17 نوفمبر، 2024 6:33 م
Search
Close this search box.

ال البيت وذريتهم من الساقطين

ال البيت وذريتهم من الساقطين

قال تعالى ((اذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ))  ، من يقرأ هذه الاية الكريمة تستوقفه الاحداث والمواقف التأريخية ليتأملها ويفكر فيها بعمق وروية ليستنتج ان الانبياء والرسل ومن بعدهم الائمة من ال البيت عليهم جميعاً الصلاة والسلام تركوا للاجيال دروساً بليغة لا تضاهى في عظمة الانسان وسموه ورفعته عندما يقف كالجدار الصلب بوجه الظلم والظالمين مهما كلفه ذلك من تضحيات في المال والنفس ومهما تغطرس الطغاة والجبابرة ، وقد اكد الله تعالى في هذه الاية على حرمان الظالمين والشاذين عن الحق من ذرية الانبياء وال البيت من امامة الناس وقيادتهم لانهم  لا يصلحون لهذه الامامة ولهذه القيادة ولان ما تحتاجه البشرية لصلاحها وسعادتها هو الاخلاص والصدق وهي صفات لا يتصف بها الانتهازيون والمتلونون . ان المتابع لسيرة ذرية الانبياء وهم من يسمون باالسادة سيجد انهم على ثلاثة اصناف ، الصنف الاول تفرغ لعلوم الدين والشريعة ولبس العمامة السوداء وكان جدير بها واهلاً لها وهم الان يتأرجحون بين تأييد ودعم الحكومة الشيعية الحالية ومعارضتها في بعض الاحيان فهم من ناحية حريصون على الابقاء على الحكم الشيعي ومن ناحية اخرى فهم لا يقدرون على السكوت على ما يحدث من انتهاكات لحقوق الانسان وسوء الخدمات وقد قدم هذا الصنف من السادة الكثير من التضحيات والشهداء بسبب امتناعهم عن دعم الانظمة القمعية السابقة ، والصنف الثاني هم السادة المقلدين للمرجعيات الدينية الشيعية والملتزمين بتوجيهاتهم وفتاواهم وهؤلاء يتصفون بمخافة الله والسيرة الحسنة وتجدهم بعيدين عن الحكومات وعن المتنفذين فيها وليس لهم حظوة مع قادة الدولة في السابق واللاحق ولن يكون لهم ذلك لانهم ليسوا على هوى الحكام ولا يجيدون التملق ومسح الاكتاف لذلك فهم من بسطاء الناس والكثير منهم من الفقراء ولم تبخل هذه الشريحة بتقديم الكثير من التضحيات والشهداء على طريق مناهضة الظلم والاستبداد ، اما الصنف الثالث من السادة ( وهم المعنيين بهذا المبحث المبسط ) فهم السادة الانتهازيين والمتلونين االذين ينعقون مع كل ناعق وهم يرتبطون بالانبياء وال البيت نسبياً وارتباطاً اسمياً دون ان يكون هناك اي ارتباط روحي وسلوكي حقيقي من قريب او بعيد في هذه العلاقة وهم بذلك يشكلون العامل الخطير من عوامل الهدم والتخريب وهؤلاء هم من حرمهم الله من حق الامامة ( قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) ، وهذا الصنف من السادة معروف ومُشخَص من قبل الصنفين الاول والثاني ولا يحظى باحترامهم وهو صنف سيء ويشكل خطورة كبيرة على المجتمع والدولة فقد كانوا بالامس جزءاً من منظمومة الحكم البعثية الصدامية ويعملون في كافة مؤسساتها الحزبية والرسمية فهم اعضاء في حزب البعث وبمختلف الدرجات وهم مع جوقة المصفقين والمطبلين للطاغيىة المقبور وحصلوا كغيرهم على امتيازات وانواط ومكارم كثيرة تمتعوا بها الى حين سقوط ذلك الديكتاتور الاهوج ، وقد سمح لهم صدام وعلى نطاق ضيق بأن