23 ديسمبر، 2024 2:17 م

الى المسئول عن تنفيذ بيان رئيس الوزراء

الى المسئول عن تنفيذ بيان رئيس الوزراء

اصدر السيد رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي صباح يوم 9 – 8 – 2015 (بياناً هاماً) على وفق المادة 78 من الدستور العراقي. تضمن البيان شعوراً عميقاً بالحاجات النفسية للمتظاهرين في بغداد وست محافظات أخرى كانوا محتجين على الفساد والفاسدين ومن يقف خلفهم.

البيان خطوة ايجابية أولى من ألف خطوة تالية ضرورية للإصلاح السياسي والاداري  يجب أن تبدأ بكشف جميع الجوانب والاجراءات الزائفة والمنحرفة، التي سادت في العراق منذ عام 2003 حتى يوم صدور البيان.

ربما يواجه رئيس الوزراء  ما يلي من الاحتمالات:

(1)                        العداء العلني والسري من مافيا الفساد المسيطرة على الدولة وعلى بعض المراكز القيادية في احزاب الاسلام السياسي. ربما يتراجع صراخ بعض المعادين حسب تكتيكاتهم وربما يلتف بعضهم الآخر بتكتيك آخر لتعطيل تطبيق خطط العبادي.

(2)                        التأييد والدعم الصادقين من القوى والاحزاب المدنية والمنظمات المهنية والتكنوقراطية والعلمية ،المتطلعة إلى عراق افضل وإلى إنسان عراقي افضل وإلى قيم  وممارسات ديمقراطية حقيقية . كما تنال التأييد من قبل المتظاهرين والمتظاهرات في بغداد والمحافظات الراغبين في تحويل خطط رئيس الوزراء إلى تطبيقٍ يوميٍ فعلي، نشيط ومعافى، في مؤسسات الدولة العراقية كلها.

(3)                        لا بدّ من التنبيه أيضاً إلى الانتهازيين السياسيين والمنتفعين السريين، الذين سوف يتجهون نحو تحويل اجراءات العبادي إلى قالب من قوالب الروتين الاداري، الذي سيضحي بالجانب الايجابي لخطوته الاولى .

لكل هذا فأنني اتوجه برسالتي المفتوحة هذه إلى جميع الوطنيين الصادقين في الدولة والبرلمان وفي الشارع المتظاهر أن يبتعدوا عن الطابع التقليدي في التأييد المجرد و الوعظ والارشاد . بل عليهم أن يواصلوا النضال للضغط على الحكومة لتغيير الأوضاع الانسانية المزرية  والعمل على خلق البيئة والظروف الاقتصادية والاجتماعية لتخليص البلاد من أزماتها الاجتماعية والسياسية والروحية بتحطيم كل الأطر التقليدية الموروثة من القواعد الادارية القديمة ،التي لا تتجاوب مع متطلبات العصر الحديث ، التي تؤكد القناعة الجماهيرية الحقة بقدرة مجتمعنا في التغلب على  عصابات وتنظيمات الدولة الاسلامية الداعشية والانتصار عليها .

إن صدور بيان من رئيس الوزراء لا يمكنه أن يحرّك عربة الدولة العراقية، التي تعاني احصنتها ،  منذ زمن طويل، الحرمان التام من الهواء الطلق ، حيث ظلت منذ عقود مصابة بضيق التنفس وبأزمات مرضية، متعاقبة  ومريرة. لذلك فالمطلوب والمنتظر صدور قرارات وقوانين من البرلمان الحالي بعد تخليصه من فشله وعجزه لتكون مكملة لتعبئة القوى الجماهيرية وتجميع كفاءات جميع العلماء العراقيين من المستقلين، الذين أكدوا وما زالوا يؤكدون، قدراتهم التكنولوجية والمهنية، من الذين يشعرون بالرغبة الوطنية الصادقة لخدمة وطنهم وشعبهم من دون مقابل ومنافع شخصية، وقد كانت حياتهم ممعنة في التضحية والكفاح من اجل بلدهم .

اذكركم ايها السيد الرئيس  أن الكفاءات التكنوقراطية الوطنية هي ملح الارض العراقية ، هي القوة  القادرة على تقديم العون لكم ولكل رئيس اصلاحي ..إنها فرصتكم لتلعبوا دوراً ربما يكون فردياً في التاريخ العراقي المعصر .إن جماهير هذا الزمان العراقي الضائع سيظلون منتفضين لمساندتكم ومؤازرتكم  وسيكون نضالهم بمثابة العقل الجمعي،  الذي يمكنكم بواسطته ان تحققوا قفزة سريعة في العملية الديمقراطية ،التي يحتاج إليها بلدنا الجريح بالدكتاتورية والاهمال والتهميش واللصوص وبالإرهاب الدولي لتنظيمات القاعدة وداعش.

العراق بحاجة إلى لونٍ جديدٍ من جماليات الحرية والديمقراطية لكي يستعيد روائعه الحضارية ويتعمق في تقديم المزيد من الانجازات الثقافية والفنية والاقتصادية والعلمية للبشرية ،كلها، إذا ما تحرر من جمهورية الخوف والارهاب، التي قامت على مساحة واسعة من بلادنا المبتلاة بالفساد المالي والاداري وبالتدخل الاجنبي ، الذي تحركه مصالح عمياء معادية لمصالح شعبنا مهما تسترت بأثواب ملونة من الاخلاص المزيف.

إن اصالة الحاكم الوطني الذي يحتاجه  شعبنا  تتحدد بقدرته على اكتشاف طريق المستقبل ،طريق الحرية النابغة والديمقراطية الحقيقية ونبذ كل مظاهر الشمولية الاثنية والدينية والمذهبية.

الخطوة الاولى لرئيس الحكومة التي اعلنها يوم 9 اب 2015 يجب ان تكتمل بألف خطوة خلال الفترة القادمة . يجب اعتبار  الخطوة الاولى مجرد وسيلة لدخول ساحة التغيير والتطوير وليس نهايتها. ينبغي انجاب سلسلة من سلالة اجراءات جديدة لتحقق للمواطنين  وظائف عمل كريم وملابس وفيرة ومياه نظيفة وأمن مستتب  وتوفير كل مصادر الطاقة الكهربائية لترتقي عقول العراقيين واجسادهم جميعا.

تتغير الدولة – كما برهن تاريخ الانسانية كله –  بالعقل الناضج في إدارتها وبالأهداف الرحبة التي تختارها ومخاطبة الناس في المدارس والجامعات وفي الشوارع  وفي المعامل والبساتين ومزارع القمح ، بلغة العمل المشترك بعيداً عن الحزبية والطائفية والعشائرية ، بلغة المناظرة والجدال والافكار العملية التي تحقق لوطننا مزيدا من الحيوية والابداع والخصوبة.

هل يتحقق ذلك..؟