رائعة هي الديمقراطية والاروع فيها عملية الانتخابات التي تجري كل فترة من الزمن تختلف من دولة الى اخرى فقد تكون اربع سنين او خمس او سبع في بعض الاحيان وتتخذ مسميات عديدة منها انتخابات المجالس البلدية او البرلمانية او الرئاسية. الروعة في الانتخابات انك تشعر كمواطن انك ما زلت سيد الموقف وان المرشحين هم رهن صوتك ورغباتك وامنياتك في ادارة افضل وخدمات اجود والاخيرة والاهم انك لا تمل من تكرار الوجوه الا ما ندر فنحن سئمنا مشاهدة المالكي والمطلك والنجيفي والعامري وغيرها من الوجوه التي تكدر الخاطر وتبعث على الحزن والغضب من مناكفاتهم ومشاجراتهم في عقد من الزمن خصوصا وان الشعب العراقي ابتلى بوجه صدام لمدة 35 سنة وهو يحتل القنوات التلفزيونية والصحف وما شابه وهذه القضية تثير مزاج المواطن وتسيء الى احواله النفسية عندما يرى نفس الوجوه تطل عليه كل يوم وحين.
المراقب للمشهد الانتخابي هذه الايام يشعر بالصدمة من تكرار نفس الوجوه والبرامج الانتخابية والشعارات والوعود المعسولة التي تسبق عادة كل عملية انتخابية تجري مجددا، وعند التدقيق في عملية التحضير لعملية الانتخاب هذه تشعر ان هناك جوا من الصراع بين الناخب والمرشح وبين من يدعو الى قيام الانتخابات والمشاركة فيها رغم عدم قناعته فيها وفي نتائجها مسبقا وهذه المشكلة جاءت نتيجة لانعدام الثقة بين الناخب والمرشح قوامها خذلان المرشحين السابقين لناخبيهم ووعودهم لهم في تحسين احوالهم واحوال الخدمات البائسة التي تقدم لهم ناهيك عن فساد هؤلاء المرشحين الذين ما ان تقلدوا المناصب وحصلوا على الامتيازات حتى اداروا ظهورهم للمواطن وانشغلوا في الحصول على العمولات والمقاولات والمشاريع التي ربما كانت في الاساس هدفهم جراء ترشيح انفسهم سابقا. الاسماء نفس الاسماء والبرامج الانتخابية مثيرة للشفقة والشعارات والوعود اكبر من الواقع الذي يعيشه المرشح والناخب سويا وبيئة وظروف العمل هي نفسها بل واسوأ اذن :
ما الذي يضمن نجاح هولاء المرشحين في عملهم لاربع سنوات قادمة ؟ يتسائل المواطن العراقي البسيط ؟
المرشحون استخدموا الطائفة والعشيرة والمنطقة وسيلة للنجاح وهم اكثر من تبنى عليهم الامال في الفوز بالانتخابات فالتخصص العلمي والاكاديمي والتكنواقراط هو ابرز الغائبين في العملية الانتخابية وهذا يقودنا الى دراسة جدوى العملية الانتخابية المكلفة ماديا فبما ان الوجوه مكررة وفاشلة وبما ان البيئة نفس البيئة وظروف العمل وغياب القانون والمحاسبة ما زالت قائمة فمن المحال نجاح هؤلاء المرشحين في عملهم وبالتالي لا توجد في الافق اية بوادر ايجابية في هذا المجال. وقد يقول قائل ان الانتخابات هي السبيل الوحيد نحو تغيير الواقع المر الذي نعيشه وعلينا المشاركة وهذا القول لا خلاف عليه اطلاقا ولكن عندما يحصل التغيير الحقيقي في الاسماء المرشحة وامكانياتها العلمية والعملية وحجم الخبرة التي تمتلكها في مجال العمل الخدمي الذي هو مجال عمل مجالس المحافظات حصرا عندئذ نستطيع تبني مثل تلك الاقوال.
العزوف عن الانتخابات في رأي هو افضل الحلول يا اخواني والامتناع عن الادلاء باصواتنا هو رسالة بالغة الاثر الى السياسيين العراقيين والى العالم اجمع اننا نعاني يا عالم نعاني من الفساد واننا بحاجة الى المساعدة في حل تلك المشكلة قدموا لنا الحلول ساعدونا يا ناس اموالنا تسرق وثرواتنا تنهب وانتم يا دول العالم توفرون ملاذا امنا للفاسدين ولاموالهم المسروقة من بلدنا. اتركوهم واتركوا صناديقهم فارغة فلقد استغفلونا مرات ومرات دون اي حياء او خجل وممن يخجل هؤلاء لو كانوا يملكون ذرة ذرة من الحياء والخجل لما ظهروا على شاشات التلفاز ولما تصدروا المشهد السياسي وهم يشاهدون من على نفس الشاشات معاناة العراقيين الكبيرة فامراة واطفالها جائعون ياكلون من القمامة وهذا لا يملك ثمن الدواء وذاك يعيش بلا سقف يحميه من الامطار والبرد وهلم جرا من المعاناة والمشاكل التي لا تنتهي بينما نرى العكس بالمقابل فالمسؤولين وحماياتهم وعوائلهم يسرحون ويمرحون في عمان ودبي وبيروت فهل هؤلاء افضل من العراقيين الاخرين الا لعنة الله على كل فاسق ولص يتنعم بمال الفقراء والايتام والارامل وبعد كل ذلك ياتوننا مجددا لاستغفالنا ونحن من نعينهم على ذلك؟ يا للهول يا للمصيبة !
ما الذي سيحدث اكثر من الذي حدث لو لم ننتخب ؟ سيزول العراق ام سيموت شعبه ؟ بالطبع لا ولكننا على الاقل سوف نقنع انفسنا اننا لم نكون السبب في هذا الفساد والسرقة ولم نكون السبب في تدمير العراق ولم نعط الشرعية لمثل هؤلاء فالصوت مسؤولية ايها الناخب تذكر انك مسؤول عنها امام الله والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
كاتب مستقل