17 نوفمبر، 2024 1:30 م
Search
Close this search box.

امريكا….. المانيا والعراق

امريكا….. المانيا والعراق

ان العديد من المثقفين العرب والمواطن المتطلع يذكرون ويؤكدون ما قامت به امريكا بعد الحرب العالميه الثانيه تجاه المانيا الغربيه واليابان, وكذلك بعد الحرب الكوريه وتقسيمها الى غربيه وشرقيه” الجنوبيه والشماليه”كانت نموذجا ناجحا للتنميه والعمل المشترك, والملاحط ان هذه الدول قد قد تجاوزت سريعا كوارث الحرب ونجحت جميعا فى اعادة البناء والتنميه نجاحا كبيرا وهى منذ عقود قد اصبحت دول صناعيه تقوم على اقتصاد متنوع الصناعات وتطوير شبكة فعالة من البنيه التحتيه , وليس هذا فحسب وانما وضعت المقومات الماديه, العلميه والبشريه فى تطوير قوى الانتاج ومواكبتها للتطورات المستجده والتأكيد على البحث العلمى. هذا التطور دون التغلب على افكار ومواقف اخذت تطرح فى السياسه الامريكيه تجاه المانيا, مثلا, فقد كان احد المشاريع المطروحه جعل المانيا بلد زراعى وتعطل فيه الصناعات التى يمكن ان تتطور وتقود فى نهاية الامر الى تصاعد الاطماع والتى تقود الى الحرب ثانية, اما الاتجاه الاخر الذى يقوده اصحاب الصناعات الذين جنوا ارباحا هائله فى الحرب وامداد عجلتها ا واستدامتها حيث توسعت قدراتهم الانتاجيه والمعرفيه. كان هؤلاء يبحثون عن فرص واسواق جديده ليس فقط لتصريف واستيعاب ما تنتجه مصانعهم المتطوره وانما ايضا مواقع جديده واعده للاستثمار فى مختلف المجالات. كانت المدن الالمانيه قد ضربتها الحرب بقوه وكانت اثار الخراب فى كل مكان والحاجه ماسىه وكبيره لمختلف مفردات الحياة كما كانت المانيا موقعا استثماريا نموذجيا حاصه توفر الايدى العامله المدربه والمهندسين والاداريين. ان هذا الجناح من السياسين والصناعيين الامريكان فرض نفسه على الساحة السياسه, واستطاع انتزاع الشك والخوف من الجناح الاخر بتأكيده على نشر الديمقراطيه والنظام الديمقراطى “الديمقراطيه الغربيه” والرفاهية الاقتصاديه التى سوف تكون كفيلة فى الوقوف ضد قوى التطرف والغوغاء.
تولى كونراد اديناور المسؤليه فى المانيا المحتله من الدول الغربيه حيث كان محافظا لمدينة كولون, كاثوليكى وضد الشيوعية ويقف بريبه وشك ضد الاتحاد السوفيتى المسيطر على المانيا الشرقيه. كانت الخبرة العمليه لكونراد اديناور, فهمه وادراكه لتغيير موازين القوى العالميه, بالاضافة الى موقعه الفكرى والسياسى خاصة قربه من الفكر الاجتماعى الكاثوليكى الذى قاده للارتباط بالعالم الغربى وكذلك بتايده لدولة اسرائيل التى قدم لها محتلف انواع المساعدات والدعم وتسليح الجيش ايضا. انه بذلك وضع مقومات النجاح والدعم لاعادة بناء المانيا. لقد استعادت المانيا عافيتها وبناء اقتصادها سريعا بحيث استطاعت ان تكون فعالة فى تجهيز الجيش الامريكى والجيوش المتألفه معه فى الحرب الكوريه بداية الخمسينات بمختلف المعدات الفنيه والعسكريه وبمعامل جهزت بمكائن وانظمه