منذ اندلاع الشرارة الحارقة التي اصابت الوضعين السياسي والعسكري في العراق , والذي إبتدأَ بخروج محافظة الموصل > كمحطة اولى < عن سيطرة الدولة او الحكومة , لاحظنا ” عن كثبٍ ” تغييراتٍ ملموسة ومحسوسة في : نمط ونبرة ونغمة وحتى في صياغة تصريحات المسؤولين الأمريكيين , حتى بلَغت درجة التراجع عمّا إبتدأت به في الأعلان عن موقفها من الأزمة العراقية والذي تمحورَ حول المراقبة الأمريكية لمسرح العمليات , ثمّ تبدّل الى وضعِ شروطٍ أمامَ الحكومة العراقية لأصلاح موقفها السياسي من الأحداث الجارية مقابل تزويدها ببعض قطع الأسلحة وبالتقسيط .! , ذلك التراجع ا تحوّلَ الى تناقض .! والى الأعلان المتدرج في مضاعفة ثم زيادة اعداد المستشارين العسكريين والذي تطوّر الى ارسال قوات خاصة مزودة ” بالأباتشي .! ” , ومن طائراتِ استطلاعٍ بدون طيار وغير مسلّحة الى طائراتٍ مزودة بالصواريخ , وثم تلاه مؤخرا الإفصاح عن النية بتزويد العراق بمقاتلات اف 16 وبالتقسيط غير المريح ابدا , وفي واقع الأمر فأنَّ ما يدّعيه او يزعمه الأمريكيون بأنهم يُقدمون مساعدة الى الحكومة العراقية فأنّهُ تعبيرٌ ذو مطّاطية .! فعدا أنَّ لكلِّ شيءٍ ثمن ولا توجد مساعدة بالمجّان في العلاقات الدولية إلاّ فيما ندر , وفي هذا الظرف يغدو الثمن باهظاً كما لا يوجد تحقّق من وزارة الدفاع العراقية حول القيمة الحقيقية للأسلحة والأعتدة الأمريكية , وغالبا ما تلجأ دولٌ غربية كالولايات المتحدة الى مضاعفة اسعار الذخيرة والسلاح المصدّرة الى الدول اثناء الحروب والأزمات كما فعلتها امريكا مع السعودية في حرب 1991 وقدّمت لهم اسعارا خيالية , لكنّ اصل الموضوع هنا هو ليست المساعدة وانما المشاركة الفعالة عبر احدث التكنولوجيا العسكرية بالأضافةِ الى صواريخ جو – ارض الموجّهه , فضلاً عن منحها الضوء الأخضر لدولٍ اخرى في تقديم الدعم العسكري ..
أمّا ما هو – THE MOST SPECTACULARالأكثر إلفاتاً للنظرِ والعجب – والكوميديا ايضا فهو الإدّعاء الأمريكي بأنّ ما يرسلوه من مستشارين عسكريين ومن قوات خاصة ومن طائرات الأباتشي المُحملة بالصواريخ, فأنه – وحسب زعمهم – فهو لحماية السفارة الأمريكية في بغداد والدبلوماسيين العاملين فيها.!! , وهل هنالك مَن لا يعرف أنّ طاقم السفارة الأمريكية يبلغ اكثر من 15000 شخص .! وهذا الرقم الأسطوري يكاد يناهز تعدادَ فرقتين عسكريتين او خمسةَ الويةٍ عسكرية على اقل تقدير , وهذه سابقة لم تسبقها سابقة في ايٍّ من دول العالم . وهؤلاء العاملين في السفارة فأنّ القلّه القليلة منهم هم من الدبلوماسيين فعلاً , أمّا البقيّة فهم ضبّاط مخابرات من مختلف الأجهزة الأستخبارية في الولايات المتحدة بالأضافةِ الى العسكريين ضبّاطاً وجنود , والسفارة هذه محصّنة بشكلٍ مُحكم ضد القذائف والصواريخ ذات المدى القصير , إنّ المقصود من هذه التفاصيل الفنية هو انّ القوة العسكرية المتواجدة داخل السفارة هي اكثر واشد قدرةً على حماية العسكريين الأمريكان الذين وصلوا مؤخرا بحجّة حماية السفارة .!! , وقد اُضيفَ مؤخرا هدفاً ثانيا لذلك وهو حماية مطار بغداد الذي تتوالى في الوصول اليه دَفَعات القوات الأمريكية المرسلة الى العراق , وارى – فيما ارى – لو أنّ المسؤولين الأمريكان قد برّروا او سوّغوا سببَ إرسال قواتهم المحدودة – والتي غير مؤكّد تعدادها – بالقولِ انها لحماية المنطقة الخضراء , فلعلّه كان انسب إعلامياً على الأقل . الخطاب السياسي الإعلامي الأمريكي مصاب بالتخبّط والتردد .! وإذ المعادلة الإعلامية المعروفة : > المصدر , الرسالة , الوسيلة , المتلقّي < ففي الرسالة الامريكية يكاد يغدو مجهولاً مَنْ المتلقّي فيها .! وغير واضحة الأهداف وليس هذا بذكاءٍ سياسيٍّ بأختلاق هذا الغموض ولا باللعبِ على جميع الأطراف , فكيفَ ” على الأقل ” انتقلت الأسلحة العراقية الضخمة على ايدي داعش من المنطقة الشمالية او الوسطى للعراق واجتازت الحدود ووصلت الى داخل المدن السوريّة .؟ انها ليست اسلحة البندقية والرشّاش , لقد انتقلت صواريخ ارض – ارض ودبابات وعجلات الهمر , فأين كانت طائرات الأستطلاع الامريكية ! واين اقمارهم الصناعية .؟ هل يعادي الأمريكيون كلّ الأطراف او معظمهم , وما هو ثمن ومضاعفات هذا العداء على الولايات المتحدة على المدى البعيد ..!