ادناه توضيح الدكتور القانوني رعد العبيدي طلب مني نشره
صلاحيات المدعي العام ملغاة
من د. رعد مقبل العبيدي الى الاخوة القراء الكرام ..
..هذا تعليق سريع على التطورات الحاصلة بعد اعلان تقرير لجنة المجلس النيابي بخصوص التحقيق في سقوط الموصل :
– قامت اللجنة النيابية بإحالة تقريرها على رئاسة مجلس النواب ، و يفترض ان يقوم المجلس بمناقشة التقرير فقرة فقرة و التصويت عليه ليكتسب الصفة القانونية ، و لكن رئيس المجلس د.سليم الجبوري و بالتنسيق و همام حمودي و جماعة دولة القانون في المجلس ، لم يعرضوا التقرير على مجلس النواب و لم يقرأه النواب و انما جرى ارساله الى الادعاء العام ، و على هذا النحو فإن التقرير لم يكتسب القوة القانونية المطلوبة لمخالفته للنظام الداخلي لمجلس النواب .
– كان من المفروض احالة التقرير على قاضي التحقيق المختص بحكم الإختصاص المكاني، و ليس على الإدعاء العام ، و لبيان الفرق في الحالتين لابد من تقديم تصور مختصر عن حقيقة و واقع الادعاء العام في العراق ، فالادعاء العام يحكمه قانون رقم 159لسنة 1979 المعدل ، و بموجب هذا القانون و من نصوصه التي جاء بها نص المادة 2 وجاء فيها للادعاء العام بالاضافة الى الجهات الأخرى التي يعينها القانون : أولا ( اقامة الدعوى بالحق العام، ما لم تطلب تحريكها شكوى أو إذنا من مرجع مختص. ….ألخ) ، و المفروض ان المدعي العام بموجب هذه الفقرة هو الذي يتولى الدفاع عن المصلحة العامة لأنه يمثل المجتمع و الدولة باعتباره نائبا عنهما ، و لكن ما هو حاصل واقعيا في العراق انه بموجب ما يوصف بالدستور النافذ لعام 2005 و بموجب المادة 19 و المادة ، 87 ،ان هناك فصلا للسلطات و على هذا الاساس اعتبرت السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية و جاء في المادة 89 ( تتكون السلطة القضائية الاتحادية من مجلس القضاء الاعلى و المحكمة الاتحادية العليا و محكمة التمييز الاتحادية و جهاز الادعاء العام و هيئة الاشراف القضائي و المحاكم الاتحادية الاخرى التي تنظم و فقا للقانون )، و هكذا تم فصل السلطة القضائية عن التنفيذية كما يدعي من اصدر هذا الدستور ، و لكن في المادة 91 الفقرة الثانية ينص على ما يلي : يمارس مجلس القضاء الأعلى الصلاحيات التالية: أولا – ادارة شؤون القضاء والاشراف على القضاء الاتحادي ، ثانيا – ترشيح رئيس و اعضاء محكمة التمييز و رئيس الادعاء العام و رئيس هيئة الاشراف القضائي و عرضها على مجلس النواب للموافقة على تعيينهم ) ، و لو رجعنا بالذاكرة الى سنة 1977 حيث صدر قانون وزارة العدل رقم (101) لسنة 1977، لعلمنا انه بموجبه الغي ( مجلس القضاء ) ليحل محله مجلس العدل ، الذي يرأسه وزير العدل . وبذلك فقد القضاء استقلاليته فلم يمارس دوره اذ اصبحت السلطة التنفيذية ممثلة بوزير العدل هي المسيطرة و المهيمنة عليه مما شكل انعطافة خطيرة وحادة في تاريخ القضاء العراقي، واذا كان هذا الأمر يعتبر معيبا و سببا للإنتقاد فما حصل بعد الاحتلال الأمريكي المشؤم لأشد نكرا من ذلك و لبيان بعض ملامح هذا الواقع المؤسف نقول : بموجب الاتفاقيات الدولية السارية المفعول لا يجوز لقوات الاحتلال