7 أبريل، 2024 2:57 م
Search
Close this search box.

امام امريكا خياران لا ثالث لهما

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ ان بدات الحرب على سوريا عام 2011 كانت امريكا تتوقع سقوط سوريا وبالتالي سقوط محور المقاومة الذي ازعج امريكا وحلفائها على مدار عقدين كاملين ولكن صمود الدولة السورية والشعب السوري والجيش السوري غير كل معادلات المنطقة في المنظورالامريكي فبدلا من ان يسقط محور المقاومة امتد هذا المحور ليشمل روسيا والصين والعراق وبالتالي ظهر القطب الروسي في وجه امريكا نتيجة الصمود السوري.
وعندها لم تكن امريكا تقتنع ان الدب الروسي قد عاد من جديد فاستمرت بعنادها بالحرب على سوريا ظنا منها ان سوريا ستضعف وبالتالي سيختفي الدب الروسي مرة اخرى الا ان قوة الدولة السورية وحكمة قيادتها جعل من حلفاء سوريا اقوى بكثير فازدادت روسيا قوة وازدادت ايران قوة ايضا وظهر التنين الصيني في مجلس الامن الى جانب روسيا سبع مرات .
وبعد مرور سبع سنوات على الحرب على سوريا وعجز امريكا وحلفائها على اسقاط سوريا وبالتالي اسقاط طهران وموسكو وبكين اصبح يدور في كواليس الاستخبارات الامريكية كلاما مفاده ان العالم قد تغير ولم تعد امريكا هي القطب الاوحد في العالم بل تشاركها روسيا والصين على قيادته .
الا ان الهنجعية الامريكية وخاصة ترامب لم يقتنعوا بذلك ابدا وارادوا ان يعيدوا عقارب الساعة الى الوراء متاملين ان تبقى امريكا هي القوة الوحيدة التي تتحكم بالعالم ففعلوا ما فعلوه باوكرانيا لاضعاف الموقف الروسي عالميا اضافةالى محاولات الاستفزاز لموسكو من جراء فرض عقوبات اقتصادية عليها ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل وحاولوا تصعيد الميدان السوري في اكثر من منطقة الا انهم صدموا بالصمود السوري الى ان اقتنعت بعض دوائر المخابرات الامريكية بامرين لا ثالث لهما وهما :
اما ان تقبل امريكا بنظام عالمي جديد هي قطبا فيه بمشاركة روسيا والصين وحلفائهما
او ان تذهب الى نظام عالمي جديد هي ليست قطبا فيه وبالتالي تصبح روسيا والصين هما القوتان اللتان تتحكمان بالعالم الى جانب حلفائهما ..
ولا يوجد اي احتمال اي عودة القطب الامريكي الاوحد اصبحت بالماضي وكل محاولات اوباما السابقة واللاحقة لن تجدي نفعا لان كل محاولات التصعيد التي نراها الان هي من اجل
(تحجيم دور روسيا العالمي والتقليل من دور ايران الاقليمي والتعتيم على النصر التاريخي لسوريا ).
لذلك كل ما نسمعه من هنا وهناك من فرض حظرجوي على سوريا او دخول قوات برية او شن حرب برية كله عبارة عن محاولات تصعيدية استفززازية لا غير للوصول الى ذروة التصعيد وهي اما( الاشتباك الكبير اي الحرب او التسوية الكبيرة )
فالاشتباك اي الحرب فهي بالطبع لن تكن حرب اقليمية بل حرب عالمية ثالثة بامتياز …ولكن ما هي نتيجة هذه الحرب ؟
في عام2010 نشرت المخابرات الامركيية تقريرا عسكريا مفصلا تشرح فيه النتائج المترتبة من جراء شن حرب عالمية بين الغرب المتمثلة بامريكا والناتو وحلفائهما مع الشرق المتمثلة بروسيا والصين وايران وسوريا وحلفائهما في العالم بعيدا عن الحرب النووية واستخلصت النتيجة ان التفوق سيكون للشرقيين على الغربيين وذلك اذا استثنينا الحرب النووية اي هزيمة الغرب امام الشرق وذلك لعدة عوامل
الاول : بالرغم ان الغرب يتمتع بقوة الصواريخ والطائرات بلا طيار ولكن روسيا وايران اصبحتا تملكان هذه القدرة الصاروخية بالاضافة الى الصين والجيش السوري .
الثاني :ان الشرقيين اي روسيا وايران والجيش السوري وحتى الصيني بالاضافة الى جيش كوريا الشمالية يتمتعان بقوة برية هائلة تتفوق على القوة البرية الغربية …
