لو استعرض اي باحث سلوك اي سياسي في العراق ، لوجد ان هناك نوعين من السياسيين ، الاول محترف وهو سياسي راي لا ايديولوجية ، حتى ولو كان عضوا في حزب ديني ، والنوع الثاني هم هواة السياسة ، وهم طارئون عليها التهمتهم السياسة بفعل عوامل معروفة اولها هجرة وانحسار السواد الاعظم من المثقفين ودعاة الاصلاح ، وان ما يوحد الاتجاهين او النوعين هو عدم تمتعهم باي قدرة قيادية حزبية او قدرة ادارية تمكنهم من التصدي لمشاكل بلد خرج من حروب وهو لازال يئن من ويلات الاحتلال والتدخل الاجنبي ، ولعل احدنا يسال اذن لماذا كل هذه الخلافات ، ولماذا كل هذه الاحزاب .؟ الجواب ، ببساطة ، هو حب الزعامة ، الكل يحلم ان يكون زعيما ، والكل يداهن بعضهم البعض الاخر او يناكفه من اجل ان يكون هو القدوة وهو المتبوع ، ولم يكن اي منهم قد سال نفسه ، ما هي شروط الزعامة ، ومن هو القادر على ان يكون زعيما ، او من هو صاحب كاريزما قيادية.
ان امراض المجتمع منقولة حرفيا الى الزعامات ، وهي تتناقل هذه الامراض عن غير وعي سييما وانها لاهية بالحصول على المكاسب لا على الانجازات ، فالكل ينتقد الاخرين على انهم طائفيين ، وهو يمثل طائفته ، والكل تنتقد الفساد ،وهم جزء من الفاسدين ، هذا يتهم ذاك بانه عميل لتلك الدولة وهو تابع لدولة مغاييرة ، الكل ينتقد التخلف ، وهو متخلف سلوكا وفكرا ، كل يرى صاحبه في قمة التقصير وينكر على نفسه ذلكم التقصير ، الكل ينسى ماضيه ، والكل ينخر عباب الشوارع وكان المنصب يجيز له عبور كرامات الناس والسير من فوقهم ، السياسي يرى مدينته تتخلف ولا يخجل ، والنائب يرى عاصمته ام الازبال ولا يستنكر ، والوزير يعبر الطائفية من اجل عقد سمين ، والمدير يدير دائرته بامر حزبه لا بقوانين دولته ، والكل يدور في فلك الامراض والزمن مقطوع الى الوراء ، لا يهم لان السياسي لا يفهم بالاقتصاد ، والوزير لا لا يعرف الادارة ، والكل يراهن بالربح السياسي والخسارة ، اما الوطن فقد ظل هو المسرح الذي لا يعرف ممثلوه ما هي امراضهم ، اعانه الله عليهم….