23 ديسمبر، 2024 7:25 م

الى جنان الخلد يا مطلق المطلق

الى جنان الخلد يا مطلق المطلق

بالمؤمنين بالجهاد في سبيل الله ؛ فتحت أبواب الحضارات المؤصدة العصيّة  وعلى عروشها تربّع قادة الغزوات وغنموا خيراتها تلالاً من تيجان الذهب والألماز والزمرّد والياقوت , بمشاهد أشبه بغزوات البدو على الحواضر منتصف الليالي ولكن أوسع نطاقاً , إذ الوقت لما بعد صلاة العشاء يُعتبر منتصف الليل لدى بدو أيّام زمان ! ومع صلاة الفجر يعتبر الدوام الرسمي في تلك الأزمان بالنسبة لأهل الحواضر وكذلك لكادحي هذا العصر أصحاب عربات الدفع الرباعي ب”اليدين والساقين” لبيع البيض المقلي والباقلاء بالدهن والهريسة وسندويجات العمبة بالبيض المسلوق بالصمّون بالبطاطس المقليّة ووحش الطاوة المقلي بالزيت المعتّق “أبو التنكة” لمدّة سبعة أيّام يُعمل له في النهاية “نزول خميس وجمعة” خارج طشت القلي يُستبدل ..
 
 فمنتصف الليل يعتبر بالنسبة للباعة هؤلاء بعد الثانية صباحاً في “گراجات” العلاوي والنهضة ببغداد وأمّ البروم بالبصرة وباب الطوب في الموصل عندما كانت تلك الگراجات تعجّ بأنواع العساكر قوّة جوّيّة مشاة دروع  صواريخ رادار حرس جمهوري مدفعيّة دفاع جوّي دفاع بحري الخ غادين رائحين حتّى الصباح انضباط مجازين مساعدات هاربين مأمورون عائدين مخفورون مجانين ..
 
وعلى ذكر المجانين “لا زال لم يغب عن ذاكرتي في حرب الثمان سنوات جندي طويل القامة في الثلاثين من عمره حاملاً بيده حقيبة وبقيافته العسكريّة يسير مسرعاً قرب “ساحة عنتر” بالأعظميّة وسط بغداد يعبر الشارع جيئةً وذهاباً ثمّ يدور حول الساحة ثمّ يعبر ليعود بنفس الطريقة قبل أنّ يدور حول الساحة مرّةً أخرى وهكذا ولساعات ! , مشيته وكأنّه يهمّ للحصول على مقعد بباص نقل ركّاب ذاهب إلى البصرة ! لبضعة أيّام هكذا , بعدها لم يره أحد ! ..
 
 “مطلق المطلق” ضابط سعودي “نجل رئيس قسم شؤون الضباط في الحرس الملكي السعودي” عُثر عليه “من ضمن ثلاث ضبّاط سعوديين ” شهيداً بين أحراش الغوطة , سبق وإن استنكف أبوه الذهاب لمقاتلة إيران “دفاعاً عن البوّابة الشرقيّة للأمّة”  ثمانينيّات القرن المنصرم عندما كان رئيس قسم شؤون الضباط الملكي شابّاً يافعاً للتوّ متخرّج من إحدى كلّيّات عسكر أميركا ولم يكن أحد يعلم ما يُخبّأ له القدر مسطّر داخل أجندة حلفاء خدّام الحرمين , لكنّه كان لا يزال على مصطبة الاحتياط حتّى تحين “اللحظة” , وما درينا أو ما دري هو أنّه سيقاتل “إيران” داخل سوريّا بعد ثلاثة عقود ! ..
 
 لم يكن في حسابات “المطلق” أن تصل الجارة إيران في يوم ما “إلى داخل سوريّا” بحسب ما نقرأ من الاعلام “الخصم” , بعد أن تُسقط  أميركا العراق بيديها  وتسلّمه إلى إيران , بعد أن اكتشف الشيطان الأكبر أنّ “عدوّته” إيران عجزت عن ذلك 8 سنوات والثورة الإيرانيّة لا زالت ساخنة ..
 
لكنّ “المطلق” امتنع عن مقاتلة إيران لأنّهم بنظره “يسبّون عائشة” وفي باله أنّ مواجهتها مواجهة كرويّة ضمن جدول الڨيڨا ! فقط “ولد الخايبة” مليون شهيد عراقي لم يستنكفوا القتال يوماً وبلادهم الأغنى موارداً في العالم بحسب “ميتران” ..
 
