رن الهاتف في الساعة السابعة صباحا، صديقي السياسي المحنك، زميل العمل و صديق المدرسة السياسية، فريد الافغاني عايش الازمة الافغانية بكل تفاصيلها و رافق كل الازمات العالمية من خلال عمله في المنظمات المختلفة.
بصوت واثق اتسم بالبهجة باشر حديثه، ألم أقل لك هذا هو المشهد الأخير من فيلم ” داعش ” قلت لك هذا الكلام قبل شهر و نصف الشهر، مباشرة بعد توقيع عقد الغاز” ترك ستريم” بين تركيا و روسيا .. ولم تصدقني. هذه هي الساعات الأخيرة لداعش.قالها بدون توقف أجبته:
– لم يكن بامكاني أن أصدقك و انت تخبرني بأن داعش سيختفي من الساحة خلال فترة قصيرة، كان أمراً يصعب حدوثه حتى في أفلام الخيال العلمي.
عاد ليؤكد لي أن فيلم داعش قد انتهى و فيلم أمراء الحرب قد ابتدأ، سألته عن ما يعنيه. أجابني موضحاً- مع الأسف ستشهد المنطقة تصفية مصالح دولية، سيكون ذلك في الأقاليم و المحافظات الجديدة، الا ترى أن داعش خرجت تاركة خنادقها و سلاحها كما خرج رباني و حكمتيار من كابول سيظهر فريادي و حقاني في العراق.
ضحكت وقلت له – حقّاني العراق؟ الامر ليس بهذه البساطة، ضحك بصوت عال و شعرت أن يستهزئ من سذاجتي. فأكدت له جازما: مازال هنالك من يقاتل من الدواعش. قاطعني قائلا: هؤلاء هم حطب الحرب.. سينتهون قريبا، كل ما في الأمر أنهم لم يدركوا بعد أن أسيادهم و امرائهم قد رحلوا و تركوهم يتحملوا أوزار جرائم داعش.
واسترسل في حديثه – ألم تسمع بالقاعدة الجنائية التي تقول عندما لا ترى الجاني إبحث عن المستفيد. همهمت مؤكدا. فقال : هذا الكلام ينطبق على كل التشكيلات العسكرية الجديدة، و ولاءات أمراءها، كل منهم سيبحث عن جمهوريته.سألته: هل هي مسرحية؟
أجابني مع الاسف لم تكن كومودية، تراجيديا.أوجع قلبي كلامه فسألته حزينا ما ذنب الناس الابرياء الذين قتلوا و المغدورين، النساء اللواتي ترملن و الاطفال الذين تيتموا، أي حق و ؟أجابني ببرود حاله حال باقي ابناء السلك السياسي.- مع الاسف لا يعنون شيئا في الصراع الدولي، و خصوصا عندما يتعلق الأمر بخريطة الشرق الاوسط الجديد، هناك لعنة تتعلق بدولنا إما موارد البلد أو وموقعه الستراتيجي يسبب نكبته، و العراق يمتلك الجانبين و الأسوأ هو زمرة البلد الحاكمة، كزمرة العراق قابلة للبيع و الشراء، و هذا أسؤأ من السببين الاوليين.سألته عن الناجين في التجربة الافغانية، سمعت حسرته الطويلة ثم قال: – فئة قليلة آمنت بأن القرش لا يتمكن من الاصطياد في سرب السمك بسهولة، و المطرقة لا تكسر الاحجار الكبيرة في السندان أولاً، فأصبحوا كتلة واحدة متعاضدة.- هل لديك نصيحة تنجينا مما نحن فيه؟ نصيحتي هي أن تستغل فرحة التحرير و تتخلصوا من وجوه الفساد التي رافقت المشهد السياسي العراق خلال العقد الأخير، و عليكم مساعدة السياسيين الراغبين بتوحيدكم كعراقيين.. تجمعكم المبادئ الانسانية قبل أي مبدأ آخر. عليكم أن تبدوا الشكر و الامتنان لكل من وقف في ساحات القتال من الجيش و الحشد و الحرس الوطني و البيشمركة، و تبدوا بالقول و الفعل امتنانكم لكل من فقد عزيزاً، تبدوا بالفعل بأن قلوبكم معهم و عطائهم و تضحيتهم و فضل فقيدهم تاج فوق رؤوسكم، و أن العراق سيبقى يلهج بفضلهم عليه ابد الدهر.
سألته باعتقادك هل سننجح في بناء العراق و نعيش بسلام.
– اذا أصبحتم جسدا واحدا ستنجحون حتما، و ستشرق شمس الحرية على العراق العظيم، لأنه فعلا بلد عظيم.سألته متحمسا للحرية.
– متى تنتهي أزمة الموصل و ينتهي الفيلم بالكامل و نعيش بحرية و سلام.
– أجابني متحمساً الموصل لن ……..
رن التلفون مجددا فحملته، و قلت : نعم فريد نعم نعم .. أنا معك الو الو.. عندها أدركت أنه المنبه..