18 ديسمبر، 2024 9:16 م

امتيازات الاكراد في الدستور العراقي / بمناسبة استفتاء انفصال اقليم كردستان عن العراق

امتيازات الاكراد في الدستور العراقي / بمناسبة استفتاء انفصال اقليم كردستان عن العراق

مع اقتراب موعد الاستفتاء المزمع ان يجري في اقليم كردستان العراق في 25/9/2017 والذي ينتظره السياسيون الكرد لتقرير انفصالهم عن العراق تتصاعد الطروحات الداخلية المؤيدة والرافضة له على الصعيدين السياسي والشعبي. ويدَّعي السياسون الكرد ان اقليم كردستان لم يحصل على حقوقه منذ سنوات بعيدة وانهم وشعبهم يتعرضون الى تهميش حكومي وسياسي واقتصادي.
ولاجل بيان ماحصل عليه الاخوة الكرد من حقوق وامتيازات في العملية السياسية على الصعيد الوطني (على مستوى العراق) والمحلي (اقليم كردستان) استنادا للدستور النافذ وبما يجعلهم يقفون بالتساوي مع اخوانهم العرب والمكونات الاخرى للدولة العراقية بل يتفوقون عليهم في الحصول على بعض المكتسبات وبماجعلهم اعلى بدرجات بعيدة من الكرد في دول الجوار، تركيا وايران وسوريا، من ناحية تلك الحقوق والامتيازات، نعرض في مايلي المواد الدستورية التي تبين ماذكرناه بحيادية ومن دون التطرق الى موقف رفض او قبول الاستفتاء وماسيتمخض عنه مؤجلين ذلك الى مقالة لاحقة.
ابتدا الدستور العراقي بديباجة مرت على تاريخ العراق وحضاراته ومكوناته ودور الزعامات الدينية والقيادات السياسية ولم يكن وجود الكرد في هذه الديباجة ضعيفا او انها مرت عليهم باشارات جانبية بل انها تضمنت نصوصا صريحة واضحة وعميقة عبرت عن آلام وتطلعات الكرد كما هو الحال للمكونات الاخرى للشعب العراقي. علما ان الكرد كانوا ممثلين في لجان كتابة الدستور وبدور قوي جدا اهَّلهم ان يفرضوا مايريدونه .
فقد جاء في الديباجة ( ….. مستذكرين مواجع القمع الطائفي من قبل الطغمة المستبدة ومستلهمين فجائعَ شهداءِ العراق شيعةً وسنةً، عرباً وكورداً وتركماناً، ومن مكونات الشعب جميعها، ومستوحين ظُلامةَ استباحة المدن المقدسة والجنوب في الانتفاضة الشعبانية ومكتوين بلظى شجن المقابر الجماعية والاهوار والدجيل وغيرها، ومستنطقين عذابات القمع القومي في مجازرِ حلبجةَ وبرزانَ والانفال والكورد الفيليين، ومسترجعين مآسي التركمان في بشير، ومعانات اهالي المنطقة الغربية كبقية مناطق العراق من تصفية قياداتها ورموزها وشيوخها وتشريد كفاءاتها وتجفيف منابعها الفكرية والثقافية، فسعينا يداً بيد، وكتفاً بكتف، لنصنع عراقنا الجديد، عراق المستقبل، من دون نعرة طائفية، ولا نزعة عنصرية ولا عقدة مناطقية ولاتمييز، ولا إقصاء … إنّ الالتزام بهذا الدستور يحفظُ للعراق اتحاده الحر شعبا وأرضاً وسيادةً .)
وقد اقر الدستور بان العراق بلد متعدد القوميات وان القومية الكردية هي القومية الرئيسية الثانية الى جانب القومية العربية ومنحهم حقوقا معنوية وثقافية ودستورية وتنفيذية سياسية واقتصادية كبيرة ونعتقد ان اهم ما حصل عليه الكرد هو الاعترف بشرعية الاقليم ومنحه سلطات واسعة تشمل حتى الجوانب الامنية والسيادية كما في المواد التالية:
المادة (117):
اولاً: يقر هذا الدستور عند نفاذه اقليم كردستان، وسلطاته القائمة اقليماً اتحادياً .
المادة (120):
يقوم الاقليم بوضع دستور له، يحدد هيكل سلطات الاقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ان لا يتعارض مع هذا الدستور .
المادة (121):
اولاً: لسلطات الاقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقا لاحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصات حصرية للسلطات الاتحادية .
ثانياً: يحق لسلطة الاقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم بخصوص مسألةٍ لاتدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية .
ثالثاً: تخصص للاقاليم والمحافظات حصة عادلة من الايرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام باعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها .
رابعاً: تؤسس مكاتب للاقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية .
خامساً: تختص حكومة الاقليم بكل ما تتطلبه إدارة الاقليم، وبوجه خاص انشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للاقليم كالشرطة والامن وحرس الاقليم .)
وقد حصن الساسيون الكرد مكتسباتهم بجدار يستحيل تجاوزه يتمثل بمنع أي انتقاص من صلاحيات الاقليم الا بموافقة برلمان كردستان وسكانه وهو امر لايعقل ان يحصل ويتضح هذا في :
المادة (126):
رابعا : لايجوز اجراء اي تعديل على مواد الدستور من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الاقاليم التي لاتكون
داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية الا بموافقة السلطة التشريعية في الاقليم المعني
وموافقة اغلبية سكانه باستفتاء عام .
