راعني وانا اتابع احدى القنوات القطرية وهي تثقف وتروج ( لليوم الوطني للرياضة ) قبل مدة كافية لجعل جميع المؤسسات الحكومية والشركات تاخذ استعداداتها لممارسة الرياضة في هذا اليوم وحث منتسبيها على ممارسة اي رياضة كانت ، كلٌ حسب رغبته وميوله ولياقته ، والزام جميع المنشأت الرياضية على كثرتها من فتح ابوابها للداخلين من منتسبين او مواطنين او مقيمين او حتى سياحاً او ضيوف .وحتى يأخذ هذا اليوم الرياضي بعده الرسمي يحرص رئيس الدولة وولي عهده على ان يكونوا في طليعة المشاركين في هذا اليوم ، ولسنا هنا بصدد الدعاية لهذا الرئيس او ذاك لان الامور ربما تحفل بالعديد من نقاط الخلاف كون الرجل سياسياً .. ( ولا يفلح السياسي حيث أتى ) ، لكن لنأخذ العبرة من استنفار جميع مفاصل الدولة من موظفين الى مواطنين للقيام بعمل يحظى بالقبول والاتفاق من قبل الجميع خصوصاً وأنه يدعو الى اشاعة حب الرياضة والحفاظ على صحة الجسم والبدء بعده بيوم عمل جديد بنشاط ليقطع سلسلة الملل والرتابة . فيا ويلتاه .. ماذا يمكن ان نستحدث في العراق كيوم وطني لفعالية معينة .. يشارك فيه الجميع من رئيس الوزراء وحتى موظف الاستعلامات في بلدية الموصل ، طبعاً لن نجعله يوماً وطنياً للرياضة .. فالغالبية العظمى لاتمتلك ملابس واحذية رياضية ، وليس لدينا ملاعب ، بل ان بعض الرياضات منقرضة لدينا ، فالكل سيلجأ الى رياضة كرة القدم فوق ملاعب ( تيكلة ) اي مخلوطة حصى وتراب ، كيف يمكن لنا ان نتفق على مسألة ايجابية تعود علينا بالنفع العام ؟ .الحل .. بما اننا لدينا خصوصية تميزنا عن باقي دول العالم ( اننا أكثر دول العالم فساداً مالياً وأدارياً ) فربما وبمزيد من التوعية الوطنية عبر وسائل الاعلام الحكومية والخاصة الى ان نجعل لنا يوماً وطنياً للامتناع عن تعاطي الفساد ، فالمحصلة فيما لو تم الالتزام بمضمون هذا اليوم ان العراق سوف يوفر الملايين وربما المليارات من الدولارات للخزينة العامة ، على ان يخصص ريع هذا اليوم لاصلاح المنظومة الكهربائية الوطنية مثلاً .. او تعود الفروقات نتيجة هذا اليوم لصالح المتضررين من الكوارث الطبيعية او الارهابية , ولتكن النزاهة حاضرة في ذلك اليوم .. بدءاً من هيئة النزاهة ( التي تحاسب على نقص مناسيب النزاهة في سلوك المجتمع والمسؤولين ).. الى مكتب المفتش العام ( الذي يراقب اي خدش في النزاهة ) ثم قوات الشرطة ( خصوصاً التي تدير أماكن على صلة بالمحتجزين ) وموظفي وزارة العدل ( خصوصاً الذين يديرون السجون والمعتقلات ) والى هيئات الاستثمار ومنح التراخيص ، مروراً بالمقاولات العامة ومن يرتبط بها من مناقصين وفاتحي العطاءات ومن يقرر لمن ترسو المقاولة .. الى المقاولين الرئيسيين ثم الى الذين يبتاعون منهم المقاولة من مقاولين ثانويين وصولاً الى المقاولين الخردة .. ثم الى صنايعية وبنائين من الذين يتولون تنفيذ المقاولة .. وصعوداً الى مجالس المحافظات والصفقات التي لايعلمها الا الله والمتواطؤن والفاسدون ,,وصولاً الى المحافظين والخدمات الشخصية التي يحصلون عليها نتيجة الفساد ، ثم المدراء العامون فالوزراء واعضاء مجلس النواب وانتهاءاً برئاسة الوزراء .. وكلما اتجهنا صعوداً أزداد مؤشر الفساد وازدادت الاصفار عن يمين الرقم ..!!
فكيف نقنع كل هؤلاء بالامتناع ( يوماً واحداً فقط ) عن الفساد ..وكيف نستطيع اعلامياً ان نثقف لمفهوم النزاهة . ونحن نرى بأم أعيننا ما خلفه الفساد من دمار شامل شل جميع مفاصل الدولة والمجتمع .. وقضى على واردات العراق الذي يحتل مكانة متقدمة في قائمة المصدرين للنفط ( اي ان مئات الملايين من الدولارات تدخل الخزينة يومياً ) ..وتفرغ مع نهاية اليوم .. ولا يمكن ان تعرف لها سبيلاً ولا موئلاً .. أذن بات من المستحيل ان ننفذ يوماً نزيهاً واحداً في عراق ( الفرص المالية المتاحة ) .. فلنبحث عن فعالية أخرى نمارسها .. ولن نجد سوى الاتفاق على اليوم الوطني لشتم الحكومة .!!