تعرضت اليزيدية عبر التاريخ الى حروب مفجعة وكارثية على الرغم عن عدم تدخلهم المباشر فيها لا من قريب ولا من بعيد , فكانت مناطقهم ساحات حرب طاحنة , وممتلكاتهم عرضه للنهب , ومزارعهم عرضة للتدمير ونسائهم للسبي. ولعل ما حدث في زمن الأمير اليزيدي علي بك من توريط نفسه في العداء القائم آنذاك بين الأمراء الكرد محمد سعيد باشا أمير بهدينان وعلي أغا البالطي زعيم الاركوشيين , وخيانته العظمى لضيفه القادم للمشاركة في ختان احد أبنائه في أقدس وأنقى واطهر شعيرة قدسية لدى اليزيدية وهي (الكرافة) التي تقارب ما يطلق عليه أخ الرضاعة عند العديد من الأقوام والشعوب, بتحريض الأمير الكردي محمد سعيد باشا , إذ قام بقتل ضيفه علي أغا البالطي مع خمسة من إتباعه و فرض على اليزيديين المشاركة في الجريمة, دون سبباً , إو مبرر مقنع , إلا الطيش والتهور, وسهولة خداعه من قبل الآخرين.
لم يحسب الأمير اليزيدي ما يترتب على قومه من تصرفه , لاسيما مع وجود شخصية مرموقة لدى قبيلة المزوري ألا وهو أقارب علي البالطي رجل الدين الشهير الملا يحيى المزوري الذي بذل كل جهده لتحشيد القوى المحلية للأخذ بالثار ممن غدر بأقاربه فيشير بعض الباحثين الى سفره الى بغداد لمقابلة داود باشا, وتجوله في المناطق الكردية التي تجاهلهت طلبه, إلا أمير راوندوز الأمير محمد باشا(مير كوره)أو ما يطلق عليه الأمير الأعور , الطموح لتحقيق أمارة سورانية متكاملة تضم الإمارات الكردية وتقف بوجه المطامع العثمانية , فوجدها فرصة ثمينة لتحقيق طموحاته فاستجاب لطلب الملا المزوري وبدعم من رجل الدين محمد الخطي المقرب من الأمير الكردي محمد باشا .
سير الأمير الكردي محمد كور جيشه الجرار والمجهز بالمدفعية لمحاربة اليزيديين أينما كانوا فلم تسلم قرية أو منطقة من القتل على يده حتى وصلت جموع اليزيديين المنهزمين إمام جيشه حدود الموصل التي رفع الجسر من على نهارها حتى قدرت خسائر اليزيديين في بعض المصادر ما يقارب ال100 إلف شخص لا ذنب لهم إلا يزيديتهم وارتباطهم المعنوي مع أمير متهور, يضاف لهم الخسائر المالية من محاصيل وثروة حيوانية وممتلكات شخصية .
واليوم وبدخول قوى الظلام والشر والتكفير والإرهاب (تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية) الأراضي العراقية , وممارستها أبشع الجرائم ضد الإنسانية تجاه الأقليات الدينية الموجودة في مناطق الموصل , التي عاشت بسلام ووئام , فمزقت النسيج الاجتماعي المتسامح , وبرزت حالات من سرقت الجار لجاره , ومشاركة البعض الأخر مع التنظيم الإرهاب في قتل أبناء مدينته, حتى إن إفراد من قبيلة البومتيوت نسوا موقف اليزيديين المشرف في دعمهم ضد قبيلة شمر إثناء موقعة خنسي الشهيرة , في خيانة يندى لها الجبين, وقد ساهمت نكسة الجيش وهروب الكثير من قادة القوى الأمنية وتخلي بعض الساسة عن مسؤولياتهم الوظيفية والأخلاقية
تجاه مواطنيهم, في استشراء حالات الانضمام الى المجاميع الإرهابية من قبل طيف ذو خلفيات متعددة ومصالح مشتركة.
