23 ديسمبر، 2024 8:31 ص

الى دعاة الفتنة وفقهاء الذبح:  يوم الغدير بين العلامة الأميني والملك عبد الله الأول بن الشريف حسين

الى دعاة الفتنة وفقهاء الذبح:  يوم الغدير بين العلامة الأميني والملك عبد الله الأول بن الشريف حسين

لقد بلغت الفتنة الطائفية والمذهبية هذه الأيام حداً لا يمكن السكوت عليه أو غض الطرف عنه، خاصة بعد دخولها كسلاح فعال في مشروع سياسي مكشوف، يهدف الى تقوية الكيان الصهيوني بعد الضربات الموجعة التي وجهت له من المقاومة في لبنان وفلسطين.

وتقوية الكيان الصهيوني لا تتم بالسلاح فقط، بل باستخدام سلاح الفتنة الذي يشغل المقاومة بمحيطها، ويشغل المسلمين ببعضهم بعضا، لاسيما وانه لا يقتصر على الجدل والنقاش الفكري وحسب، بل يقترن، ممن يسمون انفسهم سلفيين، بالسلاح والذبح وانتهاك الاعراض والحرمات، حتى يجعلوا العودة الى الصلح والحوار أمرا مستحيلاً.

وبالأمس فقط ذبح التكفيريون من منظمة نور الدين زنكي، والمدعومون من دول غربية واقليمية، طفلا فلسطينيا في عمر الزهور، وقطعوا رأسه وهم يكبرون ويهللّون، بحجة قتاله مع جيش القدس الموالي للحكومة السورية!! وقبله كان تفجير حي الكرادة الاجرامي الغادر ليلة عيد الفطر الماضي، الذي تبنته داعش وذهب ضحيته المئات من المدنيين العراقيين،غالبيتهم شيعة وفيهم من اديان ومذاهب اخرى، مابين شهيد ومصاب، ماتوا حرقاً في مجزرة مرعبة تشكل نوعاً من الابادة الجماعية!

والضالعون في هذا المخطط الجهنمي، ومنهم دول عربية اقليمية معروفة، صاروا ينسقون جهودهم مع الكيان الصهيوني جهاراً وعيانا لتعميق مشروع الفتنة وإغراقه بالدم، والتحريض على من لا يسير على نهجهم بالويل والثبور وعظائم الامور، (كالرافضة!) (والسنة) المؤمنين بالوحدة التزاما بما امر به الله سبحانه: ((إن هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون))، ويعتبرونهم (مرتدّين)، والصوفية، فضلا عن النصارى والصابئة والايزيديين وغيرهم.

ولقد بلغ بهم الطيش والاستهتار، خاصة حينما يتحدثون عن الشيعة، حدا لا يطاق من الزور والكذب واستباحة الاعراض، ناسين بل متناسين ان التشيع وجد منذ صدر الاسلام، وكان من اقطابه الذين التفوا حول الامام علي (ع): عمار بن ياسر وابو ذر الغفاري، وسلمان المحمدي، والمقداد بن الأسود الكندي، وغيرهم. فالطعن في التشيع طعن في الاسلام، وهل يعقل أن الامام علي (ع) صاحب المواقف المشهودة في نصرة الدين الحنيف، والذي نافح بنفسه وسيفه عن رسول الله (ص) في معارك الاسلام الكبرى التي كادت أن تقضي على الدين، لولا تصدي ابي الحسن لها:

فاسأل (بدراً) واسأل (اُحدا) وسل (الأحزاب) وسل (خيبر)!

أقول: هل يعقل أن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) والأئمة من بنيه وأصحابهم وتلامذتهم، لم يربوا تلميذا او فقيها يحمل أفكارهم، أو يؤدوا رسالة جدهم رسول الله (ص)؟! إذن لماذا جرت دماؤهم أنهاراً طيلة اربعة عشر قرنا او يزيد؟! ولماذا تم التضييق عليهم، ومنع الناس من الاتصال بهم والتزود من علومهم خلال الحكومات الاستبدادية المتعاقبة؟ ولماذا يعمم الخطاب التكفيري على الشيعة كافة، بناء على اكاذيب اختلقتها دول الجور والملك العضوض عبر تاريخها الاستبدادي الطويل؟!

ثم تعالوا نقرأ بعض ما كتبه رجالات أهل السنة عن الشيعة والتشيع، وبالمناسبة سأتحدث عن رجل سياسة ومتفقه في الدين، إنه الملك عبد الله بن شريف مكة الحسين بن علي (1882-1951)، ملك الأردن والمؤسس للمملكة الأردنية الهاشمية، الذي استلم كتاباً أهداه له العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني النجفي (1902-1971) عنوانه (الغدير)، وهو يتابع حديث الغدير المشهور عند المسلمين كافة، ونصه: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه))، متابعة حديثية (علم الرجال وعلم اصول الحديث)، وادبية، وتاريخية، فأجابه الملك عبد الله برسالة، هي في حقيقتها وثيقة تعبر عن ولاء خالص للعترة الطاهرة، وصفاء نفس تجاه بقية المسلمين، مما يعزز أواصر المحبة والاخوة بينهم، هذه الوثيقة التي تعود الى الاربعينيات من القرن الماضي، أهديها الى المنغمسين في مشروع الفتنة المذهبية والمتورطين فيها لعلهم يرعوون!