منذ اجتياح وباء الكورونا للعالم لم يظهر الرئيس ترامب مرتدياً كمامة الف مرة وحيدة! هل هذا بسبب أنه يري ان ارتداء رئيس اعظم دولة “لكمامة” يتناقض مع تلك العظمة؟!
تعامل “ادارة اليمين الاميركي الشعبوي و المتعصب” مع الجائحة يعكس استهتار و اضطراب لا مثيل لهما، و استخفاف بكارثة ضربت بقوة، فما هو واضح ان تلك الادارة تقدم مكاسب الاقتصاد و أرقام بورصات “وول إستريت” و مكتب الاحصاء الاميركي علي ارواح وصحة البشر حتي و إن كانوا مواطني “الأمة العظيمة مجدداً”..
هو استهتار لكن مشوب بخوف داخلي ايضاً، ف”مبادئ ترامب” ان جاز لنا القول ولو علي سبيل التهكم بخصوص ادارة الجائحة لا تصمد بوجه ادني اختبار!
الرئيس خرج اكثر من مرة مقدماً نصائح للمواطنين من شاكلة استخدم دواء الملاريا للوقاية من الفيروس! بل و صرّح انه شخصياً يتعاطي قرص من “هيدروكسي كلوروكوين” يومياً علي سبيل الإحتراز! برغم انه مامن تأكيد علمي قاطع بأنه يفيد العلاج أو للوقاية!!
كما طالب مستشاره العلمي “أمام الكاميرات” بالبحث في علاج الرئة المصابة بمطهر اليدين! قبل ان يعود ليقول بأنه كان يمزح! هل هو في وضع يسمح بالمزاح!؟
و أمام اعداد الوفيات و المصابين الهائلة يقدم ترامب تفسير لذلك بأن بلاده تجري فحوصات هائلة بل و نصح ادارة النظام الصحي بتخفيف وتيرة ذلك الفحص!
ان سلمنا بتفسير ترامب بأن كثرة الاصابات ناتج عن كثرة عمليات الفحص التي تجريها اميركا فهل هذا يفسر ايضاً ضخامة عدد الوفيات فيها و الذي فاق كل دول العالم؟!
الفحوصات الهائلة عملية يراد لها ان تخفف وطأة الوباء .. و هكذا تعمل لأنها تحدد الاشخاص المصابين و الأماكن الأكثر تضرراً و من ثم تخضعهم لحجر اكثر حزماً و تضع المصابين تحت المراقبة الطبية و تقدم لهم الاسعافات اللازمة من اجهزة دعم التنفس و خفض الحرارة اضافة الي الأدوية المتوفرة “تحت الاختبار” فلما لم يظهر أثر لذلك؟!
و لأن الشخص المتعصب بطبيعته يعاني اضطراباً نفسياً و وجدانياً فان اضطراب ادارة اليمين المتعصب و تناقضاتها بدت ظاهرة للعيان!
من الواضح إن العالم يدفع ثمن صعود اليمين المتعصب-الشعبوي و إن جائحة الفيروس التاجي المستجد فضحت ذلك لا أكثر و لا أقل..
فالدول التي شهدت اكبر عدد من الاصابات و الوفيات و مثلت اكبر بؤر للجائحة هي نفسها الدول التي شهدت تفشي جائحة اليمين السياسي المتعصب “اميركا و البرازيل و بريطانيا”.
جائير بولسينارو رئيس البرازيل مثله مثل ترامب لم يُري قط متلثماً بقناع طبي للوجه برغم كثرة ظهوره العام و حرصه علي الالتحام بحشود مناصريه! كما انه ظل معارضاً بقوة لاجراءات الحجر الصحي أو الاغلاق العام متحججاً كذلك بالاقتصاد و ارقامه و العمل و عائداته!
بريطانيا اقل وطأةً قليلاً لأن جهاز الدولة البروقراطي أقوي من الجهاز السياسي و لأن الرأي العام و المجتمع اقوي من كل اجهزة الدولة؛ و لذا شهدنا عودة الحكومة سريعاً عن خطتها الكارثية “مناعة القطيع” و تطبيقها لاغلاق عام هو الأشد صرامة.
ليس مصادفةً إذاً ان تتزامن مع جائحة الكورونا جائحة العنصرية في اميركا و اوروبا، مما اضطر الناس لكسر حجر المرض للتصدي لجائحة العنصرية في تظاهرات و احتجاجات “حياة السود مهمة” .. فالجماهير التي تقبع تحت حجر الخوف من الوباء البايولوجي لا يمكنها ان تتحمل في نفس الوقت خوفاً آخر و جائحة اخري كتفشي العنصرية في جهاز الشرطة و الجهاز السياسي ايضاً!