انتهت حكاية “البعير” ووقوفه المزمن على التل. فبدخول مفردة “الجعير” الى قاموسنا السياسي اللغوي لم يعد السؤال الخالد .. الى متى يبقى البعير على التل صالحا للطرح والجمع بل وحتى الضرب والقسمة. مفردة سيبويهيه جديدة طالما اختلف عليها البصريون والكوفيون ربما اكثر من خلافهم السرمدي حول حتى جاءت عبر بيان للسيد رئيس البرلمان اسامة النجيفي فقامت الدنيا ولم تقعد. اما لماذا و”ليش وعلى شنو” او على طريقة زهور حسين “خالة شكو شنهو الخبر دحجيلي” فان مشكلة “الجعير” فاجأتنا تماما ولم نكن مستعدين لصدمة لغوية بهذا الحجم بعد ان اعتدنا على نمط من المفردات المتداولة بين السياسيين حتى حفظناها عن بطن قلب “ظهر القلب طلع بيه فقرات”.
قد يتساءل احدكم عن الازمة التي سببتها مفردة “الجعير” الواردة في بيان مكتب النجيفي بخصوص منتقديه لزيارة قطر وحديثه لقناة “الجزيرة”. ومن جانبي سوف استغل انهماك الاخوة في العودة الى “لسان العرب” لابن منظور لاقتفاء اثر هذه المفردة التي “طلعتنا صفح” لاقول انهم معذورون في الاعتراض بل و”الفزة” التي سببتها لهم هذه المفردة لانها جاءت في وقت قاتل. فقبل ساعتين الا ربع من توقيت جرف الصخر وفي الوقت الذي كان فيه المتظاهرون في ساحات العز والكرامة والاحرار في محافظات البلاد الغربية منهمكين في تشكيل لجان لجرد محتويات خيم الاعتصام تمهيدا لرفعها بعد ان حققت الحكومة كل مطاليبهم “غير المشروعة” .. نعم غير المشروعة “لاتفزون” لان المشروعة مستحيل تحقيقها لاسباب يطول ويعرض شرحها .. اما المطاليب غير المشروعة وتتمثل في اسقاط الدستور ورحيل المالكي وانهاء العملية السياسية الحالية بل وحتى القادمة “من باب حسن النوايا طبعا” فقد تحققت بالكامل واذا ببيان النجيفي يقضي على الاول والتالي بسبب اقحامه مفردة “جعير” التي اعادتنا الى “المربع الاول”.
لولا “الجعير” لتم اقرار الموازنة المالية بجلسة برلمانية واحدة مع تبادل المزيد من القبل بين النواب بدل المشادات الكلامية. لولا “الجعير” لتم اخراج قانون النفط والغاز بنسختيه العربية والكردية والتصويت عليه قبل ان ينتهي السادة النواب من تبادل عبارة “الله بالخير” التي تلي “الجعير عليكم” عفوا “السلام عليكم” باقل من ثلاثين ثانية. لولا “الجعير” لقبل النائب علي الشلاه رئيس برلمانه اسامة النجيفي من “كصته” ولقبل النجيفي زميله الشلاه من “لحيته” .. (على مود لاتصير كصة بكصة ) وتعال يا عمي بايدن او اردوغان او سليماني او الشيخ حمد “شيلني”. لولا “الجعير” لاستيقظنا الصبح على اربع وزراء للدفاع وللداخلية بدلا من وزيرين. لولا “الجعير” لتناول الدكتور اياد علاوي طعام الافطار عند الاستاذ نوري المالكي على ان يكون “قيمر السدة” وتغدى المالكي على مائدة مسعود البارزاني و”تعلل” الثلاثة المالكي وعلاوي والبارزاني في مضيف اسامة النجيفي.وبعدها يخرج الاربعة ببيان تاريخي ملخصه انهم ناقشوا .. اخر المستجدات .. وكل واحد يخلي باله من .. جعيره.