وحصل الكرد على مكتسبات دستورية في الجوانب الثقافية والتعليمية وبصلاحيات وامتيازات كبيرة فقد وردت في (الباب الأول / المبادئ الأساسية) عدة مواد تثبت حقوقهم وكمايلي :
المادة (4):
أولاً : اللغة العربية واللغة الكوردية هما اللغتان الرسميتان للعراق،
ثانياً: يحدد نطاق المصطلح لغة رسمية، وكيفية تطبيق احكام هذه المادة بقانون يشمل :
أ ـ اصدار الجريدة الرسمية باللغتين .
ب ـ التكلم والمخاطبة والتعبير في المجالات الرسمية كمجلس النواب، ومجلس الوزراء، والمحاكم، المؤتمرات الرسمية، بأي من اللغتين .
ج ـ الاعتراف بالوثائق الرسمية والمراسلات باللغتين واصدار الوثائق الرسمية بهما .
د ـ فتح مدارس باللغتين وفقا للضوابط التربوية .
هـ ـ اية مجالات أخرى يحتمها مبدأ المساواة، مثل الاوراق النقدية، وجوازات السفر، والطوابع .
ثالثاً : تستعمل المؤسسات الاتحادية والمؤسسات الرسمية في إقليم كردستان اللغتين .
وامتدت مكتسباتهم الى الجوانب السيادية المهمة والتي تعتبر رمزا للبلد فقد نصت المادة (12: اولا) على ( ينظم بقانون علم العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز إلى مكونات الشعب العراقي.). وقد صار عرفا سياسيا في العراق ان يكون رئيس الجمهورية من المكون الكردي وعلى الرغم من ان سلطته التنفيذية ضعيفة دستوريا الا ان دوره المعنوي والسيادي كبير جدا فهو يؤدي واجبات مهمة وعديدة بموجب نص المادة (67) : (رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة اراضيه، وفقاً لاحكام الدستور . ).
واقر الدستور بان الكرد مساوون للعرب ولسائر المكونات في وجودهم البرلماني بلا تمييز بسبب العرق او اللغة او القومية وان حقهم البرلماني لاينقص عن حق العرب فقد نصت المادة (49) التي وردت في (الباب الثالث / السلطات الاتحادية / الفصل الاول : السلطة التشريعية) على (اولاً : يتكون مجلس النواب من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي باكمله، يتم
انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه.).
وفي الجوانب الاقتصادية نصت المادة (111) على (النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات.) وهو مكسب مهم للاخوة الكرد جعلهم يشاركون المحافظات المنتجة للنفط في وارداته بعيدا عن آثاره السلبية بيئيا وصحيا . وثبتت المادة المادة (112) حقا للفرد الكردي من النفط المنتج في البصرة مثلا مساويا للفرد العربي في البصرة عل الرغم من ان البصرة محافظة منتجة للنفط واربيل الكردستانية ليست منتجة له فقد نصت هذه المادة على (اولا: تقوم الحكومة الاتحادية بادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة على ان توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد،)
وحصل الكرد في الدستور على صلاحيات حكومية وادارية واسعة تمثل بعضها بمشاركة حكومة اقليم كردستان مع الحكومة الاتحادية والاخرى حصرية لحكومة الاقليم وكمايلي :
المادة(114):
تكون الاختصاصات الاتية مشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم :
اولا: إدارة الكمارك بالتنسيق مع حكومات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وينظم ذلك بقانون
ثانيا: تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية الرئيسة وتوزيعها .
ثالثا: رسم السياسة البيئية لضمان حماية البيئة من التلوث والمحافظة على نظافتها بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم .
رابعا : رسم سياسات التنمية والتخطيط العام .
خامسا: رسم السياسة الصحية العامة بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم .
سادسا: رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة بالتشاور مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم
سابعاً : رسم سياسة الموارد المائية الداخلية وتنظيمها بما يضمن توزيعا عادلا لها، وينظم ذلك بقانون .
المادة (115):
كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الأولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما .
وتطرقت المادة (141) الى الجوانب القانونية واعترفت بشرعية قوانين الاقليم فقد نصت على (يستمر العمل بالقوانين التي تم تشريعها في اقليم كردستان منذ عام 1992 وتعد القرارات المتخذة من حكومة اقليم كوردستان ـ بما فيها قرارات المحاكم والعقود ـ نافذة المفعول ما لم يتم تعديلها أو الغاؤها حسب قوانين اقليم كوردستان من قبل الجهة المختصة فيها، وما لم تكن مخالفة لهذا الدستور .)
ومن يطلع على ماقدمناه يلاحظ وبسهولة سعة وتنوع المكتسبات والصلاحيات الدستورية التي يتمتع بها اقليم كردستان العراق مع العرض ان الكرد قد نالوا نصيبا كبيرا من القمع الدكتاتوري والمعاناة من جهة وانهم قاموا بدور رئيسي في اسقاط النظام الدموي الصدامي من جهة اخرى.