19 ديسمبر، 2024 1:15 ص

امريكا.. العراق.. وايران الوازنة لعلاقتيهما

امريكا.. العراق.. وايران الوازنة لعلاقتيهما

الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الامريكية والعراق، التي ترأس وفد العراق فيها، السيد الكاظمي، رئيس الوزراء العر اقي في العاصمة الامريكية، واشنطن؛ والتي تركز البحث فيها؛ في اسس ترسيخ العلاقة الامريكية العراقية كما اعلن عنها من قبل المسؤولين في كلا البلدين. الولايات المتحدة تريد من الحكومة العراقية التخلص (كما ترى هي)، من التبعية لإيران وبالذات في حقل الطاقة وهنا المقصود الكهرباء والغاز، والاهم الحد من نفوذ الحشد الشعبي. السيد الكاظمي كان قبل توجهه الى واشنطن، قد اجتمع بقائد فيلق القدس الايراني، الجنرال قاآني؛ هناك احتمالان عن ما دار في هذا الاجتماع؛ أما انه ( قاآني) حمل الكاظمي رسالة الى أدارة البيت الابيض السياسية، تقع على مسار التفاوض الغير مباشر بين ايران والولايات المتحدة الامريكية، أو أنه( الاجتماع) قد حمل فيه، قاآني الكاظمي، محددات التوازنات الايرانية الامريكية، على ارض العراق. من وجهة نظر كاتب هذه السطور المتواضعة؛ ان الاحتمالين قد يكونان واردين في هذا الاجتماع. الولايات المتحدة لا تريد حتى مناقشة وجودها العسكري في العراق اثناء جولة الحوار الحالي. وزير الخارجية الامريكي في مؤتمره الصحفي، اشار الى ان وجود القوات الامريكية في العراق، ليس من محاور الحوار وبمعنى اخر كما اوضح الوزير الامريكي؛ ان الوجود الامريكي، لا يدخل في المواضيع التي سوف يتم التركيز عليها في المناقشات بين الجانبين، وهذا لم يمنع التطرق اليه، على هامش المحاور كما ورد في ايضاحي الكاظمي وترمب بهذا الخصوص؛ ترمب: ان قوات التحالف ستبقى في العراق لثلاث سنوات مقبلة. الكاظمي اكد لوكالة الانباء العراقية: ترمب اكد لي؛ ان القوات الامريكية ستنسحب خلال ثلاث سنوات. (السؤال الذي يطرح علينا؛ ما الضرورة لبقاء القوات الامريكية على ارض الوطن، الاجابة ليس هناك من ضرورة، وبالذات حين نعلم ان من كانا لهما دورا حاسما واساسيا في طرد داعش؛ هما الجيش العراقي وفي مقدمته مكافحة الارهاب، والحشد الشعبي..) هذا يعني ان محاور الحوار، قد فرضت مسبقا على الجانب العراقي، فرضا مقبولا تماما من الجانب العراقي، وليس عن طريق الحوار المتكافىء؛ اضافة الى ان هذا يعني وبصورة واضحة لا لبس فيها ولاغموض؛ ان القوات الامريكية باقية في البلد، في قاعدة عين الاسد حصريا، (لأسباب لامجال للخوض فيها، في هذا المقال) الى، ربما، اجل غير مسمى.. في ذات المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير الخارجية العراقي، ووزير خارجية امريكا، اوضح الموقف الامريكي في علاقته مع العراق؛ نريد عراقا مزدهرا ومستقرا وقويا وحرا. كيف يكون حرا والقوات الامريكية باقية على ارض الوطن، حتى من غير المسموح بمناقشة وجودها في الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي الامريكي العراقي كجزء من محاور النقاش وليس على الهامش، اي مغالطة هذه واي خديعة. رئيس ادارة البيت الابيض السياسية، في اجتماعه مع الكاظمي في البيت الابيض؛ بينَ بصورة واضحة من ان التحالف الدولي باقي في العراق لثلاث سنوات، ولم يقل القوات الامريكية او لم يقل على وجه الدقة والتخصيص؛ غلق القواعد الامريكية، وعلى الوجه الحصري، قاعدة عين الاسد!؟، وهناك فرق بين الاثنين.. فهو لم يتطرق الى القواعد الامريكية التي تتواجد فيها، القوات الامريكية وبالذات قاعدة (عين الاسد!؟) وهي قاعدة امريكية بالكامل. في ذات السياق، اكد ترمب من ان امريكا تمتلك اقوى جيش في العالم، والعراق حليف استراتيجي لأمريكا، ومهم لحماية المصالح الامريكية في المنطقة!؟.. الولايات المتحدة في حقيقتها لا تريد للعراق ان يكون قويا باي شكل كان، تريد له ان يكون تابعا لها، ويحتاج لحمايتها، لذا، لم تعمل على تقوية جيشه كما تدعي الآن، زورا وبهتانا؛ من انها ستعمل على تقويته بالتدريب والسلاح والخبرات. وهي خلال سبعة عشر عاما لم تفعل اي شيء من هذا، بل عملت وعطلت الكثير من صفقات السلاح وبالذات مع روسيا والصين في حكومة المالكي من عام 2006- الى عام 2014. السؤال