أرسل المطلق ابنه “مطلق” لحرب حلف الأثرياء بدلاً عنه للجهاد “في سبيل الله” وبانتظار عودته بمعيّة “القعقاع” حاملاً كنوز كسرى “لأنّ السلفيّة ؛ اتّباع خطى النبيّ منهجهم تقليداً ومطابقةً شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً والنعل بالنعل , أي تقليد النبيّ حتّى في تصرّفاته الشخصيّة متى يتحرّك متى ينام وعلى أيّة جهة يتقلّب وماذا يحبّ من الطعام الخ لا يقلّدونه هو فقط حتّى صحابته فهم “عدول” , لقد وصل حدّ اتّباعه ص أنّ عبد الله بن عمر بن الخطّاب مثلاً , وبعد وفاة النبيّ بسنوات ,  أبرك ناقته وهو على مشارف مكّة قادما من المدينة وسط  حجيج , فنزل وذهب بعيداً عن القافلة وما هي إلاّ هنيهة من الوقت حتّى عاد , فقيل له ما أنزلك هنا يا ابن أبا حفص؟ ” قال : قضيت حاجتي , فقيل له , حتّى تنتظر فقد وصلنا فتقضيها في مكّة ؟ فقال : رأيت رسول الله ونحن نحجّ معه قد ترجّل عن ناقته هنا تحت ما جلست ناقتي قدميّ أضعها الآن على “أثر” قدميه ومن هنا ذهب إلى حيث رأيتموني ذهبت بخطوات َثبَّتُّ قدميّ على أثرها , فقضى حاجته هناك ثمّ عاد !” ..
 
 لذلك فالسلفيّون اليوم في بالهم أنّ إيران لا زالت يحكمها كسرى! , ولم العجب ؟ ألم يقل أحد شيوخهم الراشدين واسمه “محمّد حسّان” أنّ ملاقاة الكفّار في عصرنا أيضاً ستكون بالسيوف ! نعم , خطبته تلك موجودة ألقاها قبل 14 عام أو أكثر !؟ والبحث عن تلك الخطبة في الغوغل أو أحد المواقع الاسلاميّة من أيسر ما يكون , ماذا قال ؟ قال :ـ
 
عطلت سيّارة تقلّه وسط لندن في يوم ضبابي كثيف فتوقّفت السيارات جميعها فتركوها جميعاً وأكملوا طريقهم سيراً على الأقدام! ولأنّ الله “قادر على كلّ شيء” ! لذلك فسيُعطّل سبحانه جميع الأسلحة الحديثة وسيكون القتال بالسيوف بين المؤمنين والكفّار “هم أسموهم الروم الكفّار وقتها!” عند المنارة البيضاء في الشام!” يعني “مسنتريهه” الجماعة منذ ذلك الوقت! , ومن ذهب لقتال كسرى في سوريا “عند المنارة البيضاء” بالشام “كما روى ابن حمّاد” إنّما يقلّدون في انتقالهم وتنقّلهم خطى جيش ابن وقّاص الباع بالباع والذراع بالذراع والقدم بالقدم! في مأكلهم ونومهم وضحكهم ومشربهم وطريقة نهوضهم , فيما عدا “تسليحهم” ! لأنّه , وكما قال سمير غانم رضي الله عنه وسامحه الله , قبل 50 عاماً ؛ العِشا لأ العِشا لأ العِشا لأ ! أي أنّ السلاح مو لعب عيال ! ..
 
 فجيش سعد بن أبي وقّاص كان تسليحه شتوي من رحلة قريش الشتويّة لليمن واليوم يجب أن يكون التسليح صيفي من رحلتهم إلى البيت الأبيض “ألم يشتري الرسول درعاً من يهودي !” تبقى للسلفيّين مشكلة المكان الّذي قاتل فيه صحابة رسول الله العدوّ الإيراني الكسروي , يجب مقاتلته في “الديوانيّة” القادسيّة يعني ! , لا في “الغوطة” , لأنّ “المنارة البيضاء” في الشام وليست في “الواويّة” قرب الرميثة ؟ ..
 
  الضابط السعوديّ الشاب “مطلق المطلق” وهو للتو خرج من ليلة دُخلته على زوجة ناكحة باكر غير منكوحة سابقاً , بقي يتأمّل طويلاً والليل مدلهمّ غير مقمر محتاراً كم تبعد المنارة البيضاء عن الغوطة؟ حتّى أتته رصاصة بين عينيه وهو يفرّ برأسه رحمه الله فسقط شهيداً على تخوم دمشق وعيناه شاخصتان تجاه سلمان باك وطنين بإذنيه يصدع برأسه الشريف لأغنية عراقيّة سبق أن سمع والده يردّدها عندما كان هو لا زال طفلاً , تقول : “المايزور السلمان عمره خسارة” ..