منذ ان تعلمنا الديانة او جددنا البيعة لله ، كنا في بدياتنا ننتهل من مناهل قرآنية عذبة تعد المنهج في التوجه والسلوك ويكون آثما من يحيد عنها . وبعد تقادم الزمن والانخراط في خضم الحياة ، تصادفك عجائب وغرائب في التطبيقات المنهجية للاسلام ، تلك التطبيقات النابعة من التسلط والسيطرة والهيمنة ، اي بمعنى توظيف المنهج الديني وفق الهوى والارادة الذاتية خارج ما يريده الله سبحانه . فتتشعب الطرق وتتنوع المسالك ، وعندما تنظر الى اقتران القول بالعمل تبدأ عملية السخط بل والسخرية من سذاجة التطبيقات الدينية التي الفناها ، والتي حرفت تبعا للهوى كما قلنا . والطامة الكبرى ان لهذه الافكار النابعة من هوى الافراد مفكرين ومنظرين وفلاسفة يحاولون ان يوظفوا المنابع الصافية للمنهج القرآني والسنة النبوية وماتركته العترة من ارث ، وماخلفه الصحابة والتابعون من قوانين تصب في بناء الانسان واحترام قيمه لتادية الواجب المناط به الا وهي عبادة الله بكل تفاصيلها .. وفق ما تنطوي عليه برامج احزابهم . ومن المفاهيم الحديثة التي يعزف عليها البعض هو ((الاسلام السياسي )) كأنما هنالك نمط من الاسلام اسمه السياسي ..! اطلقه العلمانيوين واشتغل عليه المتسترون تحت دثار الاسلام حتى انهم باتوا يرددون مقولات الالحاد التي تنطوي على ان السياسة هي فن الممكن . والذي تعلمناه في اسلامنا ومنهج القرآن ، ان الاسلام هو دين الحياة المكتمل ودستوره القرآن الذي فيه تبيان لكل شيء واساسه دولة الرسول ( ص ) في المدينة . بل ان لغة القرآن جاءت لتضبط لغة المتكلمين باللغة العربية في جزيرة العرب .. وهذا امر يعرفه اللغويون .. فكل عمليات القياس والدلالة والنحت والاقتباس والاشتقاق والتوظيف وغيره ذكره القرآن وامر الناطقين بالعربية ان يضبطوا لغتهم في ضوئه رغم ان هنالك من يدعي بان في القرآن الكريم كلمات .اعجمية .. وهذا ضرب من المستحيل ، كون القرآن الكريم وبتصريح من الله ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )) بل واعاد اكثر من مائتين وخمس وعشرين كلمة كانت شاردة من لغة العرب اعادها القرآن الى اللغة الام ، والشواهد على ذلك كثيرة . وان العودة الى العزف على كذبة الاسلام السياسي فهي محظ افتراء ابتكره الذين يشتغلون بالسياسة والذين وجدوا في هذا المصطلح بانه يتلائم مع توجهاتهم الفاسدة . ومن المضحك ان حكام الاسلام ومحاولة منهم التغرير بشعوبهم يعلنون إن الإسلام السياسي يحارب الولايات المتحدة فوجدت امريكا مسوغا لها واعتبار هذه حقيقة واضحة لكي تنفذ مآربها . وهذا هو بالفعل ما ترسخه الولايات المتحدة في الاذهان والتي لا تستطيع أن تقول غيره، لأن هذه الحرب هي المبرر الوحيد الذي يعطي “شرعية” لمشروع السيطرة العسكرية على الكوكب باسم “محاربة الإرهاب”، وتحقيق برنامج العولمة المعروف . ومن المعلوم بل والواضح الجلي ان الاسلام السياسي لم يعلن الحرب ضد الولايات المتحدة ، بل هي التي اتخذت المبادرة باعلان الحرب ضد جميع شعوب النفط تارة بالترغيب واخرى في الترهيب . بل وكانت لها الضربة الاولى كما حدث في