23 ديسمبر، 2024 10:53 م

اليوم العالمي للسعادة وتعاستنا؟!!

اليوم العالمي للسعادة وتعاستنا؟!!

يوم 20 آذار من كل عام هو اليوم العالمي للسعادة كما أعلنته الأمم المتحدة.
وفي شهر آذار تزدحم الأعياد , وخصوصا الربيع والأم والمعلم وغيرها , ويبدو أنه شهر التجدد والولادات.

وفي يوم السعادة العالمي , الذي أغفلناه , لعدم إعترافنا به , لا بقولنا وحسب وإنما بسلوكنا , ولأننا سنفشل حتما إذا فتشنا عن منطلقات سعادة في مجتمعاتنا.

فالسعادة لها دور مهم في صناعة الأوطان المعاصرة وتحقيق التقدم القوة والإقتدار.

والمجتمعات السعيدة تمتلك حكومات ذات رؤية إنسانية تستهدف تنمية السعادة الوطنية , بل أن التعريف المعاصر للسياسة أصبح يعني القدرة على تحقيق السعادة.

وفي مجتمعاتنا كل ما يجري يهدف إلى الإستثمار بالتعاسة ومناهضة السعادة , فالإنسان السعيد يُحسب شاذا وغريبا وخارجا عن المألوف , وما ننجزه مزيدا من الآلام والحسرات والويلات والتداعيات , ومسيرات ذرف الدموع والتعود على الإنفجارات.

والعديد من الأبحاث تؤكد أن للسعادة تأثيرات إيجابية على الصحة البدنية والنفسية والعقلية , وتمنحنا آليات تفكير متجددة , وتسهم في تقوية قابلياتنا على حلّ المشاكل ومواجهة التحديات , كما أنها تطيل الأعمار , وتنمي الإقتصاد والإبداع والإبتكار , وتؤثر في تنشئة الأجيال الصاعدة , وتحقق إنسجاما عائليا وزوجيا إيجابيا وفعالا , مما يهذب سلوك الإنسان في المجتمع.

والسعادة تعني الألفة والمحبة والأخوة والرضى والتفاعل الإنساني الرحيم , والإحترام المتبادل بين الناس , وتوفير فرص الحياة الحرة الكريمة , من ملبس ومأكل وعمل ومسكن ومدن جميلة وشوارع زاهية باللون الأخضر.

والمجتمعات السعيدة هي الأقدر , وفي مقاييس الدول السعيدة تحتل معظم دولنا أدنى المستويات , برغم توفر أسباب السعادة وعناصرها , وثراء بلداننا , لكن العيب في آليات الحكم القائمة , والتي تغفل أو تنكر وتتجاهل العمل من أجل إسعاد المواطن.

فلو عملت الحكومات وفقا لرؤية تحقيق السعادة الوطنية لأنجزت ذلك الهدف , لأنها تمتلك الموارد والقدرات الكفيلة بإسعاد الإنسان , لكن معظمها تهدر الأموال والطاقات في تحقيق أعلى درجات التعاسة في بلداننا.

إن وعي أهمية وضرورة تغيير المفاهيم السياسية وتجسيدها في منطوق توفير السعادة للمواطن , إنما سيسهم في إنتقالة حضارية نوعية , ذلك أنها تعني إعلاء قيمة الإنسان ودوره وتأثيره في الحياة , وهذا يستدعي إعادة النظر بالقوانين والدساتير , وآليات صرف الأموال التي تُهدر بعمل السوء أكثر من إستثمارها بعمل الخيرات.

تحية للمجتمعات السعيدة , وأملنا أن تعي مجتمعاتنا وحكوماتنا أهمية السعادة والإسعاد , وأن ترى بعيون البهجة والمسرات , لا بعيون الغيلة والأحقاد والإنتقامات والصراعات التعيسة النكراء.

فهل سنحتفل باليوم العالمي للسعادة؟!!