11 أبريل، 2024 5:35 ص
Search
Close this search box.

الى متى يبقى شيعة العراق حطبا للمشروع الايراني؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

تقريبا جميع المختصين بشؤون الامن والاستخبارات يجمعون على ان المخابرات الدولية والاقليمية هي من اوجد, عزز, درب, او قضى على كثير من المجاميع الارهابية في العالم, وقد تجبر التطورات السياسية احيانا اجهزة المخابرات على تبادل الادوار في مسرحية استخباراتية خفية تدفع ثمنها الشعوب المغلوبة على امرها.

قد تكون الامور في هذا الشأن أقل غموضا لشعوب الامم الاخرى لكن لاتبدو هكذا لنا ,نحن العرب, لاننا عاطفيون اكثر منا عقلانيون, عواطفنا توجه بوصلة استنتاجاتنا, لذا قد يبدو استنتاجي هذا لغالبية شيعة العراق سطحيا ومضحكا فعيون الهوى عن كل عيب كليلة.

منذ اسقاط نظام البعث في العراق على يد القوات الامريكية عام 2003, لم يخف نظاما الاسد و ملالي ايران دعمهما ل”المقاومة” العراقية ,التي حسب وصفهما ,والعراقيين المتضرريين من سقوط نظام الطاغية صدام, كانت تقاوم الاحتلال الامريكي, رغم ان المستفيد الأول من اسقاط نظام البعث العراقي هم شيعة العراق.

واذا كانت ايران نجحت الى حد ما في عدم ترك اثار يستدل منها على دعمها لعمليات الاغتيالات التي تستهدف معارضي سياساتها من قادة العراق شيعة وسنة على حد سواء, فالادلة على دعمها للارهاب بشكل عام في العراق واضحة, أهمها ان حليفها الاول في العالم والمنطقة ,نظام الاسد, كان يدرب ويرسل قطعان الارهاب الى العراق والتي يعرف الاثنان (ايران والاسد) ان هذه المجاميع الارهابية كانت تستهدف الشيعة في العراق قبل غيرهم, فايران كانت تدعم جهود نظام الاسد وتنسق معه لعرقلة مشروع دمقرطة العراق خوفا من بلورة علاقات عراقية-امريكية طويلة الامد يمكن ان تؤدي الى تقويض نظامها الثيولوجي المتخلف, والا لاستطاعت منع الاسد من دعم الارهاب في العراق (مرة قال أحمد جنتي يجب هزيمة المشروع الامريكي في العراق حتى لو مات عشرة ملايين عراقي).

لانقل ان ايران صنعت داعش او القاعدة لكننا ندعي ان ايران ركبت الموجة في استعمال المجاميع الارهابية لتحقيق اهدافها بطريقة ميكافيلية شريرة, فاحتضنت عتاة الارهاب عندما لفضهم العالم وطاردتهم الدول والامثلة على هذا كثيرة ولامجال لذكر اسماء قادة القاعدة الذين آوتهم أو لازالت تأويهم ايران .

رغم ان ايران تحاول جاهدة اخفاء دعمها لمجاميع ارهابية معينة لكنها على سبيل المثال لاتخفي دعمها لمنظمة حماس الفلسطينية ,التي حتى بعض الدول العربية السنية تعتبرها منظمة ارهابية, تلك المنظمة التي تلعن شيعة العراق ليل نهار لانهم خذلوا “البطل القومي” صدام حسين وكانت ,نكاية بهم, نصبت سرادق العزاء لمقتل عدي وقصي صدام حسين, وحماس هذه لازال يستهدف فرعها العراقي الشيعة.

عندما استطاعت القوات الامريكية بدعم بعض عشائر سنة العراق اخماد انفاس تنظيم القاعدة في العراق, عام 2008 تبنت المجاميع الارهابية الشيعية مشروع “المقاومة” ,بدعم من فيلق القدس, لافشال مشروع ايجاد نظام ديمقراطي مستدام, وعزت تقارير القوات الامريكية اكثر خسائرها بعد عام 2008 الى المجاميع الارهابية الشيعية مثل عصائب اهل الحق وكتائب حزب الله …الخ

وعندما بدأت الثورة الشعبية السورية ضد نظام بشار الأسد أراد الاثنان (ايران والاسد) الصاق صفة الارهاب بالثورة فأصدر الاسد عفوا واخلى سبيل الارهابيين لينظموا الى الثورة لاعطاء الاسد حجة شرعية وغطاءا دوليا لمقاومة الارهاب والثورة معا, وكان فيلق القدس يعلم, من خلال دعمه لتفجير ضريح العسكريين في سامراء, (حسب قائد القوات الامريكية السابق في العراق) ان استهداف العتبات المقدسة وحده القادرعلى تعبئة الشباب الشيعي المتحمس وتوجيهه لخدمة المشروع الايراني دون وعي منه, فأوحت لعملائها الارهابيين في سوريا بالتهديد بتدمير ضريح السيدة زينب, فهب شباب شيعة العراق المغرر بهم للدفاع عن الضريح ليجدوا انفسهم بالتالي يدافعون عن نظام بشار الاسد ضد الشعب السوري.

