18 ديسمبر، 2024 7:38 م

الى رسل الرحمة ..ارحموا !

الى رسل الرحمة ..ارحموا !

سابتعد اليوم عن السياسة قليلاً ، لاوجه نداءً الى رسل الرحمة من الاطباء الكرام عسى ان يتجاوبوا معه انسجاماً مع طبيعة مهنتهم والقسم الذي اعلنوا التزامهم به في احتفالات تخرجهم .
كنت من الذين يرفضون انتقاد الاطباء في زمن كانت الكفاءات العراقية تهاجر زرافاتاً ووحدانا ، منطلقاً من مبدأ لنحافظ على ماتبقى لنا من كفاءات طبية يحتاجها المجتمع ولنضع السلبيات جانباً ، وعملت ، من مواقع عملي ، على رفض كل المقالات التي كانت تتناول الاطباء بالسوء أو النقد، ومازلت ارفض التهجم عليهم او الاعتداء او التقليل من شأنهم فهم ملاذنا الاخير بمواجهة جراثيم واوبئة الموت ..
لكننا اليوم حقيقة أمام ظاهرة مؤثرة على حياة الناس والفقراء منهم تحديداً ، هي ظاهرة ارتفاع اجور الاطباء بشكل كبير ، ارتفاع يبدأ من اجور الفحص الى اجور العمليات التي عادة ماتتجاوز الملايين في وقت ترتفع فيه نسبة العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر الى نحو 40% ، أي ان قرابة نصف المجتمع العراقي غير قادر على الحصول على الخدمات الطبية باسعارها الحالية .
وفي غير الاسعار هناك ظاهرة اخرى تتمثل في رفض طبيب لعلاج وادوية طبيب آخر ، ليتحول المريض الى مساحة جسدية للاختبارات وربما المناكفات بين طبيب وآخر كما انه يضطر لدفع ثنت مضاعف للادوية التي يحتاجها !
وفي غير هاتين الظاهرتين واستكمالا لهما ، تواجه ابتزازات المستشفيات الاهلية ، فيتفق الطبيب مع المريض على اجرة محددة للعملية ، لكن فاتورة المستشفى عادة ماتكون مضاعفة باضافات تفصيلية غير محسوبة .
ورابعة الظواهر التشخيصات الخاطئة التي تودي الى نوع آخر من الامراض ، اذا كان المريض حسن الحظ ، او الى وفاة المريض مما ولّت عنها ظاهرة الاعتداء على الاطباء وخصوصا في المستشفيات الحكومية وهي ظاهرة مرفوضة ومدانة ووغير مقبولة على الاطلاق.
يقول جزء من قسم التخرج ” أقسم بالله العلي العظيم وبمعتقدي أن أصون مهنتي وان أعمل على تقديم الخدمة الطبية بكل أمانة وإتقان للمرضى وان أؤدي واجبي لوطني وشعبي على أكمل وجه “.
والواجب تجاه الشعب والوطن في الالتفات لمعالجة هذه الظواهر التي هي بيد الاطباء ولاتحتاج الى قوانين وتشريعات مثل اجور الفحص والعمليات والدقة في التشخيص ورفض ادوية الطبيب الآخر ، دعك عن اسعار الادوية الكارثية فهي من اختصاص الشركات ، ومعالجة اسعار الادوية من اختصاص وزارة الصحة او مؤسسات اخرى وربما حتى نقابة الاطباء .
لنسأل ماذا سيخسر الطبيب لو خصص يوما في الاسبوع للعلاج المجاني ؟
وانا نفسي قد شهدت في الستينات طبيباً يفتح عيادته يومين في الاسبوع للعلاج المجاني ، بل يعطي ادوية مما متوفر لديه من النماذج التي تقدمها له شركات استيراد الادوية مجاناً .
ماذا سيخسر لو خفًض اجرة الفحص الى النصف مثلاً ؟
قد يعيب علينا البعض بالطرح الساذج ، ونقول لهم لدينا عشرات ومئات الحالات لاطباء عالجوا مرضى فقراء مجاناً بما في ذلك اجور العمليات والادوية ، ونطمح الى ان تكون سلوكيات هؤلاء الاطباء ظاهرة للتضامن الاجتماعي وانسجاماً مع قسم التخرج .
الامثلة كثيرة لمواقف نبيلة لاطباء مارسوا دورهم المهني والانساني معاً ، لكننا نريدها ظاهرة عامة وسمة من سمات العلاج في بلادنا التي تمر ربما بأسوأ الظروف بتاريخها على المستويات كافة !
تحية لاطبائنا الكرام وهم يمارسون دورهم المهني والانساني مقدمين الدعم والمساعدة لمن تسكن اجسادهم الامراض ولايستطيعون لها رداً !