23 ديسمبر، 2024 5:23 ص

اليزيديون جسد العراق الممزق

اليزيديون جسد العراق الممزق

إن أرض العراق -والتي كانت تسمى قديما بلاد ما بين النهرين- قد شهدت قيام أول حضارة في التاريخ على أرضها، وقد سميت ببلاد مابين النهرين نسبة لوقوعها بين نهرَيْ دجلة والفرات بين آسيا الصغرى والخليج العربي، تعد خصوبة الأرض هي السبب الرئيس لنشوءالحضارات القديمة في العراق، ويعود تاريخ الحضارات القديمة في العراق إلى عام 10000 قبل الميلاد، حيث استقرت الجماعات البشريةفي المنطقة وعرفت الزراعة معتمدةً على مياه نهر دجلة والفرات، كما عرفت تدجين الحيوانات، كما أبدعت الحضارات القديمة في العراق فيالأدب المكتوب والفن والثقافة والتجارة، ويقدر الخط الزمني لحضارات العراق القديمة بحوالي 3300 قبل الميلاد إلى 750 قبل الميلاد، وهذةالحضارات هي البابلية والسومرية والآشورية بالإضافة للكلدانية والأكادية و المجتمعات الإنسانية القائمة على التعدد تواجه مشاكلالاختلاف الديني والتنوع الثقافي والتباين القيمي، بسبب تباين الخلفيات المؤسسة لهذا التعدد، وهي مشاكل يمكن التعامل معها بوعييحول التناقض إلى تكامل، والتصادم إلي تعايش، والتعصب إلي تسامح. ويمكن التعامل معها بانفعال يزيد النار اشتعالا.
إن التنوع والتعدد والاختلاف في الكون واقع ملموس تحدث عنه القرآن الكريم في أكثر من سورة ، والاختلاف في الحياة الإنسانية ضرورةاجتماعية وإرادة إلهية ، وهو من الموضوعات التي مازالت تشغل بال المجتمعات الإنسانية اليوم بسبب الحروب، والصراعات، ومحاولاتالهيمنة، التي جعلت التعايش بين أفراد المجتمعات أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً في مجتمع يتسم بتعدد وتنوع مكوناته ثقافيا واثنياوعرقيا- كالمجتمع العراقي- ,الذي هو ذات غالبية مسلمة, وهنا تتجلى ضرورة ابراز عظمة ومنهجية الاسلام في اشاعة ثقافة التعايشالسلمي كإحدى أهم الضرورات الإنسانية والأخلاقية، وقد جاء الإسلام بشريعة عادلة، ونظمٍ إنسانية رفيعة تحترم الإنسان، وتكرّمه بصرفالنظر عن دينه وعقيدته، ويعطي حلولا واقعية في كيفية تحقيق التعايش في مجتمع تعددت أديانه وتنوعت ثقافاته وتباينت أفكاره؟ وهذا ماسنحاول الإجابة عليه في بحثي الموسوم:﴿ التعايش السلمي وانعكاسه على اللحمة الوطنية دراسة في شروطه ومقوضاته.والتسامح ثمرةللتعايش ونتيجة عنه، فلا يمكن أن يكون التسامح إلا بعد عيش مشترك لجماعة من الناس، تحمل أفكارا وتصورات متباينة، وتمارس عاداتمتنوعة، وتنتمي إلى ديانات مختلفة، وهو قيمة راقية لا تصدر إلا عن نفوس كريمة. وللتسامح الديني آثار على الفرد والمجتمع، كما أنه يسهمفي البناء الحضاري، الذي يعني انطلاق نمط من أنماط السلوك الإنساني، يعترف بالآخر، فيؤثر فيه ويتأثر به، وهو ما يعني حضارة قويةًوممتدة، لن تعصفَ بها التقلبات المختلفة كما قيل. فالتعايش السلمي يدعو الناس إلى التسامح والتآخي، فإذا حققوا ذلك استطاعتمجتمعاتنا العربية والإسلامية، وكذلك دول العالم أجمع، رسم ملامح الحضارة الإنسانية المبنية على الحقوق والواجبات.

وللتعايش خصائص تتمثل فيما يأتي:

1- القول بحرية التدين والتركيز على القواسم المشتركة.

2- منع كل ألوان الاعتداء على الآخر.

3- منع الكراهة الدينية والدعوة إلى الإخاء الإنساني.

4- المطالبة بالحرية الدينية للأقليات غير المسلمة في البلاد الإسلامية، والعكس بالعكس، والتعامل معهم على أساس الوحدة الوطنية.

5- الإقرار بالأديان السماوية جميعا.

6- الاجتماع على تقوية الصلة بالله في النفوس، وخاصة بعد طغيان المادية وتفشي قيمها المسيطرة على الشباب في العالم.

7- البعد عن العنف والإرهاب والتطرف الديني والتكفير، وأيضا البعد عن التدخل في خصوصيات الآخر الدينية.

العنصرية والطبقية بشتى أنواعها وأشكالها منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أكد القرآن الكريم أن التفاضل بين البشر لا يكون إلابالتقوى فحسب، قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم»،«الحجرات:13»، وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى، فقَال: «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية،وليس منا من مات على عصبية»، وهكذا قضى الإسلام على كل صور العنصرية والطبقية والنعرات التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي،وجعل محلها المساواة والمحبة والألفة والمودة والرحمة. وأضاف د. خالد: «للعنصرية والعصبية والقبلية آثار وأضرار جسيمة وعواقب وخيمةعلى الفرد والمجتمع، فالشخص الذي يتعصب لقبيلة أو حزب أو جماعة أو فئة أو عائلة لا شك أنه يطلق ولاءه ونصرته وهمته وحياته لمنيتعصب له، ثم يطلق عداءه وبغضه وكرهه للطرف الآخر، ولا شك أن ذلك يولد العنف والاقتتال والفوضى».

يعبدون الشيطان ويقدسون يزيد بن معاوية.. هكذا هم الإيزيدون في المتخيل الجمعي للكثير من المسلمين في المشرق العربي من الشيعةوالسنة على حد سواء، دون تصور واضح أبعد من ذلك عن هوية وكنه عقائد معتنقي ذلك الدين الذين يصل عددهم إلى مئات الآلاف فيالعالم العربي وكذلك في المهجر؛ لاسيما في دول الاتحاد الأوروبي.

برز الحضور الإيزيدي في الإعلام العربي والعالمي خلال السنوات الأخيرة جراء اضطهاد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لهم في المناطقالتي سيطر عليها من سوريا والعراق. ورغم هذا الحضور البارز على مستوى التناول الإعلامي الذي سلط الضوء على وجود هذه الأقليةالدينية في السنوات الماضية، فإن التصورات حول تلك الديانة ومعتنقيها ما زالت باهتة للغاية حتى الآن، فمن هم الإيزيديون؟ وما هي أبرزعقائدهم؟

فرضية انتمائها للديانات القديمة لحضارة بلاد ما بين الرافدين التي ترى علاقتهم بالتراث السومري والبابلي بشكل خاص، وهي بحسبالباحث العراقي في تاريخ الأديان والحضارات القديمة خزعل الماجدي، نظرية غير محكمة الترابط ومبنية بطريقة عشوائية على بعضالمفردات اللغوية المنتقاة.

2. نظرية الأصل الإيراني التي تربطهم بمدينة يزد قرب خراسان وببعض معتقدات الديانة الزرادشتية التي كانت تؤمن بإلهين: إله للنور أيالخير، وإله للظلمة أي الشر، والمعروفة لدى العرب والمسلمين تاريخيا باسم المجوسية، وهي نظرية غير متماسكة بحسب الماجدي أيضا، رغمأن هنالك كثيرا من أركان الديانة الإيزيدية التي تتقاطع تمامًا مع الزرادشتية .

من جهة أخرى، تشير بعض المخطوطات إلى أن جذور الديانة الإيزيدية ترجع إلى الألف الثالث قبل الميلاد، حيث تعود أصولها إلى إحدىالديانات الكردية والفارسية القديمة يطلق عليها اليزدانية، كانت أحد الديانات الرسمية السائدة إلى جانب الديانات الكردية القديمة الأخرى،كاليارسانية والزرادشتية والميترائية.

وعلى الرغم من إعلان العراق نهاية داعش في العام 2017، إلا أن الندوب لا تزال محفورة في الذاكرة الجماعية للشعب اليزيدي. وبالرغم منأن شهر آب/أغسطس 2019 يسجل انقضاء خمسة أعوام على الإبادة اليزيدية، لا يزال اليزيديون يعانون. فقد دفعت الحملة التي شنت علىالمجتمع اليزيدي آلاف الأشخاص إلى عيش حياة بائسة إلى أبعد الحدود، كما أدت التوترات المذهبية الممزوجة بالتعصب الديني إلى دمارالمجتمع اليزيدي القديم في منطقة سنجار الواقعة في محافظة نينوى العراقية وأجبرت فتيات يزيديات على العبودية الجنسية، باستخدامهنكدروع بشرية وتخديرهن وغرس العقائد في عقولهن، في حين تم التخلص من آلاف الرجال والنساء المسنات في قبور جماعية. لا يزالالكثيرون في عداد المفقودين، في حين أن الناجين منهم لا يزالون يعانون من الظلم الذي ألحق بهم.

