22 ديسمبر، 2024 11:52 م

الى متى يبقى البعير على التل

الى متى يبقى البعير على التل

تمر الامة العربية بواقع مرير يحتاج الى الكثير من التأمل , والى وقفة جدية من جميع الدول العربية مهما اختلفت في سياساتها وفي اهدافها , وتباينة توجهاتها , وتعارضة خططها المرسومة لها
لتستعرض الوضع العربي الراهن الذي وصل حدا من الاقتتال والتشرذم  والضياع , لا يمكن السكوت عليه . ومن واجب الامة  ان لا تترك الاوضاع  تذهب الى
ابعد من ذالك , وتحاول بكل  جهدها ان تحافظ على ما تبقى من الاجماع , ومن الحد الانى للتوافق , وتسعى بكل صدق الى  [ اصلاح ما افسده الدهر ] ويحتاج الى ترميم , تبنيه النوايا الحسنة والصدور الرحبة المنفتحة .
ان الواقع المزري الذي تعيشه معظم الدول العربية هذه الايام , يدعونا الى التبصر في كيفية المعالجة , والبحث عن انجع الطرق للوصول الى حلول جدية ومنطقية
فبعد تدمير العراق ارضا وشعبا , ذالك التدمير الممنهج والمرسوم بطريقة غريبة , ومحاولة نهب تراثه الذي يمثل ارثا حضاريا لالاف السنين , الى التامر على شعبه العربي ومحاولة الهيمنة على ثرواته النفطية
وقتل الابرياء بالمفخخات والعبوات الناسفة , مرورا بداعش واخواتها وما تسبب الهجوم الدموي الذي فتك بابناء الشعب العراقي من الابرياء والمساكين الذين لم يعتدوا على احد , انتقلت الة التدمير والاقتتال الى ليبيا  , حيث وصل عدد الضحايا الى رقم مهول , وكل فريق يدعي باحقيته في ليبيا وتسفيه الاخر والقفز على حقوقه
وسيطرت الميليشيات على معظم مناطقها, وراحت تعبث بكل ثرواتها وميراثها الحضاري , وتسرق السلاح بكل الطرق اللااخلاقية لتقتل به ابناء الشعب  اليبي , لتضمن لنفسها فقط .. تلك الثروات الهائلة .
 وكذلك سوريا، التي تم تجاهلها تغرق في وحل الحرب الاهلية اكثر من خمسة أعوام، وهذه صفحة أخرى من صفحات الـتامر ،حيث توالت سيناريوهات المؤامرة،
و تحالفت بعض الدول العربية .. مع العدو الصهيوني لضرب الشعب السوري ومحاولة السيطرة على مناطق واسعة من ارضه وتهجير شعبه  في بقاع الارض , ليتسنى للعدو الصهيوني ان يعيش امنا مطمئنا من اي رد عربي , اذا ما اراد الهجوم على فلسطين وقتل الشعب الفلسطيني الاعزل . ولعل ما يشهده اليمن هذه الأيام، يأتي في ذات السياق، فقد قتل الالاف من اليمنيين الابرياء , بسلاح الجو السعودي الفتاك من اجل ان تظل السعودية مسيطرة على ذالك البلد الفقير والذي حاول ان يعيش عزيزا بعيدا عن وصايا السعودية . كل هذه الوقائع، أليست جديرة بأن تجعل الدول العربية تقف مع نفسها، لترى المصير البائس الذي ينتظرها، إن لم تعيد حساباتها، وتقرأ الواقع قراءة صحيحة، وترتب أولوياتها، بإعطاء وحدة العمل العربي المشترك المبنية على رؤية إستراتيجية,  الأهمية اللازمة، ومن ثم إنفتاحها على شعوبها، لأن وحدة الأنظمة العربية الفوقية، بلا مشاركة حقيقية لشعوبها في صنع القرار السياسي، تبقى شعارا بلا مضمون، لأن طمس قيمة الحرية الفردية، هي أحد العوامل الرئيسية التي فاقمت حالة التخلف العربي، بسبب أن اغلب، بل كل الأنظمة العربية الحاكمة، لا تعترف للفرد بفرديته وحريته وإحترام إنسانيته، لذا لازمنا العقم السياسي والإقتصادي والعلمي والثقافي، وأناخ التخلف علينا بأثقاله وبقينا نسخا مكررة حكاما