ليس للمسؤولية توصيفات محددة ترتبط بزمان او مكان او عمر معين ، بل هي سلوك انساني شمولي يبدأ مع اطلالة الحياة البشرية ويتصاعد تدريجياً بالتوافق مع التقادم الزمني ، بمعنى ان حجم المسؤولية الذي يستفيق صغيراً لا يستقر على حاله انما يتسع الى مساحات اكثر مدى ترتبط بالعمر والمنصب الوظيفي او الموقع الاجتماعي.
وفي كل مجتمع يمارس الفرد قدراً معيناً من المسؤولية بما يفرضه عليه تواجده وقدراته ، ويعد حديث الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) تشريعاً حياً للمسؤولية الشاملة في الاسلام عندما قال (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، الامام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في اهله وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته .
اذا فالمسؤولية انما تكمن في الاستعداد التام لاي شخص من اجل النهوض بالاعباء الموكلة اليه باقصى طاقته ، اي ليس هناك مسؤولية كبيرة واخرى صغيرة ، لكن المهم ان هناك مسؤولية معينة فرضها واقع محدد ، لهذا فان ما يجب اخذه على محمل الجد هو مسؤوليتنا وليس انفسنا .
ولانغالي اذا قلنا ان المسؤولية تدخل في صلب الاخلاق والتربية ، فاذا فقدنا اي طرف من كفتي الميزان تكون المعادلة قد اختلت وضاعت المسؤولية والاخلاق على حد سواء ، ولم نجن ثمار اي منهما وعندها تسود الفوضى والارتباك كل مناحي الحياة .
وفي الحديث تحديداً عن الوظيفة فان عامل التنظيف مسؤول والسائق مسؤول والمدير مسؤول والمدير العام مسؤول ، والوزير مسؤول ، فالدرس الاكثر اهمية هو ان المنصب لا يعطي امتيازاً بل يضع على كاهل من يتحمل وزره مسؤوليات تنسجم والموقع الذي يشغله او العمل الذي يمارسه .
من هنا فان الالتزام هو جوهر المسؤولية وبمقتضاه يحاسب المرء على اداء التزاماته .
ولابد من التذكير بان الميزة الوحيدة التي تجمع بين الناجحين تكمن في قدرتهم على تحمل المسؤولية بغض النظر عن المهام والوظائف التي يؤدونها في شتى مجالات الحياة .
وازاء كل ما تقدم فان تحمل المسؤولية يعد بحد ذاته ممارسة وطنية جليلة ما دامت تصب في نهر خدمة الوطن والمواطن ، فالتاريخ الذي تعفرت صفحاته باسماء اولئك الذين تحملوا مسؤولية بناء وطنهم لن ينسى ابدا القادمون الجدد الذين لاتحدهم قيود افتراضية او اقعية ، وهذا افلاطون يقول :الشخص الصالح لايحتاج لقوانين تخبره كيف يتصرف بمسؤولية ، اما الشخص الفاسد فسيجد دائما طريقة للالتفاف على القوانين .
نحن الان بأمس الحاجة لان نتحمل مسؤولياتنا كل حسب مهمته وعلينا ان نتوقف عن لوم الاخرين واختلاق الاعذار, فأما ان ندخل في كل حساب او نسقط من كل حساب .