العراق ويحدث في سوريا الان .. ولم يكن اختيار امريكا لتلك الحرب الا لكون شعوب النفط يحكمها الاسلام السياسي ، فوجدت فيها فرصة للسيطرة على الثروة النفطية وموقعها الجغرافي الذي يتيح المزيد من انشاء القواعد العسكرية الدائمة والقادرة على ارهاب شعوب المنطقة اولا ، ومن ثم تمتد اذرعتها الى تهديد روسيا والصين واليابان والهند احيانا . وان امريكا كانت المسؤولة عن تنمية مقولة الاسلام السياسي الى جانب بعض الاحزاب اليسارية ، بل وفرضه في احيان كثيرة على السياسيين الذين هم من صنيعتها وسوغته لهم .. وهي مقولة لاشك للاستهلاك المحلي فقط . حيث لم نجد من كل دول الشرق الاوسط عدا اسرائيل من يمثل خطرا على سيادة الولايات المتحدة وحلفائها . بل الكل يسبح في مدار العم سام . والاسلام السياسي ( الديني ) راح يستغل وعبر قادته باعتقاد الناخبين والسذج منهم بأن الدين الاسلامي يمر من خلال هذه الاحزاب التي ينضوي تحتها السياسون المسلمون وهي كثيرة بفضل العم سام . وبذلك يحصد ( مؤدلجوا الدين الاسلامي )
اصوات اؤلائك الناخبين لتصبح اصواتا اسلامية لنصرة هذا المذهب او ذاك . وهذا ماحصل في العراق وفي تركيا وفي شمال افريقيا ومصر واغلب الدول الا سلامية التي جرت فيها انتخابات . كون اكثرية الناخبين غارقين في لجج الامية والتخلف والجهل بل والعوز الاقتصادي الذي يجعل الناخب يلهث وراء بضعة دولارات ليبيع صوته للمرشح الغني او المتنفذ من الاحزاب والذي عادة ماتدعمه عشيرته . وان الدوائر الاستعمارية التي نصبت القادة والحكام تعمل على ان تظل الاكثرية من شعوب المنطقة تحت سيطرة الامية والجهل .. والذي يحدث في العراق نموذا صارخا حيث بعد اثنتي عشرة سنة من التغيير تضاعف اعداد الاميين ومن هم تحت خط الفقر والبطالة المروعة الناتجة من عدم التوزيع العادل للثروات في البلد وضمن قوانين فصلوها على مقاساتهم ليتقاسموا الثروة بين احزابهم وانصارهم ومؤيديهم ومريديهم . وعلى الشعب العفاء .. وهنا من حقنا ان نطرح هذا التساؤل .. الى متى تستمر عملية الضحك على ذقون المسلمين ..؟ والايغال في جهلهم . وترسيخ مفاهيم جهادية في عقول المغرر بهم الذي يصل الى حد ان يفجر نفسة طمعا بجنة الخلد ..! والعودة بعقول الناس الى دياجير العصور المظلمة . وعصور الكنيسة . لماذا يعاقبنا السياسيون رغم انهم سلبوا منا كل الثروة والسلطة والجاه واصبحت ممتلكاتهم لاتحصى ولاتعد ..؟ ولماذا يضطهدنا السياسيون فوق اضطهاد الجوع والفقر والعوز ..؟ ماذا جنينا لنستحق من قادة الاسلام السياسي هذا القمع والحرمان والبغي . ماذا صنعت سوريا لكي تمزق ..؟ ولم يذهب ثلث العراق الى ايدي اناس متوحشين قابعين في قعر التاريخ ..؟ وماذا حل في ليبيا ..؟ وماذا سيحصل في الجزائر في قابل الايام ..؟ وماهو الشيء المخطط لجزيرة العرب .. بعد ان ثابت مصر الى رشدها ..؟ أظن اننا نمتلك قسم من الاجابات وهي كوننا نعبد الله وفق منهجه فراح يعاقبنا دعاة الاسلام السياسي الا نستحق منهم اسلاما افضل من ذلك ..؟ واكثر تسامح وانصاف ..؟ ولكن الله اكبر وانها الفتنة والله المستعان .