يكونوا قادة في الحزب والدولة وقادة للفرق والالوية العسكرية والامنية واستخدمهم كواجهة تدعم  نظامه الفاسد امام اهالي الوسط والجنوب ليدفع عنه تهمة الطائفية ، ويحدثنا احد الضباط عن احد السادة ( الرفاق ) الذي كان أمراً لاحدى الوحدات العسكرية فيقول ان امر الوحدة هذا كان يقيم الحفلات الماجنة في وحدته العسكرية في ذكرى مولد الطاغية المقبور ويأتي بالراقصات ( الكاولية ) ويفعل معهن ما يفعل وهو في حالة سكر شديد وكان يعاقب منتسبي الوحدة الذين يذكرون اسم صدام من دون ان يذكروا عبارة ( حفظه الله ) وهذا السيد الرفيق يحمل اليوم الرتب العسكرية العالية ويحتل موقعاً ممتازاً في احدى المؤسسات الامنية الحساسة ، وليس من المستغرب ان تتصدر هذه النماذج الساقطة والشاذة مشهد اليوم وتطفو على السطح في ظل المرحلة الانتقالية والفوضى ( الخلاقة ) التي تعيشها البلاد وبعد التغيير في عام 2003 ووصول التيارات الاسلامية الشيعية الى سدة الحكم اندفع هذا الفريق من السادة بقوة باتجاه الحصول على حصة من ثمرة التغيير مستفيدين من حالة الارباك والاضطراب التي اعقبت احتلال العراق ومن طبيعتهم الحربائية وقدرتهم الفائقة على تغيير الاقنعة واستخدام اساليب ( الفهلوة ) ومستغلين القاب وانساب عشائر السادة ليتقربوا بها الى الحكام الجدد الذين كانوا بأمس الحاجة الى وجود هذه الالقاب والانساب بينهم ليبرهنوا على  دعمهم للشيعة وليحصلوا بذلك على دعم وقناعة الوسط والجنوب ، ولكي تؤكد الاحداث على تقلب السادة ( الرفاق ) ولعبهم على حبال المصلحة اينما تكون فقد كتب هؤلاء تبرئتهم من حزب البعث ونظامه الذي كانوا ينتمون اليه وينعمون بمكارم قائده السخية حتى ساعة سقوطه المهين ، ثم عادت اليهم المكارم في العهد الجديد على شكل مناصب ومواقع وبافضل مما كانوا يحلمون ويتمنون ، ويعتقد من منحها لهم انهم الاجدر بها والاصلح لها ثم جاءتهم مكرمة استثنائهم من قانون الاجتثاث ويعتقد مانح هذه المكرمة انهم كانوا مساكين ومجبرين ومضطرين وهم اليوم الاوفياء والمخلصين وفي هذا اهانة لدماء وتضحيات العراقيين وانكار متعمد للحقيقة يدحضه تأريخ هؤلاء المشين ، وهذا يعني ان هذا النوع من السادة كانوا ادوات سهلة الانقياد تستفيد منها الانظمة والحكام في كل زمان وبسبب طبيعتهم المتقلبة فهم يحتلون اليوم المواقع والمناصب المهمة في الدولة حيث وضع هؤلاء المتلونون اقدامهم في المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية وانتشروا فيها انتشار النار في الهشيم مستندين في ذلك الى وجود الحكم الاسلامي الشيعي ومستغلين احترام ودعم قادة هذا الحكم لعشائر وابناء السادة لاغراض سياسية وانتخابية ، ومن المؤسف حقاً ان تبقى هذه المعادلات النفعية تحكم السياسيين الجدد بعيداً عن المباديء والقيم وان يعود الشعار السري ( الغاية تبرر الوسيلة ) ليحكم هذا البلد بعد كل تلك التضحيات الجسام التي قدمها شرفاء العراق وان تسمح هذه القيادات التي تدعي انها اسلامية للنماذج الانتهازية الهابطة التي تتستر بالقاب السادة بان تقطف ثمار تضحيات اصحاب المقابر الجماعية والمضطهدين والمحرومين .  

أحدث المقالات