حديثه مستورده من امريكا حتى ان البعض منها قدم بشكل هبات , كما ان منظمات المجتمع المدنى الامريكيه ومختلف انواع الكنائس قد ساهمت فى تخفيف حدة الفقر والحاجه بعد الحرب مباشرة . ان المانيا اصبحت ضمن منظمومة حلف الاطلسى والعالم الغربى وترتبط معهم بمعاهدات دفاع مشترك, هذا يعنى ان الغرب لا يحوك عليها وضدها مؤمرات يمكن ان توثر على مسيرتها, على العكس تماما فقد وقف الغرب وخاصة الولايات المتحده الامريكيه وقفه كبيره واخذت تجهز مدينة برلين بكل ما تحتاجه عن طريق الجو, بعد ان قطع الاتحاد السوفيتى الطريق الرئيسى الذى يصل الى برلين الغربيه عبر اراضى المانيا الشرقيه. هذه الحمله اكدت على تضامن الغرب الذين استطاعوا افشال القرار السوفيتى بمنع استخدام الشاحنات الوصول برا الى برلين الغربيه. توجد فى المانيا عدة قواعد للجيش الامريكى ويوجد فيها بشكل مستمر ما لايقل عن 20 الف جندى امريكى, هذا بالاضافه الى مستشفى امريكيه مزوده بتجهيزات حديثة جدا وتعتبر من اكبر المستشفيات الامريكيه خارج امريكا, ويتوجه الجنود والضباط الامريكان من جرحى افغانستان ومواقع اخرى الى المانيا للعلاج. ان القيادة الامريكيه تفكر بالانتقال الى بولونيا وذلك لان التكاليف فيها ارخص عما هى فى المانيا, الا ان الجهات الالمانيه تقديم عروض افضل من اجل الاحتفاظ بهم, وبالمناسبه فأن حوالى 15- 20 الف عامل وفنى وكذلك شركات خدميه تعمل بشكل دائم فى هذه القواعد, هذا بالاضافه الى ما يصرفه المقيمين والمجندين فى هذه القواعد فى مختلف نشاطاتهم خارج القواعد العسكريه. ان نجاح واستمرار هذه العلاقه بين امريكا والمانيا الغربيه تقوم على اساس الثقه ووحدة الولاء الذى بلورة علاقة المتحالفين ذوى المصالح والاهداف المشتركه. هنا يجب التأكيد على استحالة بناء سياسة ناجحه بولاءات مزدوجه, انها ليست قاعدة سياسيه فحسب وانما قاعده عامه يمكن التأكد منها فى مختلف مجالات الحياة والمواقف. لقد اسقطت امريكا نظام الدكتاتوريه عام 2003 باحتلالها للعراق وجاءت بما كان متوفرا من سياسى الصدفة والمعارضه واستلموا الحكم, ولكنهم لم يعيروا, ويعترفوا بفضل امريكا عليهم واستمرت ولاءاتهم وارتباطاتهم السابقه, هذا بالاضافه الى انهم لم يمتلكوا مقومات السياسيين المحترمين وسريعا اكتشف الحاكم المدنى “باول بريمر” عجزهم وتفاهتهم, ولم يعير لهم اهميه بقدر ما كان مشغولا بتشكيل هيكليه نظام حكم غير قويمه, شاذه متعددة المصالح والخلافات, انه شكل واطار هش مرتبك والذى نتج عنه نظام المحاصصه المقيت. لقد قدمت امريكا دعما كبيرا للمالكى عندما اصبح رئيسا للوزراء واستقبلته فى البيت الابيض بحفاوه, ولكنها قد تخلت عنه عندما اصبح واضحا ارتباطه عقائديا, القديم والحديث بالجمهوريه الاسلاميه ايران, وسقط اخيرا فى محاولة تشكيل وزارته الثالثه. ان مبدأ ازدواجية الولاء لايمكن القبول به, ليس بالنسبه لامريكا وانما عموما فى السياسه بشكل عام