19 سبتمبر، 2024 3:58 ص
Search
Close this search box.

“\u0627\u0644\u064a\u0627\u0643\u0644\u0647 \u0627\u0644\u0639\u0646\u0632 \u064a\u0637\u0644\u0639\u0647 \u0627\u0644\u062f\u0628\u0627\u063a”

“\u0627\u0644\u064a\u0627\u0643\u0644\u0647 \u0627\u0644\u0639\u0646\u0632 \u064a\u0637\u0644\u0639\u0647 \u0627\u0644\u062f\u0628\u0627\u063a”

من أمثلتنا التي نستعين بها في يومياتنا المثل القائل؛ (الكتاب يبيّن من عنوانه) وقد سبقنا في هذا المعنى الشاعر العباس بن الأحنف حيث أنشد:
كنت مثل الكتاب أخفاه طي فاستدلوا عليه بالعنوان
وهذا مايحذو حذوه ممتهنو الصحافة، إذ أن إيلاء الـ (مانشيت) أهمية كبيرة في تحرير الخبر الصحفي في وسائل الإعلام المقروءة، وانتقاء مفرداته وفق ضوابط وشروط لغوية ونحوية، يضفي على الخبر جاذبية وتشويقا. إلا أن هناك شرطا أساسيا في هذا الأمر، على القائم بتحرير الخبر أخذه بعين الاعتبار، هو أن تكون أهمية الخبر والأحداث التي يتضمنها الموضوع، تتلاءم مع الصورة الرائعة التي رسمها المانشيت، وتوازيه باهتمام القارئ، وإلا فالأمر سيأخذ طابع الخداع والتمويه والتحايل. فحين يتابع القارئ متن الموضوع ولا يجد فيه ما استوحاه من المانشيت من قوة وأهمية، تتزعزع ثقته بكاتب الموضوع، وسيثأر للخديعة التي تعرض لها، وسيعدّ مامر به ضربا من الاستدراج والمراوغة، لإرغامه على قراءة الموضوع، وقطعا هذا ليس من صالح الكاتب والقارئ والجهة الإعلامية التي تصدر ذاك المطبوع.

وباستذكار لبعض المانشيتات التي كان يضعها كادر متخصص في وسائل الإعلام في زمن النظام السابق. كنا نقرأ في صدارة الصفحات مانشيتات بالخط العريض أمثال؛

* من حمورابي الى صدام حسين…

* نبوخذ نصر ينهض من جديد…

* حمورابي يحمل مسلته الينا…

ثم يتبين بعد حين هراء تلك العبارات وخواؤها من كل معنى تحمله، وخلوها من مصداقية فحواها، بل هي كانت كما قال الشاعر الأندلسي ابو بكر بن عمار:

مما يزهدني في أرض أندلــس

أسـمـاء معتضـد فيها ومعتـمـد

ألقاب مملكة في غير موضعها

كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

ما دعاني الى الحديث في موضوع العناوين والاشارة الى مانريد بها والاستدلال على الأشياء بمسمياتها، هو ما ينشر اليوم في وسائل الإعلام لاسيما المقروءة منها، فيما يخص الكتل والقوائم والكيانات والتحالفات ومسمياتها، إذ أن جميعها من دون استثناء تحمل من الأسماء الرنانة والألفاظ الجزلة، مايشير الى معانٍ سامية ووطنية، وأغلبها ينم اسمه عن رعاية مصلحة البلد وجعلها فوق كل المصالح و (هاي من الزينات). وأخرى تشير الى الاتحاد وتنادي به، وهناك كتلة حملت اسم العراق فانتسبت اليه، وكتلة اختارت أصغر خلية في المجتمع -وهو المواطن- فتسمت باسمه، وكتلة اختارت من الألوان أنصعها وأنقاها اسما لها. ونرى كتلة جعلت من مشروعها دليلا عليها فاختارته مسمى وتعريفا لها. وهكذا تعددت أسماء الكتل، ولكن أفعالها لم تكن بما يلائم دوي أسمائها، إذ لاأحد يبت في جدوى أفعالها بعد رنين أقوالها الذي ملأ الفضاء السياسي والاجتماعي، كما أن مشوار إثبات النيات السليمة يبدأ في أول خطوة بمسيرة الأميال الألف، وهذا ماتفتقر اليه كتلنا وقوائمنا في الانتخابات السابقة، فلا الخطوة الأولى ولا الثانية ولا العاشرة ولا حتى الألف، تشعر المواطن أن الذين انتخبهم على قدر المسؤولية في الإيفاء بالوعود.

إن الذي يحدث اليوم من خذلان المواطن بتوفير أبسط مستلزمات عيشه حرا كريما، هو أول دليل على أن الأسماء أحيانا لاتأتي بما يناسب المسمى، والقوائم التي فازت والكتل التي تبوأت المقاعد، تربعت على عرش الفشل بكل اقتدار، وأصابع الاتهام جميعها تبصم بثقة مطلقة على التواطؤ والفساد الذي عم الكتل والأحزاب رئاسة وأعضاء، الأمر الذي فجر صبر العراقيين في تحملهم الضيم والغبن وسلب الحقوق، وأعلنوها بتحد لن يلين في تظاهراتهم التي انطلقت بقوة، ولا أظنها تتوقف وتنتهي بما يصب في صالح السراق والفاسدين، السابقين منهم واللاحقين، بل ستضع حدا فاصلا بين حقب الماضي والمقبل منها، والتي ستشهد تطبيق مثلنا القائل؛ “الياكله العنز يطلعه الدباغ”.

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات