قام بعض الأصدقاء بتوجيه اللوم لي لقيامي بالتلميح في مقالاتي باصبع الاتهام لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (اليونامي) بانها ملجأ ومأوى للطائفيين والمتعاطفين مع الإرهاب والنظام الصدامي السابق من بعثيي الهوى من موظفيها من اخواننا العرب العاملين كمستشارين سياسيين في القسم السياسي فيها وفي مكتب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة. واستدل هؤلاء الأصدقاء بالخبر الاخير الذي قامت ببثه وسائل الاعلام مؤخرا عن قيام وزارة الداخلية بالاعلان عن القاءها القبض على عناصر خلية ارهابية تنتمي لعصابات الدولة اللاإسلامية الارهابية المجرمة المعروفة باسم داعش والتي حاولت استهداف بعثة الأمم المتحدة في بغداد. ونقلت وسائل الاعلام في هذا الصدد عن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن في مؤتمر صحفي قوله للصحافيين ان “الجهد الاستخباري قاد القوات الامنية الى الامساك بالخلية الارهابية الداعشية التي حاولت استهداف بعثة الامم المتحدة في العراق”.
وهذا الراي الخاطيء الذي اختلف معه اختلافا كبيرا ينبع من رؤية سطحية لطبيعة وشكل العلاقات المتشابكة والمتناقضة والصراعات التي تربط الجماعات الارهابية بعضها ببعض من جهة وبالمتعاطفين معها ومنفذي اجنداتها الاجرامية والطائفية من جهة أخرى. ولعل نظرة فاحصة وعميقة لهذا الخبر ومدلولاته قد تكشف للمحلل الصاحب النظرة العميقة عن أدلة أخرى تدعم وتؤيد ما حرصنا على كشفه مرارا في السابق من تعاطف المستشارين السياسيين الطائفيين المؤيدين للنظام السابق في اليونامي مع الارهاب.
ان مجرد وجود علاقة مشتركة أو تاييد بين طرف ما والجماعات الارهابية لا يحصن هذا الطرف من اجرام الارهابيين وشهوتهم لسفك الدماء. والاطراف والعشائر العراقية التي قام بعض المنحرفين من أبناءها أو افخاذها او اجنحتها بالعمل على التعاون مع بعض الجماعات الإرهابية تعرف ذلك حق المعرفة حيث انها لم تسلم لا هي ولا الجهات التي تعاملت مع الارهاب من بين صفوفها من ادوات القتل الارهابية ويدها الاجرامية ومثال اخواننا وابناء عمومتنا من بعض عشائر الانبار وغيرها من المحافظات التي لقيت الجماعات الارهابية المسلحة تاييدا فيها ليس ببعيد عنا.
اضافة الى ذلك فان الجماعات الارهابية تتنازع فيما بينها وتحتكم للغة السلاح والقتل والاجرام لتصفية الحسابات فيما بينها. والخلاف بين الجماعات الارهابية البعثية والدائرة في فلك البعث المقبور من جهة والدواعش الفواحش من جهة اخرى بات امرا معروفا للقاسي والداني على حد
سواء. وقد شهدت مناطق عديدة سقطت في يد الارهاب منذ الصيف الماضي اشتباكات وجولات ومعارك بين الدواعش والجماعات الارهابية البعثية.
من هنا فان القبض على الجماعة الارهابية التابعة لتنظيم داعش الارهابي المجرم التي كانت تخطط للقيام بعمليات ارهابية تستهدف اليونامي في بغداد قد يؤشر الى محاولة داعشية للقيام بارسال رسالة او ربما استهداف الطائفيين المتعاطفين مع حزب البعث الصدامي المقبور خصوصا وان المكتب السياسي لهذه البعثة الاممية تهيمن عليه عصابة من اخواننا الفلسطينيين على راسهم رئيس المكتب السياسي الفلسطيني الطائفي مروان علي الكفارنة، الذي له تأريخ مشهود من العلاقة والمصالح المشتركة مع حزب البعث المقبور، ومحمد خليل النجار، العميل الاستخباراتي السابق في جهاز الامن الفلسطيني الذي كان يراسه المطلوب للقضاء الفلسطيني بتهمة الفساد محمد دحلان والمتعامل مع الموساد والسي اي ايه، وسفيان مسلم، الذي كانت والدته ناشطة تقود التظاهرات المؤيدة للنظام الصدامي المقبور في امريكا. هذه العصابة التي عملت على حرف مسار عمل البعثة الاممية لخدمة اجندات طائفية حاقدة ليس اقلها اعتماد اساليب الكذب والخداع والتزوير على خطى الاعلام البعثي المقبور للقيام بتحريف التقارير الصادرة عن البعثة للتغطية على جرائم الجماعات الارهابية وتشويه صورة شرائح واسعة من ابناء الشعب العراقي المظلوم وصورة الحكومة العراقية في جهودها الرامية الى ضرب الارهاب والقضاء عليه، فضلا عن التلاعب بالانتخابات ونتائجها لصالح اطراف واجندات داخلية وخارجية.
الامر كله اذا قد لا يعدو عن كونه مظهر لخلاف بين ابناء البيت الارهابي الواحد بين جماعات القتل والاجرام الارهابي او بين الارهاب والمتعاطفين معه وهذا الخلاف اشبه ما يكون بالخلاف الذي يندلع بين افراد عصابات السرقة والقتل والاجرام على المسروقات والغنائم فيلجأ هؤلاء الى تصفية حساباتهم فيما بينهم باللغة التي يعرفونها وهي لغة القتل والتفجير والتصفيات والاغتيالات. ان الكثيرين من المتعاطفين مع الارهاب والطائفية واجنداتها الخبيثة ينسون بان من يلعب بالنار يحرق اصابعه ويديه وقد تمتد النيران لكي تحرقه كله. وهذا كله يذكرنا بالمثل الذي يتردد على السنة العرب منذ اقدم العصور لوصف مواقف مثل هذه: جنت على نفسها براقش.