مع دخول الحزمة الثانية من الحظر الامريكي على ايران حيز التنفيذ بدات مظاهر الفشل تتجلى في اكثر من جانب او موقف او محطة , فهذا الحظر الهب الشعب الايراني وخصوصا الفئات الشبابية التي اعلنت رفضها للحظر والتفافها حول قياداتها , وهذا الامر يشكل الفشل الكبير لان فلسفة الحظر تستهدف العلاقة بين الشعب والنظام الاسلامي , فاذا بالحظر يتحول الى قوة دفع والتحام بين الشعب وقيادته مما اطاح بالجانب الاساسي لهذا الحظر ودوافعه واسسه ومخططاته , فبدلا من ان يكون الحظر شحنا للتاليب ضد النظام الاسلامي الحاكم تحول الى استقطاب بين الشعب ونظامه الاسلامي مما شكل محطة للعمل الجاد للاطاحة بالحظر والقوى التي تقف وراءه. .
ان التأمل في نوع الحظر الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا وكذلك الحظر الذي بدأ منذ مايو/ايار الماضي وبالتالي التهديدات بحظر اخر من قبل المسؤوليين الامريكيين يكشف الهواجس التي تعتريهم من فشل هذه الحزمة بعد فشل الحزمة الاولى حيث يمكن القول وبسهولة ان هذه العقوبات قائمة على اسس التكهنات من مردوداتها وليس من خلال الواقع كما انها تاتي في مواجهة بلد ليس مثل بقية البلدان التي تعرضت لعقوبات امريكية في السابق والتي كانت تحت حكومات عميقة او حكم شمولي يمكن ان تؤثر عليها مثل هذه العقوبات.
حيث وجدنا فشل حزمة الحظر الاولى المحددة بـثلاثة اشهر والتي استهدفت العملة الصعبة، المعادن الثمينة، الالمنيوم وقطاع انتاج السيارات،حيث كان ترامب يأمل من خلال الضغط على قطاع البنى التحتية الايرانية ارغام الحكومة الايرانية على العودة الى طاولة المفاوضات او بزعمه تغيير سلوكها الاقليمي..
كما راينا ان الحزمة الثانية من الحظر التي تستهدف قطاعات الملاحة البحرية والمالية والطاقة محاولة اخرى لزعزعة الثقة بالاقتصاد الايراني من جهة وبالنظام الاسلامي من جهة اخرى الا ان الملفت في هذه العقوبات انها زعزعت ثقة المجتمع الدولي بامريكا كما ضاعفت بالمقابل مصداقية ايران خلافا للجولات السابقة من الحظر حيث بات واضحا ان ايران لن تقف هذه المرة مكتوفة الايدي في مواجهة اميركا ، وهذه النقطة هي التي تجعل ترامب يشكك أكثر من غيره في جدوائية وتاثير حظره الجديد ذلك لان امريكا لم تألوا خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة عن بذل اي جهد لتشجيع الدول الاخرى على مواكبتها ضد ايران في هذه الجولة من الحظر عبر ارسال الوفود السياسية اليها لكن غالبية هذه الوفود فشلت في تحقيق مآربها وارغمت على استثناء 8 دول لحد الان من هذا الحظر.
ومن هذه المنطلقات يمكن القول ان ترامب بات يشعر باليأس حيال فاعلية هذه الجولة من الحظر، ولذلك فانه ورغم استثناء بعض الدول منها، لم يغلق العودة امام نفسه بشكل كامل لذلك تحدث عن تطبيق عقوبات جديدة في حال عدم نجاحه بشل ايران واعادتها الى طاولة المفاوضات. ولا يخفى على احد انه بعد الحظر الجديد لا تبقى لدى ترامب اي ورقة اخرى ليلعب بها و يرغم ايران على الانصياع له, لانه وخلافا لما يتشدق به ترامب فأن قطاعات الادوية والاغذية والمحاصيل الزراعية ايضا لم تكن بمأمن من شظايا الحظر الاميركي لكنها لم تتاثر لكون ايران لديها باع طويل في تغطية حاجاتها من سوقها التصنيعي الداخلي وعلى هذا الاساس فان الخيار الوحيد المتبقي امام ترامب في حال عدم فاعلية الحظر هو فرض الحرب عليها وهي الخطوة التي يخشى منها ترامب اكثر من غيره من منطلق انه قد يكون الباديء بها ولكنه قد لا يكون من ينهيها لزوما وبالتالي فان فشل امريكا في عقوباتها الاخيرة سيكون سببا في سقوط هذه العقوبات اوتوماتيكيا خاصة وان الدول الاوربية بدات بفتح مظلة حماية لشركاتها كما فتحت خطوط مالية مع ايران مما يجعل من هذا الحظر مجرد حبر على ورق خاصة وان لايران تجربة في تفعيل هذا الحظر لصالحها وتطوير قدراتها وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتاسيس الاقتصاد المقاوم كنموذج جديد في المنطقة .