هنا؛ من الذي منعها من ان تقدم للعراق منظومة الانذار لحماية سماء العراق، والكشف عن اي خرق لهذه السماء، في النوع والجهة، ومنظومة صواريخ للدفاع الجوي؛ كي يحمي اجواءه، ويسيطر عليها، بدل ان يوكل أمر السيطرة على الاجواء العراقية الى الجانب الامريكي حتى هذه اللحظة؛ ألا يُعد هذا، كسرا للإرادة الوطنية. وزير خارجية الولايات المتحدة وفي عين المؤتمر الصحفي، اشار الى ان الولايات المتحدة تريد للاقتصاد العراقي ان يكون جزءا من الاقتصاد العالمي، اي جزءا من الاقتصاد الامريكي، وهذه هي الغاية الامريكية من جولات الحوار الذي يسمى بالحوار الاستراتيجي، وبمعنى اخر؛ ان يكون تابعا للاقتصاد الامريكي، من خلال مؤسسات مالية معروفة، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والبنك الفدرالي الامريكي، ومن او بواسطة الشركات الامريكية وبالذات في حقل الغاز والنفط والكهرباء. شركة شيفرون الامريكية العملاقة، وقعت عقدا لاستخراج النفط في احد الحقول العملاقة في محافظة ذي قار، اعلن عنه اثناء كتابة هذه السطور، وهذا امر لا اعتراض عليه، اذا كان عقدا يحمي ثروات الوطن، ولا يكون منصة للسلب اي عقدا نظيفا، ونحن هنا نشك فيه، ان يكون عقدا نظيفا، بل، ربما، ربما كبيرة جدا، ان يكون العكس هو الصحيح، لأن الاعلان عنه، تم، حتى قبل بدء جلسات الحوار.. مما يعني انه تم مناقشته واعداد التوقيع عليه سلفا. اضافة الى عقود اخرى في حقل الكهرباء وعقود اخرى في الحقول الاخرى. ترمب مادحا تلك الشركات؛ من انها هي من جعلت امريكا مستقلة في الحقول الانفة التنويه عليها في اعلاه، في اشارة للتأثير النفسي؛ لحجم الاهتمام الامريكي بالعراق. هناك من يبني الآمال على الحوار الجاري الآن مع الولايات المتحدة؛ بمساعدة العراق في اعادة البناء والاعمار؛ في حقول الصناعة والخدمات والطاقة والصحة والتعليم، وبناء او المساعدة في بناء جيش قوي يحمي السيادة (والعملية الديمقراطية!؟)، بشرط ابعاد التأثير الايراني على السياسية العراقية في الداخل والخارج. ان هذا الشرط وبصرف النظر عن العلاقة مع ايران، والتي هي ( ايران) وبكل تأكيد؛ تبحث عن مصالحها القومية؛ لا يُعِدَ تدخلا في السياسة العراقية الخارجية فحسب، بل هو رسم لتلك السياسة بعقل وقلم امريكي ولمصالح الولايات المتحدة الجيوستراتيجية في العراق والمنطقة التي يشكل العراق قلبها وعقد المواصلات فيها، والتي ترتبط بصفقة القرن الميته حاليا وهذا موضوع اخر لامجال للبحث فيه، في هذه السطور المتواضعة. في ذات الصدد، اعلن من ان الكاظمي سيزور الاردن والاجتماع مع الملك الاردني والرئيس المصري.. أن التوقيع على مذكرات تفاهم بين الجانبين، او التوقيع على العقود انفة الذكر، أمور لا اعتراض عليها، ولا يوجد عاقل يعترض عليها؛ اذا كانت عقود عادلة ونظيفة!؟ كما اوضحناه في الذي سبق من هذا المقال. لكن من الصعوبة ان يتم تفعليها على ارض الواقع في ظل ظروف العراق الحالية الذي تدير شؤونه، حكومة انتقالية، وفي ظل اختلاف الرؤى والافكار والسياسات المختلفة لأطراف (العملية السياسية)، على نوع العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية. الإدارة الامريكية هي الاخرى تدرك تماما؛ من ان تحويل مذكرات التفاهم او العقود الموقعة بين الشركات الامريكية والوزارات العراقية، الى واقع يتحرك على الارض، أمر صعب في ظل الحكومة الانتقالية الحالية ان لم يكن مستحيلا، لكنها من الجهة الأخرى، تعول على ما سوف تأتي به الانتخابات المبكرة، من برلمان جديد وحكومة جديدة، ليكون من حقها تفعيل ما تم التفاهم عليه او (التوقيع عليه!؟ كما ورد في الاعلام) الانتخابات المبكرة، من الصعوبة، الصعوبة التي تقترب من الاستحالة؛ ان تجري قبل عام 2022.. جانب من هذا الحوار الامريكي العراقي؛ هو زيادة مساحة حظوظ ترمب في الانتخابات الامريكية المقبلة. لذا، من المهم هنا ان لا نبني الآمال الكاذبة على جولات الحوار هذه، لأنها او الغاية منها، هو جعل العراق لمديات زمنية مديدة، تابعا للولايات المتحدة الامريكية هذا اولا، وثانيا لن تنتج شيئا مما يروج له على صعيد الواقع في الوقت الحاضر( في هذه السنة او السنة التي تليها)، بانتظار جولات اخرى..