كتب صديقي على صفحتهِ في موقع التواصل الأجتماعي العبارة التالية ..” أشتهي أن أنام نوما كغيبوبة، وأن أرحل عن كل شي، ولأ أريد أن أشكو، ولأ أريد أن أضحك أو أبكي، أريد فقط أن أغيب… ” مما جعلني أنتفض وأرد عليه في رسالتي التالية أتمنى أن تصل إليه الفكرة : … ياصديقي العزيز ..أنا أشعر بألأسى عليك من خلال هذه الكلمات التي كتبتها هنا..أنا أعرف من أنت؟ وأعرف مايجول في ذهنك . أشعر بألأسى عليك لأنك – أسير..سجين – ولكن ليس خلف الجدران أو ألقضبان. أنت سجين في مكان آخر يُعتبر من أخطر السجون في الحياة..أنت سجين ذهنك وروحك وتفكيرك. إذا لم تتخلص من هذا السجن فانك ستذوب ستتلاشى دون أن تشعر.
أنت تعيش ضمن سلسلة من ألنعم- مفردة نعمة- لكنك لاتعرف كيف تستغل هذه النعم التي تمتلكها – حيث وهبها لك الله عزوجل. حينما تشعر بألأسى على ذاتك وتشعر أنك ترغب في النوم في غيبوبة لاتنتهي – هذا يعني أنك تقتل نفسك دون أن تشعر- لو فكرت لحظة واحدة في كميات النعم التي لديك لما وصلت الى هذه اللحظة الماساوية التي تتخبط فيها ألآن. هل تعرف كم مخلوق بشري على هذه الكرة ألأرضية يحلم أن يملك ربع ماتمتلكه ألآن؟ لاتقل أن المجتمع الذي يحيط بي قاس لايعرف الرحمة..لاتقل لي أن الفئة التي أحيط بها في العمل تسلك طريقا خاطئاً وتتمنى أن تجعل المجتمع مستقيماً على أكمل وجه.
لاتشعر بالحزن وألأسى على نفسك لأنك في اللحظة التي تشعر فيها بألأسى على ذاتك ستتلاشى تماما. هل تعرف ماهو طريق الخلاص بالنسبة لك ولأولئك الذين يفكرون على شاكلتك ؟ الطريق الوحيد هو موقفك من الحياة . حينما تُحب نفسك و تتعلم كيف تسيطر على مشاعرك , عندها ستكون حراً بكل ماتعنيه هذه الكلمة. لو فكرتَ لحظة واحدة كيف أن هناك فئات لاتُعد ولاتحصى في هذا البلد تتمنى أن تجد مكاناً فقط..مكاناً للعيش بلا خوف أو تحصل على نصف مقومات الحياة ألأنسانية لما وصلتَ ْالى هذه الحالة. أنت تحتاج الى جرعة كبيرة من جرعات التفكير بالتفاؤل – أي تفاؤل يجلب لك راحة البال والذهن ويخلصك من هذا الجحيم الذي تعيش فيه.
هل تعلم أن التفاؤل هو صفة من الصفات الرئيسية لأي شخصية ناجحة فالتفاؤل يزرع الأمل ويعمق الثقة بالنفس ويحفز على النشاط والعمل؟ وهذه كلها عناصر لا غنى عنها لتحقيق النجاح ويعتبر التفاؤل تعبيراً صادقا عن الرؤية الإيجابية للحياة فالمتفائل ينظر للحياة بأمل وإيجابية للحاضر والمستقبل وأيضا للماضي حيث الدروس والعبر ورغم كل التحديات والمصاعب التي يواجهها الإنسان في الحياة فإنه لابد وأن ينتصر الأمل على اليأس والتفاؤل على التشاؤم والرجاء على القنوط تماماً كانتصار الشمس على الظلام. . لاتقل لي بأنني إنسان حالم يبحث عن الكلمة الخيالية من أجل تحقيق الذات.
كلا والف كلا. لقد مررتُ بمشاكل وأحداث لم تمر بها أنت يوما ما ومع ذلك حافظت على صفة التفاؤل وحب الحياة من أجل أن أحافظ على ذاتي ومعنوياتي ضمن سلسلة المخاوف التي كانت تحيط بي من كل ألأتجاهات. أنت لازلت في ربيع العمر لكنك تحمل كل هموم العالم ..
أنت تريد أن تغير مفهوم الحياة في هذا البلد لأنك نزيه ومتقد حيوية من أجل التغيير الذي يصب في رسم صورة مشرقة للحياة ضمن خارطة التفاعل البشري على هذه ألأرض. صديقي العزيز: أنت تشبه ذلك الشخص الياباني الذي أحرق سيارته الوحيدة لأنه يخشى على البيئة من التلوث إلا أن المجتمع راح ينظر اليه على أنه فقد عقله. أعرف أن لديك أهدافاً مثالية لو طُبقت على أرض ألواقع لكانت لدينا دولة تشبه – المدينة الفاضلة – بكل تفاصيلها ومقوماتها. حاول أن تعيش الواقع المفروض عليك وعلي وعلينا جميعا ولكن لاتستسلم بسهولة لأن إستسلامك معناه الموت بكل تفاصيلة. قاتل من أجل التغيير ومن أجل رسم تلك الصورة المشرقة للحياة ولكن ضمن ألأمكانيات المتوفرة لديك.
إنشر المحبة بين كل الأفراد الذين يعيشون قربك وإسلك طريق التسامح والكرم والعطاء بلا حدود وبمرور الزمن ستجد من يتأثر بك ويحاول أن يسير على خطاك وعندها سينمو المجتمع الجميل على شاكلتك . ماذا لو عشت مثلي أحد عشر عاما في سجنٍ رهيب دون جريمة إرتكبتها في حق إنسان أو حيوان..أحد عشر عاما لم اذق فيها طعم النوم يوما واحدا…ولم أشبع يوما واحدا..مع هذا عشت من أجل أمل واحد وهو أن أرى طعم الحرية .. وها أنا أعيش طعمها بعد أن بلغتُ من العمر عتيا وراحت حلاوة سنوات الشباب ولازلتُ أعمل وأناضل من أجل البقاء ومن أجل تحقيق أهداف عملاقة لازالت تجول في خاطري. أنت لم تعرف معنى العذاب الحقيقي ياصديقي.. صدقني لو أنك عشت يوما واحد كما عشت في تلك السنوات العجاف لعرفتَ معنى الحرية ولعرفت أن وجود صنبور ماء في بيتك يجري كل النهار لعرفت كم هي النعم التي تتربع على عرشها في هذا الزمن العصيب , لعرفت معنى ألأمل والحياة. إرجع لرشدك وأنصرف الى عبادة الله بكل إخلاص وأجعل القرآن طريقك الوحيد وستعرف كيف ستتحول نظرتك للحياة..وعندها ستتمنى أن لايأتي الليل كي تستمر بالعمل والعطاء والتضحية من أجل ألاخرين..