18 ديسمبر، 2024 5:26 م

الى صحيفة العرب اللندنية ” ما هكذا تورد الابل”

الى صحيفة العرب اللندنية ” ما هكذا تورد الابل”

نشرت صحيفة العرب اللندنية قبل ايام تقريرا حاولت من خلاله شيطنة المواقف الكوردية والتشكيك بها حسب مزاج وتوجهات القائمين على الصحيفة . فقد تناول التقرير ملتقى ( اربيل – النجف) الذي اقيم في اربيل مؤخرا , وحاول كاتبه تسويق فكرة ان الملتقى هدف الى اعادة ( احياء) التحالف الكوردي الشيعي للوقوف بوجه تظاهرات الشارع العراقي ومنع انهيار العملية السياسية التي حقق فيها الكورد مكتسبات كثيرة حسب راي التقرير .
وقد وقع التقرير في مغالطات واخطاء كثيرة دلت على فقر كاتبه المدقع لابجديات المعلومة السياسية , فكيف يمكن الوثوق بمعلومات تقرير يتصور ان السيد مسعود بازراني هو زعيم الاتحاد الوطني الكوردستاني ؟

بغض النضر عن المعلومة السياسية , دعونا نتناول بعض المغالطات التي وقع فيها التقرير والتي نتمنى ان تكون عن جهل سياسي وليس عن سابق اصرار وترصد : –

1- اكد التقرير في بدايته ان الكورد يحاولون اعادة تحالفهم مع القادة الشيعة واستغلال موقفهم الضعيف بسبب التظاهرات للحصول على المزيد من التنازلات منهم , حيث ذكر : بان الكورد “يريدون مسك القيادات الشيعية من المنطقة التي توجعهم وهي مصيرهم المظلم” بعد التظاهرات , ثم يسترسل التقرير ليقول ” بان الذي حصل هو استطلاع وجهات نظر شيعية من الخط الثاني من بين رجال فقه واكادميين شيعة تمت دعوتهم الى اربيل” .
ان كانت كوردستان تريد احياء التحالف الكوردي الشيعي للحصول على مكتسبات منهم , فلماذا يتم دعوة اكادميين ورجال فقه من الخط الثاني , خاصة وان القرار الشيعي السياسي هو بيد قادة الصف الاول الذين يستطيع قادة الاقليم التواصل والاتفاق معهم دون ملتقيات .
ان الهدف الحقيقي من دعوة اكادميين ورجال فقه من الدرجة الثانية هو رغبة اربيل في الوقوف عن كثب على حقيقة توجهات الشارع الشيعي واسباب التظاهرات التي تعمه , والشخصيات المدعوة هذه ( شخصيات الخط الثاني) هم اكثر قربا للشارع المنتفض من ساسة الصف الاول .

2- يقول التقرير ان ” الكثير من المثقفين والساسة الذين حضروا الملتقى فاجأوا الكورد من خلال انتقادهم للموقف الكوردي من ( الانتفاضة) ونظرة القيادات الكوردية المنغلقة المصلحية وعدم تجاوبها مع تطلعات عموم العراقيين” .
ويبدو ان كاتب التقرير غير مطلع على الموقف الكوردي من تظاهرات الشارع العراقي والذي اعلن عنه الساسة الكورد في اكثر من مناسبة دون خجل او مواربة . فالكورد مع المطالب المشروعة للمتظاهرين ومع اي حل يؤدي الى تلبية مطالب المتظاهرين . وما يؤكد عليه الاقليم دائما هو تحذير الطرفين فقط من انفلات الوضع والدخول في فوضى عارمة يفقد فيها العراق مقومات الدولة , وهذا التخوف نابع من قراءة نتائج ثورات الربيع العربي التي لا زالت اغلب دولها تعيش حالة فوضى وعدم استقرار.

3- يقول التقرير ” ان رئيس ( الاتحاد الوطني الكوردستاني) مسعود بارزاني ابدى ومنذ الايام الاولى للتظاهرات مخاوفه من نجاحها في تحقيق مطالبها وفي مقدمتها تعديل الدستور واقالة الحكومة والذهاب الى تعديل قانون الانتخابات و تشكيل مفوضية عليا للانتخابات مستقلة بشكل حقيقي ” .
وهنا اراهن كاتب التقرير الهمام الذي لا يعرف الى الان ان السيد مسعود بارزاني هو رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني وليس الاتحاد الوطني الكوردستاني , اذا يستطيع ان يذكر لنا اين ومتى ابدى السيد مسعود بارزاني مخاوفه من نجاح التظاهرات ؟
اما بالنسبة لتغير الدستور او تعديله او تغير قانون الانتخابات او المفوضية , فان موقف الاقليم منها واضح وجلي , فهذه نقاط سياسية دقيقة تخص جميع مكونات العراق , واي تغير فيها يجب ان يحوز على تاييد جميع تلك المكونات حسب الدستور الذي استفتي عليه كل الشعب العراقي , وخاصة المكون الشيعي منه . ولا يجوز ان تتخذ شريحة صغيرة من مكون واحد دور الوصي على الاخرين بمختلف قومياتهم واديانهم ومذاهبهم , ويدعو لتغيرات سياسية جوهرية نيابة عن الاخرين .

