رحبت كل القوى الخيرة في العالم العربي والاسلامي بالتوقيع على ملحق وثيقة السلم و الشراكة الوطنية المتعلق بالحالة العسكرية والأمنية في اليمن بعد صراع جماهير مرير قدم فيهاالشعب الدماء الزاكيات من اجل تحقيقه. ولقد شهدت وتشهد المنطقة العربية تطورات عميقة في اوضاعها السياسية منذ ثلاثة سنوات مع تصاعد الحركات الاحتجاجية للجماهير الشعبية في المطالبة بتغيير الانظمة السياسية الفاسدة والفاشلة في تحقيق العيش الكريم والحرية والمساواة والامان والعدالة الاجتماعية ومنها الثورة اليمنية الشعبية التي اثبتت أنها ثورة إنسانية عالمية حضارية في مرحلة نهوضها بامتياز ، لان العالم المتحضر اتفقت على وجوب أن تكون الدولة مدنية بعيدة عن العسكرة و القمع
والشمولية القهرية، ولا يكاد يخرج عن هذا المفهوم العالمي أحد، إلا بعض
الزعامات الدكتاتورية و الطاغوتية، .ممن حرموا من الرصيد الإنساني والأخلاقي،
فجاءت هذه الثورة لتُثبت إنسانيتها وأنها جزء لا يتجزء من ركب ومسار البشرية،
ولذا لا حرج ولا إشكال أن تجعل الثورة اليمنية الظافرة من أوائل أهدافها الوصول
إلى مدنية الدولة. أن الثورة الشعبية السلمية في اليمن احدى المدارس الثورية في
العالم، كونها مدرسة الصبر والحكمة والأمل، نشأت في ظل أعنف وأفسد وأقبح
نظام عرفته اليمن والمنطقة العربية والإسلامية، فلم ينقل التاريخ طواله أن يقتل
متظاهرون عزّل بكل أنواع الأسلحة والمدافع والصواريخ، و تحرق الخيام على
الجرحى والمعوقين، و يقتل حتى الأطفال الرضّع و تختطف النساء وتبقى الحالة
ملتزمة بقيمها واهدافها دون الخروج من مسيرتها اوتنحرف كما ارد لها الاخرون،
فقد صمدت الجماهير بكل عزم بما فيهم الشباب الذين خرجوا إلى الساحات لتاييد
الثورةحتى لايكونوا بيادق بيد الفاسدين الذين امتطوا الثورة ووصلوا إلى مفاصل
الدولة.وخرج هؤلاء ليغيروا الواقع المختل ولكن بدلاً من أن يحتفي بهم أصدقاء
الأمس فقد معيقوا التغيير، وتحولوا من مشاركين في الثورة إلى ثورة مضادة.
وقد فضحت الثورة اليمنية مناهج المستبدين وسلوك الطغاة والمفسدين، الذين ظلوا يخادعون انفسهم والعالم طوال السنوات الماضية، تحت ذريعة الديمقراطية المزعومة، والجمهورية والثورة، والرأي والرأي الآخر، والتداول السلمي للسلطة، فيما ضلوا يمارسون أبشع أنواع الظلم والكيد، ولا يعترفون بأي حوارات إلا عبر فوهات المدافع والبنادق، فأثبتت الثورة اليمنية للعالم صلابتها وارادتها وهي جزء من العالم المتحضر والمتمدن . ….وصمدت وعاشت الثورة اليمنية السلمية الظافرة وعاش الشعب اليمني الحر الأبي المجاهد صامداً في كل الميادين والساحات،
وقداكتنزت في طيّاتها وحناياها ومنعطفاتها كثيراً من المفاهيم والقيم والدلالات الثورية الشعبية السلمية ، والمعاني والمنطلقات الحضارية، وقدمت الثورة دروساً تاريخية عظيمة ومشرقة في التغيير الحضاري السلمي عبر المنهجية الفريدة التي سلكتها في الصبر والثبات والسمو، وفي مواجهة الفكر الدكتاتوري الشرس الذي لم يكن يعرف إلا لغة الدماء والإبادة والكذب والتضليل، قلّ ما تجد لذلك نظيراً في تاريخ البشرية نعم ظل الحكام يمارسون اساليب بشعة من قتل وإبادة جماعية في كل يوم. ولكن نجحت الثورة اليمنية في أن تكون ثورة نظيفة: نظيفة في الشكل بحيث لا يستدرجها القمع إلى تلويث صورتها المدنية بالعنف، ونظيفة في الهوية والمضمون بحيث لا لبس ولا شَوْبَ في وطنيتها وقرارها المستقل – وإن أصابها من العالم تجاهل واحجاف وإنكار وخاصة من بعض العرب والمسلمين . ولكن حافظت على كونها درة من درر الثورات واعتمدت على نفسها وايمانها في هذا العصر كيقاس بمعنى الثورة .اما الاتفاق الموقع بين الرئيس والقوة الثورية فلم يترك أي مجال لللبس بخصوص وضع الوثيقة وملحقها كخارطة طريق لتجاوز الأزمة والدفع بالعملية السياسية قدماً وتعالج القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية في إطار مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وهي نتائج الارادة الحرة وتضع حداً لتدخل القوى الاخرى وتضع حداً للصراع اذا ما التزمت القوى الموقعة على الاتفاقات بما يجب عليها ازاء هذا الاتفاق، ان المشكلة في اليمن معقدة ومركبة، لا يكفي فقط حسن نوايا الاطراف الموقعة، بل يجب ان تتوفر عوامل موضوعية متعلقة بحل المشكلة الاقتصادية وحل مشكلة الثقافة التحريضية والتدخلات الخارجية وخاصة السعودية التي وصلت اخيراً الى قناعة بانه اذا انزلق اليمن في فوضى فان ذلك سيمتد اليها ولن يكون في مصلحتها اطلاقا وهذا ما اعلن عنه وزير خارجيتها سعود الفيصل في خطابه في الامم المتحدة ، نتمنى ان يكون ذلك عبارة عن توجه جدي من قبل السعودية باتجاه الوضع في اليمن، وموقف السعودية هو موقف هام جدا يهم اليمنيين كثيرا بحكم تاثيرها العميق خلال الفترة الماضية في شؤون البلد سواء على المستوى الامني او على المستوى السياسي، وبالتالي نأمل ان يكون ذلك توجه جاد من قبل القيادة السياسية نحو تطبيع الاوضاع بين البلدين.
ولاشك ان تنفيذ هذا الاتفاق يعنى بناء الدولة اليمنية العادلة خلال المرحلة القادمة.اذا ما حافظت على تماسكها …ويجب على القوى اليمنية ابعاد تاثير القوى المتطرفة والمنحرفة من امام مسيرتها والتي تتصيد بالماء العكر. كما ان وعي ويقظة اعضاء حركة انصار الله والاحزاب الوطنية الاخرى في ادارتها واحتواء المواقف الصعبة و الارادة الطيبة حدت من حالة التشرذم الخطير ورسمت ارادة راسخة في الطريق الصحيح وابعدة عن اليمن السعيد شبح الحرب الاهلية التي اراد لها الاخرون ان تقع لولا وعي وادراك شعبها والذي يمثل نموذجاً يمكن الاستفادة منه عند الشعوب الناهضة