حذرت ايران العالم من خطر داعش الذي توقعت (او خططت) له التمدد ليشمل دولا اخرى في الشرق الاوسط.

وعندما نجحت دول الخليج العربية في كسب الدعم الدولي للثورة السورية المتمثلة بالجيش الحر, امرت ايران عملائها في العراق باطلاق سراح الارهابيين من سجن ابي غريب وغيره من سجون العراق (حسب وزير العدل العراقي) لقتال الجيش الحر في سوريا وبالتالي اجبار العالم على الاختيار بين الارهاب العلماني (الاسد) او الارهاب الاسلامي (داعش والنصرة).

مقابل خدماته, أوصى قائد فيلق القدس نوري المالكي باستعمال تنظيم داعش لتهديد معارضية من الشيعة والسنة, فتجاهل المالكي التحذيرات الوطنية والدولية من تنامي قدرات التنظيم وخطورته على الموصل والمدن العراقية الاخرى, وبعد ان اراد المالكي,من خلال عرض عسكري داعشي تحت السيطرة, التلويح بعصا داعش لابتزاز اثيل واسامه النجيفي وكسب تأييدهما لجهوده في ولاية ثالثة, خرج المارد من السيطرة وانفلت من عقاله فتساقطت المدن العراقية امامه كتساقط الاوراق في مهب الريح وهرب الآلاف من افراد الجيش العراقي امام بضع مئات من مقاتلي التظيم تاركا اسلحته ومعداته في هزيمة مذلة ستدرس في الكليات العسكرية (حسب باقر جبر الزبيدي).

خلال احتلاله للمدن العراقية ارتكب تنظيم داعش جرائم تقشعر لها الابدان في العراق وذبح الآلاف من شيعة العراق ذبح الخراف ووعد باجتياح كربلاء “المدنسة” والنجف “الأكفر” امام سكوت عالمي يضاهي السكوت عن ذبح الاسد اليومي للشعب السوري.

دقت قدرة تنظيم داعش العسكرية والتعبوية والمالية,التي بينتها هجماته في العراق, واستيلاءه على اجهزة ومعدات متطورة تركتها خلفها قطعات الجيش العراقي المهزوم, دقت ناقوس الخطر الاقليمي والعالمي فقررت القوى العظمى أخيرا التدخل ووعدت بتخليص الشعب العراقي والقضاء نهائيا على التظيم.

طالبت بعض الدول اشراك ايران في الحرب ضد داعش وعارضت دول اخرى. كانت الخطة الايرانية في حماية نظام الاسد ستنجح لو ان التحالف الجديد ضد داعش ضم نظام الاسد واعاد تأهيله وهذا ماطالبت به ايران, لكن رفض المجتمع الدولي التحالف مع نظام بشار,نتيجة ضغط العرب السنة, أفشل المشروع الايراني فما كان منها (اي ايران) ان ترفض الحرب على داعش وتوحي الى عملائها في العراق وسوريا برفض التدخل العسكري لضرب تنظيم داعش.

فملأ وسائل الاعلام زعيق المتباكين على حرمة انتهاك سيادة العراق الجوية من قبل طيران التحالف الاممي ضد داعش من بعض قادة الشيعة ,وفي الحقيقة هم يتباكون على انتهاك سيادة تنظيم داعش لان ثلث العراق تحت سيطرته, فوعدت مجاميع ارهابية شيعية كجيش المهدي وعصائب اهل الحق وكتائب حزب الله, وعدت بحرق الارض تحت اقدام والجو فوق رؤوس الامريكان ان هم تدخلوا لدحر داعش رغم ان شيعة العراق لازالوا يلعقون جراحهم ولازالت نسائهم تغتصب والمئات ان لم تكن الآلاف ابنائهم لازالوا اسرى لدى التنظيم.

هل كنت, ايها القاريء الشيعي, تتخيل قبل بضعة اسابيع ان شيعة العراق,ليس سنته, من سيرفض التدخل الاممي للقضاء على داعش؟ انها مشيئة ايران سيدي الكريم وشيعة العراق ليس الا فداء لنظام الأسد الذي بعدما بالغ في ذبحنا اصبح الآن شيعيا وعلينا حمايته من السقوط الذي لابد آت رغم كل القرابين.

*[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب