اوشكت المفاوضات بين انصار الله الحوثيين وقوى العدوان السعودي وحلفائها على النهاية ، ومن المنتظر ان ينتج عنها أتفاق شامل ،سيما بعد ما اعلنته اوساط قريبة من المفاوضات عن ترتيبات لاعلان هذا الاتفاق ، ليكتب لجهود الوساطة العمانية النجاح مجددا .
جهود سلطنة عمان الدبلوماسية اثمرت عن فتح باب الحوار غير المباشر وعبر وسطاء اولا ،ثم اعقبت ذلك بتواصل و تنسيق مستمر لتقنع الجميع بالجلوس على طاولة حوار مفتوح ومباشر ،انتهى بزيارة وفد الحوثيين للرياض ،وقد تنجح دبلوماسية عمان بتحويل هذه الجهود لاتفاق بسلام دائم ينهي العمليات العسكرية في اليمن رسميا ،وكل ذلك ليس ببعيد عن طهران التي ابدت مرونة واضحة ودفعت جهودها الحوثيين و السعوديين على القبول بنتائج ما يفضي اليه الحوار من نتائج .
المفاوضات بطبيعتها بدأت حذرة و شابها الكثير من التحولات، وسط محاولات للارتفاع بسقف المطالب، وكما يبدو انها وصلت لصيغ معقولة بمراحل ثلاث تبدأ بمسار انساني يعالج الوضع المعاشي والانساني للشعب اليمني ،ومسار ثان مواز يستهدف تشغيل ادوات الانتاج ويدفع باتجاهات المسار الثالث ،المتمثل بأطلاق عملية سياسية تنهي حالة الاختلاف وتؤسس لوضع سياسي جديد ، اللافت والثابت ان الوفد اليمني المفاوض اثبت نجاحا كبيرا ،يشبه ذلك النجاح الذي اظهره اليمنيين في تصديهم عسكريا ،لمحاولات تركيعهم ما يعني انهم يحصدون اليوم نجاحا سياسيا كبيرا ، فما حاولت السعودية اخفائه من خيبة و انكسارات عسكرية طيلة سنوات عدوانها لن ينجح هذه المرة ،وستكون هزيمتها واضحة اثر موافقتها على الشق المالي ،واعادة تأهيل بعض المرافق والمنشأت اليمنية ،وأعادة الامور الى ما كانت عليه قبل العدوان ، كما ستقر السعودية بحسب مؤشرات سير المفاوضات الجارية بنهاية تبعية اليمن لارادتها ،وما كانت تعتقده بأعادة صنعاء لحضيرتها ،وهو خيار ستراتيجي كانت ترى عدم امكانية التنازل عنه .
التفاصيل تشير ايضا لأن الحوثيين باتوا اصحاب اليد الطولى في تقرير مصير بلادهم ورفع الوصاية السعودية عنه، فبعد خوضهم هذه الحرب الضروس ومقارعتهم لتحالف العدوان الغاشم ،هاهم اليوم في موقع المفاوض الناجح الواثق من نفسه وقدراته ، ومن المؤمل ان يواصل ابناء اليمن الشجعان في الشمال انتصارهم السياسي حتى النهاية، رغم الضغوطات الكبيرة التي تمارس بحقهم للتنازل ،لكنهم يبدون اكثر اصرارا وصلابة في مواصلة نهجهم ، وقد ادركت السعودية ان اثمان التسوية مرتفعة ،لكنها ليست مكلفة بقدر خيار استمرار الحرب وتمويلها ،سيما ان المستثمر الحقيقي فيها هي الامارات ،واحلامها بمسك المسارات البحرية واحتلال الجزر اليمنية، التي جرى نقاش وضعها ضمن نفس المسارات التفاوضية ، وهو امر ابهج العمانيين لانهم لايرغبون ان تواصل الامارات لعب دور عسكري قريب من مناطق نفوذهم في بحر العرب ،ما يعني وجود رغبة عمانية بانهاء الحرب وووقف اسباب هذا التمدد غير المبرر .
اجمالا كل محاولات التسويف والمماطلة والاملاءات لم تجد نفعا ،وقد فشلت امام اصرار الوفد اليمني وايمانه وصبره ومقاومته ، فاليمنيون يفهمون جيدا كيف يمكن لهذا الصبر المرير ان ينتج انتصارا ،وقفت خلفه ارادة شعبية صلبة وايمان بحق لا يمكن تجاهله ،فما كان ثمنه ومحركه الدم والالم والثبات على المبدأ لن يذهب سدى.
نعم قد نشهد ولادة اتفاق نهاية الحرب رسميا باعلان انتصار ارادة هذا الشعب ،الذي اجبر دول العدوان ومن خلفها كل الارادات الشريرة وقوى الاستكبار الغاشمة ،على التسليم بحقوقه وسيادته على ارضه وثرواته ، والدرس المستفاد من كل هذا ،”ان للشعوب كرامة وللايمان منعة وفعل يهزم كل الآت الحرب وكيد الشياطين واعوانهم المتغطرسين “..