23 ديسمبر، 2024 4:43 ص

الى متى نزيف الدم؟

الى متى نزيف الدم؟

تذاكر القتل صارت توزع مجاناً على المواطنين في بلادنا، وقتلة الحياة لا يملون ولو قليلاً، دماء العراقيين فاضت في شوارع بلادهم، وصارت كأنها هيَّ من تسقي اراضينا، المتوحشون يزدادون، وأصوات المحرضين صارت هيَّ العالية، فماذا يحل بنا؟
حتى صرنا نظن أن كلمة السلام هي أكذوبة أدبية نقرأها في الروايات وكتب الادب، صار العراقي يسأل، هل سيأتي يوماً ويرى الحياة في بلاده، أم ان مصير هذه البلاد هو الموت والدمار، أسئلة لا يملك إلا جواباً سلبياً لها، مع مايراه من قتل وسفك دماء لا ينقطع.
منذ قرون عدّة لم ينعم ابناء الوطن بالهناء ولو قليلاً، فمن حكم جائر ظالم أو فقرٍ دائم، الى ازمات وارهاب، حتى داعش والداعشية التي لم تفضل مكاناً غير العراق لتنشر الرعب وتقتل الناس فيه!
العالم كله يتجه نحو الأزدهار، والعراق لا يرى سوى الاندثار، ويتحمل السبب الشعب العراقي قبل غيره، الشعب الدي أصرَّ على أنتخاب الفاسدين والطائفيين بعد إثبات فشلهم في قيادة الدولة لسنواتٍ عدة، الشعب الذي يأبى أن يسمع النصيحة، ويسير مع تعصبه الطائفي والمذهبي ولا يرى شيئاً سواه بسبب عماه هذا.
الشعب الذي يأبى أن تتوحد كلمته ويفضل مذهبه وقوميته على وطنيته، ووالى دولاً إقليمية غير بلاده وفضلها عليه، فقط لأن قيادتها او غالبية شعبها من مذهبه، شعب لا يريد أن يكون شعباً، كل مواطنٍ ينظر للآخر بعين مذهبية لا وطنية، وهذا هو السبب الاساس الذي جعلنا نصل الى ما وصلنا إليه.
بسبب تشتت كلمتنا، ضعفت دولتنا، وبسبب ضعف الدولة إستطاعت الدول المستقرة “المسماة بـ الكبرى” ان تتحارب فيما بينها على أرضنا ومن خلال أيدينا، وبعد كل ما وصلنا إليه لا زالت فئة كبيرة من الشعب على ما هو عليه، لا زال متمسكاً بمنطقه الطائفي الحقير، يرفض كل مبادرة هدفها إنقاذه ولمِّ شمله، ويستمر بمحاربة هذه المبادرات بكل قواه، دون أن يفهمها أساساً، وخير دليل بين يدينا هي مبادرة التسوية الوطنية!
التسوية الوطنية المشروع الذي طرحه التحالف الوطني لحلحلة الأزمات وفتح صفحة جديدة، وحرق صفحات الماضي التي تدمرنا بسببها، إلا أن شعبنا وبسبب السادية والمازومخية التي يملكها العديد منه، رفض المبادرة واتهمها أشد التهم وقال إنها ستبخس حقوق الشهداء، مع إن اهم اهدافها هي حفظ حقوقهم، وقالوا انها تسوية مع القتلة، مع ان اهم بنودها أن لا مصالحة مع كل من تلطخت يديه بدماء العراقيين، ومازالوا يحاربونها بكل ما يملكون من قوى إعلامية تسقيطية لا تعرف إلا لغة الدم والقتل.
نساءٌ ترملن، واطفال تيتموا، وأمهاتٍ ثُكلن، ومازلنا لا نتعظ، ولا نفقه، بعضنا يُصر على أن يبقى ألعوبة بيد دولٍ لا تهمها إلا مصالحها، إلا أن البعض يواليها ويدافع عنها، ويتصارع مع أبناء وطنه لأجلها، فإلى أي درجةٍ من الجهل وصلنا؟!
داعش وبعد أن هُزِمَ في معارك الموصل كثف عمليات الغدر التي يقوم بها، من خلال التفجيرات التي شهدتها العاصمة الحبيبة بغداد، ومحافظة النجف الاشرف، ويتحمل مسؤولية الدماء التي تُراق، من صمم على إقالة الوزراء الامنيين في هذا الوضع الحرج، ويتحملها ايضاً رئيس الوزراء العراقي الذي أبقى هذه الوزارات بلا وزير طوال هذه الفترة، ويتحملها اكثر الطائفيين الذين لا يريدون الخير للوطن، الجاهلون الذين لا يتخلون عن لغة التهجم والتعصب، الاصوات التي ترفض كل مبادرة يمكنها ان تحسن وضع البلاد، وتحل الازمات!
عشاق القتل لا يرغبون إلا بقتل الحياة وسفك الدماء، وتدمير الاوطان، هم يرغبون بقتل الأمل، لأن لا حياة بلا أمل، لكنهم لا يعلمون أن الأمل لا يموت، ولن يموت..!