وبرزت أوصاف عديدة تطلق على الجيش العراقي والتشكيلات الأمنية الأخرى من باب السخرية والاستهزاء ,ومحاولة للنيل من معنويات الجيش والشعب , وتثبيط العزم والتشكيك بقدرته على مواجهة داعش والمجاميع الإرهابية الأخرى. واستند بعض الساسة اليزيديين على القوى الكردية بشكل مطلق في حماية مناطقهم رغم ان غالبيتها تقع ضم المناطق المختلف على تسميتها, واشترك في هذه الحملة المسعورة دون دراسة ووعي لعواقب تمدد قوى داعش الظلامية شخصيات يزيدية معروفة , بل وصف البعض القوات الكردية بأنها القوة الجبارة التي لا تهزم, والقادرة على حماية اليزيديين أينما كانوا, وبينما الجميع منشغل بما يتعرض له الوطن باجمعه انسحبت القوات الكردية حالما اتجهت فوهة بنادق داعش لها , بل وصلت حدود اربيل , فأحدثت فزعاً وخوفاً عالمياً.
وبدأت نغمة جديدة تسمع هي حماية الأقليات, على الرغم من البلد كله يتعرض للتهديد , واستفاق العالم على بكاء النائب اليزيدي فيان دخيل في بغداد تستصرخ الضمائر لإنقاذ أبناء جلدتها وحصلت على حشد كبير جداً من التعاطف الداخلي والخارجي , لكن إما كان الأجدر إن يكون البكاء في البرلمان الكردي, مطالبة بتوضيح عن سبب الخذلان والخديعة التي تعرض لها قومها , وتقول لهم لقد استفدتم من مأساتنا في كل مرة, الم ينسحب حسو هرومي من الوفد المشارك في مؤتمر الأديان والمنعقد في بلجيكا 23/8/2014 , بعد أصبح الوفد يمثل برلمان الإقليم الكردي وهمش الحضور اليزيدي, من يقود المعارك في جبل سنجار الأشم أليس قاسم ششو وخيري شنكالي وآخرين الم يصرح الكرد إن حدود المناطق اليزيدية هو الأمن القومي الكردي ولايسمح بالتجاوز عليه, الم يكن الأجدر بالقوات الكردية إجراء إجلاء مؤقت للسكان حالما احتلت داعش تلعفر وزحفت نحو بعشيقة , وسمعنا العنتريات أكثر من العقلانيات, لماذا لم تتم مصارحة السكان بالخطر القادم وتشكيل كتائب شعبية من اليزيدية لمقاومة الزحف مع تجيزها بالأسلحة المطلوبة, لماذا لم يسمح لليزيديين الاتصال بالدولة العراقية لطلب العون والإسناد في محنتهم الإنسانية, وما حصل للشهيد الطيار ماجد التميمي خير شاهد على أهمية التنسيق مع جهد الدولة العراقية.
يبدوا إن أكثر المستفيدين من مأساة اليزيدية اليوم هم الكرد فقد حصلوا على دعم دولي مميز , وأمدتهم دول عدة بالأسلحة والعتاد والتجهيزات , ووفرت غطاء جوي كثيف لمنع تقرب داعش من مناطقهم, وبدأت العديد من المنظمات تعمل من المناطق الكردية دون التنسيق مع الدولة العراقية , استغلال المحافل الدولية في الترويج للقضية الكردية وليس الأقليات وجرائم داعش ولعل مؤتمر بروكسل خير شاهد, دعوة لساسة اليزيديين إن أبناء جلدتكم كانوا ومازالوا وقوداُ لصراعات محلية وإقليمية ليس لهم فيها ناقة ولا جمل, فقليل من الحرص على الدم والإنسان اليزيدي من اجل غداُ مشرق لهم ولأبنائهم بعيداً عن هموم الغربة ومكاسب السياسية.