ومحكومين، تبرمجنا ثقافة الإنغلاق، وتسيرنا قوة السلطة، فنذوب فيها بلا إرادة، فنتحول إلى أرقام بلا فاعلية، وإن وجد من بين تلك الأرقام من لهم ثمة فاعلية وعبقرية،سواء كانت كبيرة، أو متواضعة، فالحكام لا يسمعون لهم ولا يقبلون منهم كلمة بل قد يتهمونهم في أراهم ومعارفهم ونياتهم وحوافزهم، ويدخلون معهم في قطيعة ومن ثم التخوين والملاحقة..! فالحكام العرب لا يؤمنون بقيمة الحرية  ودورها في حياة الفرد، والمجتمع والشعوب والأمم، لانهم لم يخرجوا بعد من طوق ثقافة المدح و الهجاء، بل كانوا ومازالوا يستهويهم من يدغدغ مشاعرهم الطفولية، ويجيد قطوس الركوع والسجود أمام هالاتهم الكاذبة..!
إن احداث التاريخ المعاصرة أثبتت أنه لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم ويزدهر إلا إذا شجع النزعة الفردية، وأتاح لكل فرد أن يحقق ذاته، ويعتمد على نفسه، ويحس بمسؤوليته نحو ذاته ونحو غيره، بهذا يتحقق الإلتزام وتتنوع القدرات ويتكاثر الإبداع وتتزاحم المبادرات وتنمو المواهب، في أجواء الحرية وألامن والامان. فالعرب اليوم وهم يواجهون التحديات الخارجية المتمثلة في المثلث الامريكي الإسرائيلي  والتركي، بجانب الأطماع الخارجية لكون موقعهم الرابط بين القارات، وغزارة ثرواتهم، فهم محل إستهداف مستمر، من قبل الطامعين، وهم كثر، فمنهم من هو طامع في الأرض، ومن هو طامع في تفتيت نسيجهم الإجتماعي على أسس طائفية شريرة، ومن هو طامع في إستغلال ثرواتهم من خلال جعلهم منشطرين إلى دويلات متناحرة ينخر فيها الجهل والتخلف والحروب الاهلية . وحتما واقعا هكذا , لا يليق بهذه الأمة، لذا على الحكام العرب أن يعوا، إن الإستثمار الحقيقي ليس في الثروات الطبيعية برغم أهميته، إلا أن الإستثمار الحقيقي،هوالنماءالمتجددوالرخاءالدائم،وهو الإنسان.
المرحلة بتحدياتها الخطيرة المتثملة في الأطماع الخارجية التي أضحت واضحة، لكل ذي بصيرة، والتحديات الداخلية التي تتمثل في بروز تيارات إرهابية ظلامية تقتل وتسحل، وتدمر وتستميت من أجل العودة بالامة العربية إلى الوراء الآف السنين..! جعلت العرب أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يتمتع المواطن العربي بحقه في الحرية والحياة الحرة الكريمة، ليكون طاقة إبداعية وإنتاجية كما هي حال الأفراد في المجتمعات المزدهرة التي تعيش الحرية وتعرف قيمتها، أو أن يصبح المواطن عبئا جديدا يضاف الى اعباءالوطن وعائقاإضافيا من عوائق التنمية كما هو حال أغلب الأفراد في المجتمعات المتخلفة، ومن ثم يصبحون أدوات سهلة يستخدمها الطامعين للنفاذ من خلالهم للسيطرة على الامة ومقدراتها، كما هو حاصل الآن في أكثر من دولة عربية، لذا إن أرادت الأمة أن يكون لها مكانا تحت شمس القرن الحادي والعشرين، هو أن تعمل من أجل الوحدة العربية بصدق،  وان تفتح افاقا رحبة للمواطن , يستطيع من خلالها الولوج الى ميادين الابداع , وتنفتح قريحته
لبذل كل الطاقات من اجل خدمة الوطن والامة , والتسابق الى الامساك بحبل التطور العلمي والادبي الذي وصل الى مستويات عالمية , يتطلب منا بذل المزيد من الجهود كي نصل الى اعتابه او نشم ريحه العطر , والا فسنظل في دائرة التخلف الذي يوردنا المهالك , ويجعلنا اداة بيد القوي الذي يمسك بزمام العلم والتطور . . ؟