22 نوفمبر، 2024 11:42 م
Search
Close this search box.

اليهود في التشريعات العراقية

اليهود في التشريعات العراقية

القسم الأول
نشأ الخلاف بين البشر تحت تأثير حب السيطرة والنفوذ والإستحواذ الذاتي على كل شيء ، من أجل تحقيق المصالح والمنافع الشخصية الآنية ، وإلا لم يقتل قابيل أخاه هابيل في وقت ومكان لا منافس لهما فيه غير نفسيهما الأمارة بالسوء ، وهما يعلمان علم اليقين بأنهما سيتركان كل المستقر والمتاع الذي هما فيه ، ولا يأخذ أي منهما شيء مما يمتلك في نهاية مطاف الحياة الدنيا ، ليبلغ بعدهما الإختلاف بين المجموعات البشرية زمن المشاعة الأولى ، بدوافع المنافسة للحصول على الأرض وما فيها ، ، ثم لينتقل بين الشعوب والقبائل بسبب الحرص على إمتداد سلطة الزعامة والسيادة ، وتروي المصادر التأريخية وجود صراع سياسي وعسكري كبير بين الإمبراطورية الآشورية والمصرية على مناطق النفوذ والسيطرة ، وكان محور النزاع على بلاد الشام وخاصة فلسطين ، في تلك الأثناء ساند يهود المملكة الشمالية (مملكة إسرائيل) الجانب المصري ، مما أثار حفيظة سنحاريب ملك آشور الذي صمم على إخضاع تلك المنطقة ، فقام بحملة على مملكة إسرائيل في عام 697 ق م ، فحطم هيكلها وشرد أهلها وأعمل القتل والسبي فيهم ، وأخذهم سبيا إلى آشور وانتهى بذلك ذكر مملكة إسرائيل ، وبقيت المملكة الجنوبية ( يهوذا ) ردحا من الزمن ، وقد حاول الآشوريين إسقاطها أيضا بسبب عدم قبولهم دفع الجزية إلى ملك آشور ففشلوا ، وبعد سقوط مملكة آشور تصارع البابليون والمصريون ، فتمكن البابليين من هزيمة المصريين ، فحاصر نبوخذ نصر مدينة أورشليم (القدس) في عام 586 ق م ، ودمر هيكلها وسبى عددا كبيرا من اليهود ، ومع هذا السبي إنتهى أي وضع سياسي جغرافي لليهود في المنطقة ، وبعد سقوط الأمبراطورية البابلية الثانية على يد ( قورش الأكبر ) حاكم بلاد فارس في ذلك الوقت ، سمح لليهود بالعودة إلى أرض فلسطين مرة أخرى . ويعد بعض المؤرخين هذا بأنه وعد بلفور الأول أو هو الأمر الذي إستمد منه بلفور وعده لليهود .
*- وعندما جاءت الأديان ببعدها الفكري الأممي ، بدأت الإختلافات تفسيرا وليس تنزيلا بأصول العقائد والشرائع والمناهج ، إنطلاقا من مفاهيم نظريات خاصة ، ومنها نظرية أو فكرة الحلول ، التي توسع اليهود في رسم حدودها لتصبح ثالوثا حلوليا مكون من الإله والأرض والشعب ، فيحل الإله في الأرض لتصبح أرضا مقدَسة ومركزا للكون ، ويحل في الشعب ليصبح شعبا مختارا ، وفي الإله مقدسا حتميا وأزليا . ولهذا يشار إلى اليهود بأنهم ( عم قادوش ) أي الشعب المقدس ، و(عم عولام ) أي الشعب الأزلي ، و( عم نيتسح ) أي الشعب الأبدي . وفي المسيحية عرفت هذه الفكرة وتجسدت في الإعتقاد بأن الإله يحل في بعض بني الإنسان ومنهم نبي الله عيسى ابن مريم عليه وعلى أمه الصلاة والسلام .
*- أما في العهد الإسلامي ، فقد عرفت اليهودية والإسلام بإسم ( الديانات الإبراهيمية ) ، وكانت اليهودية الديانة الإبراهيمية الأولى والأقدم التي ظهرت في صحراء شبه جزيرة سيناء . ويعتبر المسلمون إبن إبراهيم الأول إسماعيل جدا للعرب ، وإبن إبراهيم الثاني إسحاق جدا للعبرانيين ولكل بني إسرائيل . وبذلك يكون المسلمون واليهود أبناء عم ، وجدهم نبي الله إبراهيم الخليل (ص) ، وعليه تمتع بنوا إسرائيل بمكانة خاصة في القرآن الكريم . ومع ذلك يشير العلماء المسلمون إلى أن هذه المكانة لا تمنح بني إسرائيل أي تفوق عنصري ، غير أن إستمرارها مشروط بمحافظة الإسرائيليون على عهدهم مع الله بعدم الشرك به . أما نصوص القرآن الكريم في الأفضلية مثل ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) ، فيقول العلماء هو تفضيل على عالمي زمانهم بأن أنعم عليهم نعما دنيوية وأخرى دينية ، فقد جعل فيهم الأنبياء والرسل من الناحية الدينية ، أما من الناحية الدنيوية فقد جعلهم ملوكا ، وهو ما لم يؤت أحدا من العالمين مثلما آتاها الله لبني إسرائيل في ذلك الوقت حصرا . أما بعد ذلك فهم سواء بين الناس لهم وعليهم ما للأخرين ، وإن كان الناس جميعا مختلفين في درجة ومستوى الإيمان والإعتقاد في إعتناق الأديان ، وما تفرضه موجبات الإلتزام بقواعد الناسخ والمنسوخ مع الحرية في الإختيار ، المصحوب بلزوم الإندماج والتعايش الإنساني المشترك بين معتنقي الأديان السماوية ، المعروفين بوصفهم أهل كتاب وليس أفراد أو جماعات متشاكسون من بني آدم ، حيث النص الكريم ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ .

أحدث المقالات