل مع العراق , فنحن لا نقبل إلاّ بقرار سياسي سيادي عراقي صميم خالص نأكل لأجله حصص تموينيّة أبد الدهور .. فليس بعد الحرّية كرامة وآدميّة سوى عبيد سمان استهلاكيّون شرهون

حصول العراق على الاسلحة الروسيّة :ـ

سيلجم الانفصاليّون المحتلّون لشمال العراق

أو “الناوون” لاقتطاع جنوبه وضمّه بعد ذلك لإيران

وسيلجم نوايا وأطماع جميع دول العالم

ستقطع ألسِنَة الكويتيّون من المصابون بهوس تدمير العراق لأجل عيون حفنة من الجهلة العملاء الخونة المرتدّون

وسدّاً منيعاً بوجه طموحات “فيء” الوليّ الفقيه ( العالميّة ) !

وصخرةً وتهديد ووعيد لتهديدات العثمانيّون الجدد المبطّنة

علاوةً على أنّها سترجع بعض من هيبة العراق المفقودة يوم كان مجرّد تحرّك جندي حرس جمهوري واحد من موقعه إلى موقع آخر أو تأخر وجبة نزول “خميس عله جمعة” في وحدة عسكريّة عراقيّة يدخل الرعب في أوصال دول جوار ودول الغرب معاً ! 

كما وأنّ الصفقة لو خلصت النيّة في شرائها للعراق وللعراق وحده لِعزّته ولِمنعته ولا تنفصل عن خطط وبرامج شاملة للنهوض بالعراق وعلى جميع الصعد ؛ ستوقف الكثير عند حدّه , سواء الّذين احتلّوا شمال العراق بدفعات هجرة متسلسلة  “ممنهجة”  منذ مئة وخمسون عاماً في شمل العراق وكذلك وبنفس المنهج في وسطه وفي جنوبه  “باتّفاقات سرّيّة”  أبطالها ساسة عراقيّون ملكيّون وجمهوريّون لقاء استمرار بقائهم في مناصبهم  “وأوّلهم المرحوم عبد الكريم قاسم” ! وأنا شاهد على قطار محمّل بالأكراد “في زمن المرحوم”  لا زلت أتذكره مثل طيف يمرّ من أمامي كلّما سنحت لي الفرصة بذلك ووالدي رحمه الله ممسك بكفّ يدي الغضّة وأنا متعلّق بيده عندما مرّت “الجطلة” و “قطارات أخرى تبعته في نفس اليوم”  بمحطّة قطارمدينة الديوانيّة من صوبها “الزغيّر” من صوبيّ المدينة ماكنتها “الجطلة” مزيّنة من الأمام بسعفتي نخيل تلاقتا على شكل قوس من أعلى يتوسّطهما عَلَم عراقي أو شيء من هذا القبيل , أطلّ برأسه من شبّاك إحدى عربات القطار شخص صاح الناس المتجمهرين في المحطّة ما أن رأوه مؤشرين إليه بأيديهم “برزاني برزاني” ! ..

 وعلى ضوء ذلك نحذّر أيّ بلد عربي من غرباء يدخلون مدنهم بهدوء يمتهنون بعض الحرف الوضيعة “صبغ الأحذية” مثلاً , مع تقديري للقمة العيش وللمهن جميعاً , ستكون وجوههم غريبة أوّل الأمر لكنّها سرعان ما ستكون مألوفة بعد ذلك وستطالب الأمم المتّحدة بعد بضع سنين بمنحهم حقوقهم وإلاّ فإنّ العواقب ستكون وخيمة ! لأنّهم طلائع لديموغرافيّة احتلاليّة لقوى تريد الكيد ببلدانهم كما حدث مع العراق الأصيل , لا الدخيل , وتفتيته وشرذمة شعبه في أصقاع الأرض , سواءاً بسواء مع انفصاليّوا الجنوب من المندسّون بين عشائر الوسط والجنوب العراقي لتنفيذ نواياهم القذرة تحت مسمّيات مسمومة بفدراليّة وما إلى ذلك ..