23 ديسمبر، 2024 1:57 ص

اليهود في التشريعات العراقية

اليهود في التشريعات العراقية

القسم العاشر
*- نحن من جيل فتح عينيه وعاش زمن صباه وشبابه ، وهو يسمع ويردد ( فلسطين عربية فالتسقط الصهيونية ) ، وسمع بوعد بلفور وقيام دولة إسرائيل سنة 1948 ، وبمشاركة الجيش العراقي الباسل في حرب فلسطين في تلك السنة ، وسمع قصص قيام بعض العراقيين بسرقة أموال اليهود في بغداد تحت عنوان ومسمى (الفرهود) ، دون أن يعرف تسلسل الأحداث وعلاقة بعضها بالبعض الآخر ، وما هي المعالجات القانونية التي فرضتها قواعد السياسة العامة للمملكة العراقية وبعدها الجمهوريات العراقية المتعاقبة بالإنقلابات العسكرية وآخرها بالإحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003 ، إذ لم يكن جيلنا يعرف أو قد علم ( علم اليقين ) حينها ، بأن الفرهود : أعمال عنف ونهب وسلب حدثت في بغداد ، إستهدفت ممتلكات سكان العاصمة من اليهود في 1/6/1941 خلال إحتفالهم بعيد (الشفوعوت) ، ولا علاقة للفرهود بفلسطين وتشريد وتهجير أهلها من غير حق في سنة 1947 ، التي روج لها دعاة الخراب الوطني والقومي بأقلام مأجورة وإنتهازية رخيصة ، خلافا لحقيقة وتفاصيل يوم ( الفرهود البغدادي ) محل الفخر والشجاعة لدى البعض تأريخيا ، الذي حصل بفعل الفوضى المصاحبة لردود الأفعال السلبية المتوارثة عرفا إجتماعيا سلوكا وتصرفات ، في أعقاب سقوط حكومة رشيد عالي الكيلاني التي سميت بحكومة الإنقاذ الوطني ، والتي كانت تدعو لنصرة العرب وتحرير الدول العربية من ربقة الهيمنة البريطانية والفرنسية ، وإلى العمل ضد السياسة الصهيونية المتمثلة في دعوات الهجرة اليهودية المتعاظمة إلى فلسطين . وحيث تمكنت القوات البريطانية من السيطرة على بغداد وإنهاء حالات الفرهود في اليوم التالي من إندلاعها مباشرة ، إلا أنها تركت في نفوس اليهود أثرا عميقا ، ساعد على سرعة هجرتهم إلى فلسطين المحتلة ، حيث بلغ عدد المهاجرين في حلول عام 1951 أكثر من (80%) منهم ، وقد أعتبر ذلك بداية نهاية الوجود اليهودي في العراق ، وبعد كل ذلك وقبله ، لم نكن نعرف أن هنالك مجتمعا إسرائيليا بيننا منذ عهد الدولة العثمانية ولحد الآن ، بدليل ما ذكرنا من الوقائع والتشريعات . ولكن الفرهود سيئ الصيت والسمعة الذي عرفنا عنه الكثير تأريخيا وعرفا إجتماعيا وثقافيا مشينا متوارثا ، ورأينا صوره الغوغائية قبل ربع قرن ، عاد إلينا بإشراف وتشجيع قوات التحالف لإحتلال العراق سنة 2003 تحت عنوان ( فرهود العراق ) . الذي نفذته سواعد بعض أبنائه من ذيول الأجانب والغرباء ؟!. وتوجهاتهم التي لا تزال قائمة من غير خجل ولا حياء ؟!. خاصة ذلك ( الفرهود اللاوطني ) الذي مارسته الأحزاب السبعة ، بما يتلائم وصفات الوطنية الخسيسة لديها قبل وبعد الإحتلال ؟!.
*- بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، تصاعدت حدة هجمات الجماعات الصهيونية على القوات البريطانية في فلسطين ، مما حدا ببريطانيا إلى إحالة المشكلة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة ، وفي 28/4/1947 بدأت جلسات الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة بخصوص قضية فلسطين ، وأختتمت أعمال جلساتها في 15/5/1947 بقرار تأليف (UNSCOP) لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين ، وهي لجنة مؤلفة من (11) عضوا ، وقد نشرت تقريرها في 8/9/1947 الذي أيد معظم أفرادها حل التقسيم ، بينما أوصى الأعضاء الباقون بحل فيدرالي ، فرفضت الهيئة العربية العليا إقتراح التقسيم ، أما الوكالة اليهودية فأعلنت قبولها بالتقسيم ، ووافقت كل من الولايات الأمريكية المتحدة والإتحاد السوفييتي على التقسيم ، وأعلنت الحكومة البريطانية في 29/10/1947 عن عزمها على مغادرة فلسطين في غضون ستة أشهر إذا لم يتم التوصل إلى حل يقبله العرب والصهاينة . وفي الفترة التي تلت ذلك ، تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية من جميع الأطراف ، وكانت لدى الصهاينة خطط مدروسة قامت بتطبيقها ، وكانت تسيطر على كل منطقة تنسحب منها القوات البريطانية ، في حين كان العرب في حالة تأزم عسكري بسبب التأخر في القيام بإجراءات فعالة لبناء قوة عربية نظامية تدافع عن فلسطين ، ونجحت القوات الصهيونية بإحتلال مساحات تفوق ما حصلت عليه في قرار التقسيم ، وخرجت أعداد كبيرة من السكان الفلسطينيين من مدنهم وقراهم بسبب المعارك أو بسبب الخوف من المذابح التي سمعوا بها .
*- وفي 13/5/1948 وجه حاييم وايزمن رسالة إلى الرئيس الأمريكي ترومان يطلب فيها منه الإيفاء بوعده الإعتراف بدولة يهودية ، وأعلن عن قيام دولة إسرائيل في تل أبيب بتاريخ 14/5/1948 ، وغادر المندوب السامي البريطاني مقره الرسمي في القدس متوجها إلى بريطانيا ، وفي 15/5/1948 إنتهى الإنتداب البريطاني على فلسطين ، وأصبح الإعلان عن قيام دولة إسرائيل نافذ المفعول ، وإعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بدولة إسرائيل في نفس اليوم ، ولكن القتال إستمر ـ فأصبحت إسرائيل أمرا واقعا مسيطرا على مساحات تفوق ما نص عليه قرار تقسيم فلسطين . وبدأ تأريخ جبهة من الصراع مع الدول العربية . وعلى الرغم من إحتلال الصهاينة لفسطين العربية وعاصمتها القدس ، وتشريد أهلها وتهجيرهم من ديارهم حيث مخيمات اللاجئين ، وإنتزاع أراضيهم وسلب ممتلكاتهم بأقسى أنواع وسائل وسبل الإنتهاكات لحقوق الإنسان ، إلا إن العراق حافظ على معاملة اليهود بالحسنى ، حيث أصدر القانون رقم (1) لسنة 1950- قانون ذيل مرسوم إسقاط الجنسية العراقية رقم (62) لسنة 1933 ، لمعالجة حالات الضرورة بإختيار اليهودي للهجرة ، بنص مواده على أن ( م1- لمجلس الوزراء أن يقرر إسقاط الجنسية العراقية عن اليهودي العراقي الذي يرغب بإختيار منه ترك العراق نهائيا ، بعد توقيعه على إستمارة خاصة أمام الموظف الذي يعينه وزير الداخلية . – م2- اليهودي العراقي الذي يغادر العراق أو يحاول مغادرته بصورة غير مشروعة تسقط عنه الجنسية العراقية بقرار من مجلس الوزراء . -م3- اليهودي العراقي الذي سبق أن غادر العراق بصورة غير مشروعة ، يعتبر كأنه ترك العراق نهائيا ، إذا لم يعد إليه خلال مهلة شهرين من نفاذ هذا القانون ، وتسقط عنه الجنسية العراقية من تأريخ إنتهاء هذه المهلة .-م4- على وزير الداخلية أن يأمر بإبعاد كل من أسقطت عنه الجنسية العراقية بموجب المادتين الأولى والثانية ، ما لم يقتنع بناء على أسباب كافية بأن بقاءه في العراق موقتا ، أمر تستدعيه ضرورة قضائية أو قانونية أو حفظ حقوق الغير الموثقة رسميا .-م5- يبقى هذا القانون نافذا لمدة سنة من تأريخ نفاذه ، ويجوز إنهاء حكمه في أي وقت خلال هذه المدة بإرادة ملكية تنشر في الجريدة الرسمية .