اي نتيجة الدراسة الامريكية ان الحرب العالمية الثالثة ستكون من مصلحة الشرقيين وليس الغربيين فليس لامريكا مصلحة في الاشتباك الكبير الذي سيؤدي كما قلنا الى انهيار امريكا وتفرد روسيا والصين وحلفائهما في قيادة العالم بعيدا عن الحرب النووية وهذا الخيار الاول الذي لا تريده امريكا ……لذلك انني استبعد الذهاب الى الاشتباك الكبير اي الحرب العالمية ….
بالمقابل ليس امام امريكا الا ان تتقبل الوضع الجديد في العالم وهو مشاركة روسيا والصين في قيادة هذا العالم وهذا لا يتم لا بتسوية كبيرة تبدا في سوريا وبداية هذه التسوية هي فتح واشنطن صفحة جديدة مع دمشق اي محاورة امريكا لدمشق اي بمعنى اكبر محاورة واشنطن للرئيس بشار الاسد حيث ان الحوار مع الرئيس بشارالاسد هو مفتاح التسويات الكبرى في العالم والدليل على كلامي ان هناك كثير من اعضاء الكونغرس الامريكي طلبوا من ترامب فتح صفحة جديدة مع الرئيس الاسد وبالتالي مع ايران وروسيا لا بل احد اعضاء الكونغرس الامريكي تساءل لماذا لا يمكن ان يكون الرئيس الاسد حليفا استراتيجيا لامريكا في المستقبل
وهذا الخيار الاخر امام امريكا وهو التسويات الكبرى التي مفتاحها دمشق.
اما العودة الى الوراء اي الى القطب الامريكي الاوحد الذي يحلم به اوباما وبايدن فهذا لن يتحقق وان كانت تصرفاتهم الان موضوعة من اجل هذا الحلم المستحيل والا لماذا كل هذا التصعيد الكبير على سوريا في الفترة الاخيرة وخاصة في الشمال السوري من قبل تركيا و لماذا هذا التصعيد في الجنوب السوري من قبل اسرائيل ؟
فان كل هذه المحاولات التصعيدية هي للوصول الى حالة الذروة الاخيرة وقبل هذه الذروة ستعلن امريكا الذهاب الى التسوية .
ولكن ليس برصيد مجاني بل تريد الذهاب الى باب التسوية وبيدها عدة اوراق تستطيع ان تفاوض عليها وهذا هو سبب التصعيد الاخير وخاصة من خلال هذه الكذبة العالمية الجديدة وهي محاربة داعش .
فقرار 2170 طبخ في مطبخ المخابرات الامريكية وهو مخصص من اجل سوريا وليس العراق وما الاحداث التي جرت في العراق الا بوابة لاصدار2170 للوصول الى سوريا وليس لمحاربة داعش
لان امريكا ترى في داعش واخواتها الورقة الاخيرة التي تملكها في وجه سوريا فهل هناك اجمل لامريكا من ان تقتل داعش كل السوريين وهي تتفرج وهل هناك اجمل من ان تدمر داعش البنى التحتية السورية التي تعبت الدولة السورية على بنائها عشرات السنين لتسقط خلال لحظات امام اعين السوريين
ان داعش تحقق خدمة كبيرة وجليلة لامريكا واسرائيل وادواتهما .لا بل ان داعش تفوقت على اسرائيل في خدمتها لامركيا
فهل تطيح امريكا بهذه الورقة ؟
فكذبة امريكا بمحاربة داعش لمدةثلاث سنوات وربما الى عشر هذه ورقة استفزازية لسوريا وحلفائها تريد ان تقبض ثمنا عليها وان بداتها بضربات جوية على اراض سورية و(ليس كمواقع لداعش كما يقال) واتبعتها بتهدديات برية ولكن هدف هذه المحاولات هو للوصول الى (ذروة التصعيد التي تسبق لحظة الاشتباك او لحظة التسويات) فكلما كانت سوريا وحلفائها صامدين اكثر كلما دفعنا امريكا الى خيار التسوية الكبرى .
لذلك اعتقد ان المرحلة التي تمربها المنطقة وخاصة سوريا لانها هي الحدث الاول والاساسي لما يحصل في العالم ستكون مرحلة التصعيدات الكبرى وهي اخطر مرحلة من مراحل الحرب على سوريا ولن تتوانى امريكا باسخدام كل اوراقها للضغط اكثر على دمشق وحلفائها ولكن بالمقابل انني متاكد لا بل انني على يقين ان دمشق التي هزمت كل غزاة العالم والتي انتصرت على هذه الحرب على مدار سبع سنوات انها ستتجاوز هذه المرحلة وانها ستفشلها كما افشلت كل المحاولات السابقة وانني على يقين ان حوار واشنطن لدمشق لا مفر منه وهذا لصالح امريكا اكثر من سوريا
والايام القادمة ستثبت ذلك …

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب