أغلب الأديان السماوية، تؤمن وتعتقد بفكرة المصلح والمنقذ الذي سيخرج في آخر الزمان، بل أن الأديان السماوية الأخرى، سبقت الإسلام بهذا الاعتقاد، وبشرت بالمصلح المنقذ.
كان لذلك الاعتقاد الأثر البالغ على المؤمنين فيما يكون عليه حال انتظار المنتظرين!.
روى الشيخ الصدوق عن أبي خالد الكابُلي، قال: دخلتُ على سيّدي عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السّلام فقلتُ له: أخبِرني بالذين فَرَض اللهُ عزّ وجلّ طاعتهم ومودّتهم وأوجب على عِباده الاقتداءَ بهم بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ( وساق الحديث إلى أن قال): يا أبا خالد، إنّ أهلَ زمان غَيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضلُ من أهل كلِّ زمان؛ لأنّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والإفهام والمعرفة ما صارت به الغَيبةُ عندهم بمنزلة المُشاهَدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدَي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالسيف، أولئك المخلصون حقّاً، وشيعتُنا صِدقاً، والدُّعاة إلى دِين الله عزّ وجلّ سرّاً وجهراً). بحار الأنوار ج52.
كما في رواية أخرى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(سيأتي قوم من بعدكم الراجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم، قالوا : يا رسول الله نحن كنا معك ببدر واحد وحنين، ونزل فينا القرآن، فقال : أنكم لو تحملوا لما حملوا لم تصبروا صبرهم).
بناءا على ما تقدم من الحديثين الشريفين فإنهم يملكون المقدمة لهذه المنزلة والمرتبة والمشاهدة بما اعتقدته عقولهم من العلم والمعرفة المتيقنة للإعداد والانتظار فهم لأوكار التفكر يسارعون، “والى رياض القرب والمكاشفة يرتعون”، ومن ضفاف القرب بكاس سلسبيلا يكرعون،” قد كشف الغطاء عن أبصارهم”، وغادرت الشكوك أوعية قلوبهم، وتحققت المعرفة في أعماق قلوبهم، قد حصلوا على ذلك الأجر والثواب باعتقادهم سوءا كان الظهور في زمانهم أم لم يكن.
لا كما يتصور البعض حالة الانتظار على أنها ناتجة من الحرمان والعوز المجتمعي والهرب الى حالة أخرى محملة بالهموم والأفكار ترسم تصور المستقبل مشرق؛ دون أن يكون هناك استعدادات و مخاضات كبرى تمهد للظهور المقدس للمصلح. يجب أن يكون الموت في الانتظار هو حياة، وحياة أبدية وذوبان في هذا المعنى ليعطي الإنسان المنتظر زخما من الطاقة يجعله مشاهدا ومنتظرا، في أعلى مستوى من الاستعداد.
الذي يكون فيه المنتظر عامل فاعلا في الميدان لحمل المسؤولية الملقاة عليه، كما لا يجب أن لا يكون الإنسان من الظالمين المعطلين؛ لهذا المشروع السماوي حتى لا يضع الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف سيفه في أعناقنا ونكون أول من يقتص منهم لظلمهم وعدائهم للمشروع.