والعلاقات الدوليه بشكل خاص. لقد دعمت امريكا السيد الكاظمى فى تشكيل الوزاره, خاصة بعد الاحداث الرهيبه والفشل الكبير لرئيس الوزراء عادل عبد المهدى الذى انفلت السلاح واخذت الميليشيات المسلحه بولاءاتها المختلفه تسيطر على الشارع العراقى باستخدام السلاح الحى ضد المتظاهريين السلميين مما ادى الى ضحايا وشهداء. وسقط اخيرا عادل عبد المهدى لا اسف عليه. يبدو ان وضع السيد الكاظمى اخذ يتبلور باتجاه نهاية عادل عبد المهدى, فهو لم يفى بالوعود التى قطعها , كما طلب منه الامريكان فى وضع حد لفوضى السلاح المنفلت ونهاية الهجوم بالصواريخ والكاتيوشا على المنطقة الخضراء والسفاره الامريكيه لحد هذا اليوم, ان فشله بالمهمه ليس لانه ضعيف وانما صعوبة الايفاء بالوعود لانها تقوم على تناقض مصلحى اساسى, ان الكتل السياسيه الذى رشحته كلفته بمهمات محدده, خاصه اخراج الامريكان من العراق, وهذه تتناقض مع مصلحة واهداف امريكا التى ترتبط بمعاهدات واتفاقيات مع الحكومه العراقيه, عدا ذلك يجب الاقرار بان لامريكا مصالح حيويه فى العراق والشرق الاوسط التى يجب ادراكها ووضع حد ادنى من القبول بها.ان الفصل بين الحشد الشعبى الذى هوضمن المنظمومه المسلحه للدوله والتى تدعى بنفس الوقت بالمقاومه الاسلاميه وتحرير العراق. ان على السيد الكاظمى ان يدرك خطورة الصراع الذى سوف يحصل بين تناقض المصالح والاهداف خاصة ان يصبح العراق ساحة لحرب ليس له فيها ناقة او جمل. هل يستطيع السيد الكاظمى اتخاذ موقف جرىء وشجاع, موقف واضح لايقبل التأويل والتفسير والانتظار فى جعل العراق موطن امن, بعيدا عن الانتهاكات والحروب . ان هذا يلزم اولا بناء دوله رصينه تستند على القانون ويستلم مسؤلياتها رجال اكفاء ينتمون الى العراق وطنا وشعبا, ما قيمة بضعة درزينات من المستشارين!! لقد فشلت الكتل السياسيه ونظام المحاصصه فشلا ذريعا فى كل المجالات, خاصة ان متعددة الولاءات, وحان الوقت ان تتغير الاوضاع وياخذ العراق مسيرته فى الاتجاه الصحيح, ان الميليشيات لا تبنى دوله وانما تخلق وتفتعل الفوضى والارهاب والقتل, كما ان وجود امريكا فى الشرق الاوسط وفى العراق بالذات حقيقه لايمكن تجاوزها, ويجب ان يدرك الساسه العراقيين ان امريكا لها مسؤليات كبيره يجب ان توفى بها تجاه العراق. ان ان ذلك يتطلب وعى نقدى منفتح ورجال ونساء لم القدره والشجاعه ان يتكلموا مع الامريكان بالعقل والمنطق وبمستوى العقلانيه والمنهجيه التى يتكلم بها الخبراء الامريكان. ان المسؤلين, الغربيين والشرقيين لايحترموا الشخصيات التى تتكلم اولا عن حصتها الذاتيه وحجم الكومشين” الوساطه” الذى سوف يحصلون عليه. ان الخبراء الالمان, اليابانيين, الكوريين الجنوبيين وكذلك الاتراك كانوا يحملون قضايا ومشكلات المجتمع والوطن, وبذلك فرضوا احترامحم على الخبراء الامريكان الذين اخذوا يتعاملوا معهم بجديه ومبدئيه واحترام, وبذلك اصبح الطريق سالكا معبدا.

أحدث المقالات