ان مواقف القادة الكورد واضحة , وهم اصدق من بقية الساسة العراقيين امام الشعب العراقي , ودفاعهم عن الشعب الكوردي لا يعني بالضرورة معاداتهم لمطالب المكونات الاخرى , ولا ادري من اين استقى كاتب التقرير ابجدياته السياسية تلك .

4- اوقع التقرير نفسه في خطأ يقع فيه اغلب الساسة العراقيين (وهو خطا مقصود وليس عفوي ) وهو استخدام كلمة الطائفية ليشمل التنوع القومي ايضا .بينما تعني كلمة ( الطائفية) انتماءات اقل مساحة من الانتماء القومي كأن يكون انتماءا مذهبيا على سبيل المثال .
ان الدعوة الى نبذ الطائفية بهذه الشمولية المطلقة لاي انتماء , لها ابعاد عنصرية تصب في صالح الاغلبية القومية في العراق , فهي تنبذ الطائفية المذهبية ( الشيعية السنية) لتصب في صالح وحدة الانتماء القومي العربي , كذلك تنبذ الطائفية القومية ( حسب معناها الشمولي عندهم ) لذوبان القوميات الاقل عددا في القومية الاكثر عددا وهي القومية العربية . وفي الحالتين فان نبذ الطائفية حسب معناها المزدوج تصب في صالح توجهاتهم القومية الضيقة .

والحقيقية ان الكورد لا يرون في الاختلاف القومي (العربي – الكوردي – التركماني – الاشوري – الكلداني – السرياني) ضعفا للعراق , بل مبعث قوة له , ان استخدم بشكله الصحيح , وهي خصوصية لا يمكن التخلي عنها … بيد ان المشكلة تكمن في تحويل الانتماء القومي او المذهبي الى سبب تمحو من خلاله الاخر المختلف . عليه فالمشكلة تكمن في العقلية التي تتبنى هذا الاختلاف وليس في الاحتلاف نفسه , لذلك فمن الواجب تغير تلك العقلية لا التضحية بالانتماء المذهبي او القومي في سبيل تلك العقلية .

5- لا ندري لماذا يتناول التقرير الموقف الكوردي بالنقد والتهجم , ويغض نظره عن الموقف السني (ساسة وشارعا) وهو موقف مطابق الموقف الكوردي تماما , خاصة وان اكثر الاخوة العاملين في صحيفة العرب اللندنية هم من المكون السني العراقي .

يبدو ان كاتب التقرير يتغافل عن حقيقة ان هناك شارعا شيعيىا منتفضا على احزاب شيعية فاسدة , واي تاييد سني او كوردي كامل للتظاهرات سيكون هدية جاهزة لتلك الاحزاب الشيعية لاتهام التظاهرات بالعمالة لجهات اجنبية اقليمية ودولية من خلال التاييد الكوردي والسني لها .
لذلك فان الموقفين الكوردي والسني من التظاهرات هما موقفان حكيمان للحفاظ على سلامة المتظاهرين وديمومة مطالبتهم بحقوقهم .

6- لو اعلن الكورد تاييدهم الكامل للتظاهرات واداروا ظهرهم للعملية السياسية , لخرج علينا الاعلام المشيطن لاي توجه كوردي متهما اياه بانه يدفع البلاد نحو التقسيم والدمار بتاييدهم للتظاهرات , وكانت ستخرج علينا نفس الصحيفة بتقرير اخر مشابه تماما لهذا التقرير لكن بادوات اخرى واتهامات اخرى جاهزة.

7- ان حرص الملتقى على استضافة شخصيات شيعية دون السنية يرجع اسبابه لامرين …
الاول …ان الشارع الشيعي هو المنتفض وليس السني , اذا السياسي الشيعي هو
المعني بالموضوع وليس السني .
والثاني .. ان الضيوف الذين حضروا من (الشيعة) كانوا من الخط الثاني (باعتراف التقرير) , اما بالنسبة للسنة فالساسة الموجودين على الساحة اما معارضين بشكل كامل للعملية السياسية يفتقرون لنقاط مشتركة معهم , او انهم موجودين في العملية السياسية يتبركون ببركاتها ولا يعنيهم امر التظاهرات .لذلك فنوعية الضيوف لم يكن فيها مقاصد معينة مثلما اشار اليها التقرير .

اخيرا … هناك سؤال بريء يراودني اريد توجيهه للصحيفة …
ترى هل كانت الصحيفة ستتوجه بهذا النقد غير الموضوعي لكوردستان لو ان الملتقى كان تحت مسمى (اربيل – الانبار) او (اربيل – صلاح الدين) , ام ان وراء الاكمة ما وراءها ؟