الغاء الدستور و لا قوانين البلد الذي يقع تحت الاحتلال ، و يحق لقوات الاحتلال اصدار قوانين خاصة بقواتها فقط، و لكن ادارة الاحتلال الامريكي و ممثلها المدعو ( بريمر ) اصدرت اوامرها بالغاء الدستور العراقي و كل القرارات التي اصدرها النظام السابق، و التي لها قوة القانون بموجب الدستور العراقي الذي كان نافذا قبل الاحتلال ، و العجيب الغريب ان احدا لم يعترض على هذا القرار الامريكي ، فلا السلطات السياسية العراقية و لا القضائية اعترضت على هذا التصرف غير المقبول و المخالف لنصوص الاتفاقيات الدولية المتعلقة بادارة الدولة التي تقع تحت الاحتلال ، و بصدور ما وصف بالدستور العراقي الجديد و هو في حقيقته ورقة كتبها صهيوني امريكي مزدوج الجنسية يقال ان اجداده من يهود العراق، بينما ولد هو في امريكا و ليس له أي علاقة بالعراق لا من قريب و لا من بعيد ، و قد كتب ما يوصف بالدستور بالانكليزية و طلب من لجنة ان تقوم بترجمته الى العربية و قد رأسها همام حمودي و كان مقررها نوري المالكي ، و كلاهما لا علاقة له بالقانون و لا يعرف من الدستور سوى لفظه، و هذا هو حال اعضاء باقي اللجنة، و جرت رشوة المرجعية الدينية في النجف، و دفعت ملايين الدولارات لمن يوصفون بممثلي السنة، و طلب منهم جميعا أن يستخدموا نفوذهم المادي و المعنوي، و يأمروا الناخبين بالتصويت بـ ( نعم ) على ما يوصف بالدستور، الذي تم حشوه بنصوص أشبه بالغام موقوتة قابله للانفجار متى ما أرادت ذلك امريكا و الصهيونية العالمية بتحريك عملائها العراقيين و ما أكثرهم في العراق اليوم ! و ذلك بقصد تقسيم العراق و تمزيق نسيجه الاجتماعي بحجة بدع المكونات و المظلومية و اختلاف المذاهب و الاديان و القوميات الموجودة في العراق و غير ذلك، و جرى عرض النص قبل 6 ايام من التصويت عليه و تم ايهام الشعب بضرورة التصويت بنعم و حتى هذه اللحظة لا احد يدري كم عدد من شارك في الانتخابات، و كم منهم صوت حقيقة بنعم على هذا الدستور المزيف، فمن اشرف على الانتخابات حقيقة هي ادارة الاحتلال، بينما كان المنفذون عملاؤها من العراقيين، الذين تم تعيينهم لهذا الغرض، و قبل صدور هذا الدستور المسخ ، كان هناك ما يوصف بقانون ادارة الدولة و قانون المحكمة العليا و بقدر تعلق الأمر بما أكتبه من تعليق ألاحظ ما يلي :
– لا يوجد لا في قانون ادارة الدولة و لا قانون المحكمة العليا اي اشارة الى الشروط و المواصفات الواجب توافرها في عضو المحكمة.
– ينص قانون المحكمة قبل صدور الدستور على بقاء الاعضاء في المحكمة مدى الحياة . و هذا نص لا مثيل له في كل تشريعات العالم المعاصر
– لا توجد أي اشارة الى كيفية محاسبة القاضي الذي يخل بواجبة و لا كيفية احالته على جهة تأديبية أو قضائية . و لابيان كيفية احالته على التقاعد.
– يفترض صدور قانون لاحق على نص الدستور يتعلق بالمحكمة العليا و عدد اعضائها و لكنه لم يصدر لحد الان.
– النص الدستوري ذكر ان قانون المحكمة يجب ان يشرع من قبل مجلس النواب باغلبية الثلثين و غفل عن ذكر كيفية تعديل هذا القانون او طريقة الغائه و باي باغلبية قانونية.و هذا معناه انه قانون جامد و هذا يعتبر من القوانين المنتقدة.