قبل الهجوم الذي شنه تنظيم “الدولة الإسلامية” في العام 2014، كان عدد السكان اليزيديين يبلغ حوالى 400 ألف نسمة. وبحسب تقديراتالأمم المتحدة، تم قتل أو إخفاء 10 آلاف واختطاف 6400 شخص في أعقاب هذا الهجوم. أبلغت “يزدا”، وهي منظمة يزيدية هدفها التوعية،عن أعداد مروعة مماثلة، مقدرة أعداد القتلى بـ 12 ألفا. ووفقًا للأمم المتحدة، لا تزال 3 آلاف امرأة وفتاة في عداد المفقودين. واليوم، لقديسكن من تبقى منهم في إقليم كردستان العراق كنازحين داخليا أو يعيشون في مخيمات اللاجئين في شمال شرق سوريا. أما أولئك الذينتمكنوا من الهرب من المنطقة فيقيمون حاليًا في أرجاء أوروبا

وبالرغم من أن هذه المحاولات المتنافسة تعتبر حامية للأقليات اليزيدية، لا يزال أغلبية المجتمع يواجه ظروفا قاسية. على حدّ تعبير الممثلةالخاصة لأمين عام الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، “يفاجئني الآن وبعد مرور حوالى خمسة أعوام على سيطرة “داعش” على سنجار وما تلا ذلك من تحرير للمنطقة أن أرى أن الكثيرين لا يزالون يعيشون في الخيم، على قمة الجبل الذي هربوا إليه في ذورةالحملة الإرهابية”. ومن هنا يتبين أن وظيفة القانون تنحصر في تحقيق العدالة الاجتماعية والدينية لكن ما يجب يفهم هو أن مفهوم العدالةذاته يطرح عدة إشكالات تخص الجانب التصوري لهذا المفهوم أو هوية الفرد على المجتمع أم العكس وهذا هو موضوع المحور التالي . المطلبالثاني : مفهوم العدالة تنحصر وظيفة القانون في تحقيق العدالة الاجتماعية والدينية، ومفهوم العدل ذاته يطرح عدة مشاكل تخص التصورالموحد له لذلك نجد أن هذا المفهوم مرتبط بمفاهيم أخري كالحق ، والحرية والمساواة ولهذا يتبادر إلى الذهن التساؤل حول أهمية العدالةوحضورها في المجتمع إذا انصرف كل واحد إلى ما هو مؤهل له بطبعه لذا يقتضي مبدأ العدالة على عدم محاسبة الناس على أفعالوتصرفات قاموا بها في ظل قانون سابق ، إذ لا يعقل بأن يأتي قانون جديد يحاسب الناس على ما أسلفوا من أفعال فذلك يعد من قبيلإنزال العقاب بمن أطاع النص القانوني القديم فعنصر الإلزام لا بد أن يواكب النص القانوني حتى يحقق العدالة وغياب هذا الإلزام لا يتأتىتحقيق العدالة . وبذلك يتضح لنا من خلال النصوص القانونية أن التحمل مبني على القدرة والاستطاعة لذا نجد هنا غياب المساواة التي ينتجعنها في هذه الحالة العدالة ، هنا نجد روح بعض النصوص تخاطب فئة المواطنة فكل مواطن يساهم بقدر استطاعته بوازع المواطنة والانتماءالذي يفرض على الإنسان أن يتحمل ويساهم کموطن في التكاليف العمومية . فعلى الفرد أن يضحي بجزء من حريته ، وبجزء من ثروته خدمةللصالح العام ، فالناس متساوون أمام القانون لذلك يجب أن يتمتعوا بحقوق سياسية ومدنية واحدة . أن العدالة لا تتحقق إلا في مرتع خصبوهو المصطلح عليه بدولة الحق والقانون دولة تبني فيها المؤسسات على المشروعية واحترام إرادة الأمة في الاختيار يعيش فيه القانون ويحياوتموت فيها الأنانية النزعة الفردية.