بكت عليك السماء مرتين وهذه الثالثة، وتخلت عنك الارض مرتين وهذه الثالثة، تاجر بك السفهاء والرعاة ،والبغاة الزناة، وأي منهم لم يكن منك دما ،ولحما، وتاريخا، كذب فيك المنافقون وإخوانهم، واستجدى باسمك المتسولون ومعاونيهم ،ورقص على جراحك الشامتون وأقرباؤهم، ولعنك الحاقدون وأذنابهم، فوالله في المرتين السابقتين كنت لها ومنها، أما هذه فقد دُفعت لها ظلما ،وعدوانا ،وبغيا، لم تكن بإرادة أهلك الاصلاء ،وأنت لم تبيع وطنا ،ولا شرفا ،ولا تاريخا، باعك من حكم الوطن واستهان بشرفك ،باعك من بايع الظلم وصار ذنبا ،وانحرف بتاريخك أهل المزامير والدفوف، واستأسد عليك الظلام من الداخل والخارج ،فصرتي لاحول ولاقوة ، أيتها الحبيبة ،لاأخاف على حجرك بقدر ما أخاف على أهلك الشرفاء ، ولا أخاف على من جعلك تلتحفين بالسواد والموت والظلمة والقهر والجوع ،بقدر ما أخاف على شريفك وعزيزك وطفلك ومريضك، تبكين الان أهلك ويبكونك، وتنظرين الى فراتك بحسرة وغصة، وهم ينظرون بالحسرة نفسها ،ولسان حالك تقولين أين أهلي ؟ يابنت الفراتين وزهوه، سينبلج صبحك فلا ترتعبين، ولاتخجلين مما أنت فيه ،لأنه ليس من صنيعك ،عسى أن تأخذي العبر والدرس، مما جرى ويجري على أرضك ، ألا لعنة الله على من وضعك في هذا في الدارين الدنيا والآخرة، والخزي كل الخزي لمن لايجعلك قرة عين المدن، وستظلين حبيبتنا وشرفنا وتاريخنا على الرغم من أنوف أهل السم جميعا.
