9 أبريل، 2024 11:43 ص
Search
Close this search box.

اليهود في التشريعات العراقية

Facebook
Twitter
LinkedIn

القسم الرابع عشر – أولا .
*- لقد كان للتشريعات العراقية في زمن العهد الملكي مما ذكرنا في الأقسام السابقة لمقالتنا هذه بشأن اليهود ، ما يؤكد حقهم في الحياة والعيش المشترك في العراق ، مواطنين لا فرق بينهم وبين غيرهم في جميع المجالات ، خاضعين لأحكام القانون المشتمل على ( مجموعة من قواعد السلوك العامة المجردة ، المنظمة للعلاقات الإجتماعية بين الأشخاص ، والمقترنة بجزاء مادي تفرضه السلطة العامة على من يخالفها ) ، وفرض وجوب التمييز في التعامل بين أفراد الحركة الصهيونية وبين أتباع الديانة اليهودية وإن كان بعضهم من أدواتها ، وبالتالي فإن القاعدة القانونية التي يتكون القانون من مجموعها ، تشكل خطابا موجها إلى الأشخاص ، يشعرهم بترتيب نتيجة معينة على حدوث واقعة محددة ، إبتغاء ضبط النظام في المجتمع ، وتحقيق الإنسجام بين روابطه ، وهي بذلك قاعدة سلوك إجتماعية عامة مجردة ملزمة ، تنظم الروابط بين الأشخاص في المجتمع ، وتحدد سلوكهم وتفرضه عليهم ، وتشيع روح النظام فيما بينهم وتتولى إدارتهم ، وتتبع قوتها الملزمة بالجزاء المادي الذي تفرضه السلطة العامة على من يخالف أحكامها . وليس بإخضاعهم لقواعد أحكام الأحزاب وأنظمة الحكم المنقادة لها ، كما تشيعه التوجهات السياسية غير المهنية التي تتخذها أنظمة الحكم الدكتاتوري ، المصابة بأمراض الفشل والفسادة الإداري والمالي والتربوي المزمن والأزلي ، أسبابا موجبة لإصدار تشريعاتها الآنية المعدلة أو الملغاة حكما في عهد من يعقبها بأي وسيلة كانت ؟!.
*- لقد جاء الحكم الجمهوري الدموي الأول ، على أنقاض قتله للأسرة المالكة ، بمفاهيم التعسف والفوضى والصنمية إلى حد إثارته قلقا محليا وعربيا ودوليا غير مرحب به ، وعلى الرغم من العيوب التي رافقت مسيرة النظام ، إلا إن الإنجازات كانت عديدة ومتنوعة ، وأهمها إلغاء النظام الإقطاعي ودعاوى العشائر ، وإصدار قانون الإصلاح الزراعي رقم (30 ) لسنة 1958، وقانون تعيين مناطق الإستثمار لشركات النفط رقم (80) لسنة 1961 ، ولكن الجمهورية لم تكن ( خالدة ) ولم يكن زعيمها ( خالدا ) ، فكلاهما قضى نحبه مذموما مدحورا – كما هو شأن نهاية كل نظام حكم في العراق طالت أو قصرت مدته – بسبب الإرتباك والإضطرب في رسم السياسة الداخلية التي شهدت تناحر الأحزاب فيما بينها على سدة الحكم ، فلم يكن النظام على قدر من مستوى الإضافة التشريعية فيما يخص اليهود مثلما كان في العهد الملكي ، إنما أخذته دوافع الحقد والإنتقام والعزة بالإثم إلى إلغاء تشريعات ناضجة محكمة بدوافع ونزعات الأسانيد الباطلة ، التي كان للحزب الشيوعي دور في صياغتها وإصدارها ، من خلال محاولة بسط نفوذه وتحقيق مد توسعه التنظيمي ، في ظل نظام غير متوازن في تنظيم علاقاته بشكل عام ، وما صنعه ذلك الإستغلال من إساءة بالغة حصد نتائجها النظام وشخص زعيمه العسكري المستقل ، بعدما سمح لبعض عناصر الحزب الشيوعي في أن تكون أداة قمعه للشعب ، فكانت تداعياتها السلبية أسس قواعد وأركان وركائز ما لم يتعظ من إعادة ممارستها أحد حتى الآن ، وما كان لنا إلا أن نحاول كشف ما تعرض له التشريع من إنتهاكات خطيرة ، لا نعتقد أنها من فكر ونوايا الزعيم المسكين وإن حصلت في زمن حكمه الأغبر وكما أشرنا إلى ذلك . بدليل تشريع القانون رقم (67) لسنة 1959- قانون إلغاء القوانين التي تتعارض مع الدستور المؤقت وأهداف الثورة ، بذرائع ومبررات ( أن ما تسعى إليه الحكومة العراقية ، هو تدعيم أهداف ثورة 14 تموز الخالدة ، وإزالة أوضار ورواسب العهد البائد وترصين كيان الجمهورية ، وحيث أن القوانين المبينة في اللائحة المرفقة ، أصبحت تخالف مبادىء الثورة وأسس الدستور المؤقت ، لهذا شرعت هذه اللائحة بإلغاءها ، هذا وقد وجدت اللجنة . أن هناك قوانين أخرى عديدة ، أصبحت في بعض نصوصها لا تتلائم مع العهد الجمهوري الزاهر ، وأن إلغاءها برمتها يربك الأعمال ، لهذا توصي اللجنة بتشكيل لجان بوضع تشريعات جديدة تحل محلها ) ؟!. حيث نصت المادة (1) والوحيدة من القانون المذكور على أن ( تلغى القوانين والمراسيم الآتية لمخالفتها الدستور المؤقت وأهداف ثورة 14 تموز الخالدة وهي :-
1- مرسوم إسقاط الجنسية العراقية رقم 62 لسنة 1933 وتعديلاته .
*- لقد أوضحنا عمومية أحكام المرسوم المذكور وعدم إقتصاره على اليهود في القسم التاسع من مقالتنا هذه ، بدليل نصه على أن ( م1- لمجلس الوزراء أن يقرر إسقاط الجنسية العراقية عن كل عراقي ، لم ينتم إلى أسرة ساكنة عادة في العراق قبل الحرب العامة . إذا أتى أو حاول أن يأتي عملا يعد خطرا على أمن الدولة وسلامتها . م2- لوزير الداخلية أن يأمر بإبعاد من أسقطت عنه الجنسية العراقية بموجب المادة الأولى إلى خارج العراق ، إذا تراءى له أن إبعاده مما يستدعيه الأمن أو الراحة العامة ) . وكأني بالزعيم الهمشري غير مكترث بأي عمل يشكل خطرا على أمن الدولة وسلامتها ، ولا أدري كيف يكون ذلك متوافقا ومنسجما مع الأسباب الموجبة لتشريع قانون إلغاء المرسوم موضوع التسلسل (1) من اللائحة ؟!.
2- مرسوم ذيل قانون الجنسية العراقية رقم 17 لسنة 1954 .
*- يقضي المرسوم أعلاه بأن ( م-1- لمجلس الوزراء بناء على إقتراح وزير الداخلية ، إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي المحكوم وفق قانون ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم (51) لسنة 1938 . م2- لوزير الداخلية إعتقال الشخص المسقطة عنه الجنسية العراقية فور صدور قرار مجلس الوزراء بذلك ، والإحتفاظ به إلى أن يتم إبعاده ) . وقد تم تثبيت ذلك في القسم التاسع من مقالتنا أيضا ، وإذا كان الزعيم الخالد بغيا ، مهتما وراعيا حسب توجهاته الفردية ، وحاميا من العقوبات خلافا للقانون ( كل من حبذ أو روج بإحدى وسائل النشر المنصوص عليها في المادة (78) من هذا قانون ، أيا من المذاهب الإشتراكية البلشفية الشيوعية والفوضية والاباحية وما يماثلها التي ترمي الى تغيير نظام الحكم والمبادئ والاوضاع الاساسية للهيئة الاجتماعية المضمونة بالقانون الاساسي . سواء كان ذلك مباشرة أو بواسطة هيئات أو منظمات تهدف إلى خدمة أغراض المذاهب المذكورة تحت ستار أي إسم كان ، كأنصار السلام والشبيبة الدمقراطية وما شاكل ذلك . ) ، نزولا عند رغبة وإرادة الحزب الشيوعي حينها ، فقد كان عليه حذف العبارات المتعارضة مع التوجهات السياسية لأنصاره مثل ( الإشتراكية البلشفية الشيوعية . و . كأنصار السلام والشبيبة الدمقراطية وما شاكل ذلك . ) فقط . من نص المادة (1/1) من قانون ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم (51) لسنة 1938 ، تجنبا وحماية لتلك الفئة من خضوعها لأحكام العقوبات المقررة من الحبس ولغاية الإعدام ، بالإبقاء على النص الكامل للمادة (1) ، وتعديل الفقرة (1) منها بما يضمن أن ( يعاقب بالأشغال الشاقة أو الحبس مدة لا تزيد على سبع سنين أو بالغرامة أو بهما ، كل من حبذ أو روج بإحدى وسائل النشر المنصوص عليها في المادة (78) من هذا القانون ، أيا من المذاهب الفوضية والإباحية والصهيونية وما يماثلها . التي ترمي إلى تغيير نظام الحكم والمبادئ والأوضاع الأساسية للهيئة الإجتماعية المضمونة بالقانون الأساسي . سواء كان ذلك مباشرة أو بواسطة هيئات أو منظمات تهدف إلى خدمة أغراض المذاهب المذكورة تحت ستار أي إسم كان . ) . بدلا من إلغاء المرسوم بكامل مضمونه ، إضافة إلى إلغاء قانون ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم (51) لسنة 1938 ، والمرسوم رقم (16) لسنة 1954- مرسوم تعديل ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم (51) لسنة 1938 ، الواردان في التسلسل ( 8 و 9 ) من لائحة الإلغاء ، الذي يعني إلغاءهما جميعا وبشكل كامل ، تأكيد رغبة وإرادة الزعيم في عدم معاقبة ( كل من حبذ أو روج بإحدى وسائل النشر المنصوص عليها في المادة (78) من هذا القانون ، أيا من المذاهب الفوضوية والإباحية والصهيونية وما يماثلها … إلخ ) ؟!. إضافة إلى مخالفة الأسباب الموجبة لإصدار قانون الإلغاء ؟!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب