27 ديسمبر، 2024 5:48 ص

الى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني: هل أدلك على تجارة تبقيك على سدة الحكم؟

الى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني: هل أدلك على تجارة تبقيك على سدة الحكم؟

الفساد المالي والاداري الذي استفحل في العراق خلال العشرين سنة الماضية فضحه العراقيون قولا وكتابة حتى لقد مل الجميع من تكرار تناوله اذ أصبح الحديث عنه كالاستماع لاسطوانة مشروخة، الكل تنادي ولامستجيب. بدأت جرائم سرقة المال العام بملايين الدنانير واخذت بالتزايد كلما أمن السراق العقاب حتى تكللت بسرقة القرن وبطلها نور زهير الذي طغت شهرته على ابطال افلام هوليود.
لكن القضاء العراقي في زمن الديمقراطية التوافقية لم يلن وبقي صارما في محاكمة من تسول له نفسه أن يسرق حتى علبة مناديل ورقية مالم يكن مسنودا بحزب او كتلة سياسية او ميليشيا. صارت لدينا مؤسستين قضائيتين منفصلتين أحداهما نزيهة تحاكم السراق والمجرمين غير المسنودين حزبيا أو عشائريا والاخرى انخرط قضاتها بممارسة السياسة والتسويات المرتبطة بالسرقات الكبرى فصاروا وسطاء بين السراق من جهة وبين ومن يفترض انهم حماة المال العام من جهة اخرى مقابل حصة او مايطلق عليها في قاموس العشائر ( حلاوة).
الفساد استثمره ، من ضمن من استثمره، السياسيون ( سواء أفاسدون كانوا أم نزهاء) وكل من يبحث عن منصب حكومي انتخابي فلم تخل اجندا اي سياسي عراقي طامح بمنصب حكومي من فقرة مكافحة الفساد. لكن ماإن يستقر غبار معركة الانتخابات ويتبوأ المرشح منصبه الجديد حتى يستوي على الكرسي ويبرد شره ويعيد سيفه ،الذي شهره في الحملة الانتخابية لمحاربة الفساد، الى غمده ويتحول الى رجل ديمقراطي مدني وديع يحترم مؤسسات الدولة ويؤمن بالفصل بين السلطات، وعندما يذكره ناخبوه بوعوده التي قطعها لهم في مكافحة الفساد يحيلهم الى القضاء قائلا ان القضاء هو المسؤول عن هذه القضايا ونحن نثق بقدرته على مكافحة الفساد.
اعلم سيادة رئيس الوزراء ان مقياس الناخب العراقي الذي يستخدمه لقياس نجاح السياسي العراقي هو انجازاته في مكافحة الفساد والفاسدين أكثر حتى من توفير الكهرباء وبقية الخدمات الاساسية او المشاريع العملاقة. صدقني اذا نجحت حكومتك بمحاكمة احد كبار الفاسدين محاكمة علنية ( وهذا اجراء تتبعه افضل الديمقراطيات التي تراعي حقوق الانسان) وسيق الى السجن ببدلة برتقالية، سوف يراه الناخبون اكبر انجازا حتى من مشروع طريق التنمية نفسه او توليد 50 الف ميكاواط لانهم سأموا وعود مكافحة الفساد التي اعتاد السياسيون على التنصل منها، كما اسلفنا، فاعتبروا كل سياسي عراقي فاسد حتى يثبت العكس. اثبات العكس هو محاكمة وسجن حيتان الفساد وان عجزت عن محاكمة الجميع فواحدا على الاقل. هذا الواحد هو مدير عام المصافي عايد جابر عمران الذي يدفع مما سرق من المال العام هذه الأيام لمحطات تلفزيونية لتبييض صورته المسخمة. ملفه جاهز ولايحتاج الى كثير من الوقت للتحقيق.
يقدر المال العام الذي أضاعه عايد جابر باكثر من نصف مليار دولار تحت حجج تدريب كوادر لتشغيل مصفى كربلاء واعفاء الشركات الكورية المتلكئة من الغرامات المالية ويشاع انه ينوي توظيف 400 “عامل بناء” كمشغلين في المصفى ،الذي كان يفترض ان يكتمل في تشرين الثاني عام 2018 ، مقابل بضعة الاف من الدولارات لكل واحد. هؤلاء اوصت الشركة الكورية التي وظفتهم عمال بناء في المصفى بكفاءة واحد فقط منهم ان يكون مشغلا لان التشغيل يحتاج خبرات تقنية لايمتلكها الا المتخصص او المتخرج من معهد أو كلية ذوات علاقة. عايد جابر عمران استهزأ بالمشرع العراقي ولم يحضر جلسة مقررة لاستجوابه من قبل لجنة النزاهة البرلمانية، فوجهت عضو اللجنة عالية نصيف كتابا الى رئيس الوزراء تقترح عليه انهاء تكليفه ( لمن لايثق بعالية نقول: نزاهة عالية نصيف ليس موضوع هذا المقال وفسادها ليس دليلا على براءة عايد جابر عمران).
سيادة رئيس مجلس الوزراء: الملف جاهز والادلة دامغة، فتحرك لمحاسبة مدير عام المصافي الفاسد كي يتأكد العراقيون من جديتك في محاربة الفساد وكي تتخذ منه مثلا تذكره كلما طعن احد بانجازاتك في محاربة الفساد -خصوصا في ظل التهاون الحكومي المريب والتساهل مع رأس سرقة القرن نور زهير- والا فسوف لن يراك العراقيون الا كمن سبقوك من رؤساء الوزراء الذين نكثوا عهودهم وتاليا سوف لن تكون سوى أسم يلفه النسيان في احدى زوايا مكتبة تاريخ العراق السياسي.