– ان المحكمة العليا الحالية قائمة بموجب قانون صادر قبل الدستور، الذي اوجب صدور قانون جديد للمحكمة، و مع ذلك لم يصدر هذا القانون، و هكذا فالمحكمة قائمة على اساس لا يراعي ما نص عليه الدستور من وجوب صدور قانون جديد للمحكمة و هذا هو حال المحكمة منذ سنوات طويلة و لحد الآن.
-لقد جرى تعيين المدعو ( مدحت المحمود ) بمنصب رئيس المحكمة من قبل المدعو ( بول بريمر ) ممثل قوة الاحتلال الغاشمة ، في حين ان قانون التنظيم القضائي رقم 160لسنة 1979 و في المادة 36 ينص على (اولا – يشترط في من يعين قاضيا بعد نفاذ هذا القانون ان يكون عراقيا بالولادة متزوجا ومتخرجا في المعهد القضائي. و هذا ما لا ينطبق على مدحت المحمود لأنه لم يتخرج في المعهد القضائي ، و في هذا القانون نفسه المادة 37 و فيها :
اولا – يحدد وزير العدل المحكمة التي يباشر القاضي عمله فيها، بعد صدور المرسوم الجمهوري بتعيينه قاضيا.
ثانيا – لا يمارس القاضي اعماله الا بعد حلفه اليمين التالية امام مجلس العدل المشكل بموجب قانون وزارة العدل رقـم 101 لسنة 1977
– و تعيين مدحت المحمود صدر بقرار من بول بريمر و هو ممثل ادارة الاحتلال الامريكي و لم يحلف مدحت المحمود امام مجلس العدل و انما تسلم أمر تعيينه من بول بريمر و اصبح رئيس المحكمة العليا !!
–
– لا يوجد أي نص قانوني يعطي الحق للمدعو (مدحت المحمود ) ان يصبح رئيس مجلس القضاء الأعلى و لا أحد يعرف كيف جاز له ذلك.
– و لا نريد الاشارة الى ما شاع و عرف من رشوة رئيس مجلس القضاء (مدحت المحمود ) و من معه من قبل المدعو نوري المالكي. – و اكتفي بهذه الملاحظات السريعة و لنا عودة لهذا الموضوع ، و مما نتقدم نستخلص – أن التقرير المتعلق بسقوط الموصل لم يكتسب الصيغة القانونية المنصوص عليها في النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي فلم تتم لا قراءته و لا مناقشته من قبل نواب البرلمان العراقي – بالنظر لخطورة القضية التي يتناولها التقرير باعتبارها تتعلق بتهمة الخيانة العظمى فكان من الواجب ان يحرك مجلس النواب الدعوى ضد من جاء ذكرهم في التقرير و يقدم طلبا مباشرا الى قاضي التحقيق المختص – ان رفع التقرير بالصيغة التي جرى بها الى الإدعاء العام يعني عمليا احالة الطلب على جهة غير قادرة على اتخاذ اي قرار قضائي بحق المتهمين المذكورين بالتقرير لأن الإدعاء العام يخضع لسلطة المدعو ( مدحت المحمود ) و كل الفرق بين حالة الادعاء العام قبل سنة 2003 و حالته الان، ان خضوع الادعاء العام مازال مستمرا لسلطة اعلى منه تتحكم به من كل الجوانب، و ان ما يسمى باستقلال القضاء مسألة شكلية بحتة، فبدلا من وزير العدل اصبح رئيس مجلس القضاء هو المتحكم بالإدعاء العام، و هو كما اوضحنا معين من قبل ادارة الاحتلال و مخالف و بشكل صارخ لنصوص المواد 36 و 37 من قانون التنظيم القضائي 160 لسنة 1979 و ما لم يكن الادعاء العام منفصلا عن سلطة رئيس المحكمة العليا فهو لا يتمع باي استقلال لا من قريب و لا من بعيد ، و أظن و إن بعض الظن إثم أن الإدعاء العام أصبح في حيص بيص نتيجة مما أقدم عليه د.سليم الجبوري من إحالة التقرير على الإدعاء العام بدلا من رفع الدعوى على المتهيمن الى قاضي التحقيق المختص .و أكتفي بهذا القدر من هذه الملاحظات السريعة و لنا عودة الى هذا الموضوع المهم مع شكري و تقديري