في كل يوم وتحت مظلة حرية الرأي والتعبير , يخرج علينا أحدهم بمقال يشيد به مرة عن الإلحاد والحرية التي يمنحها , ومرة عن الصهاينة والموساد وعواطفهم المزيفة إزاء الإنسانية والأجواء التي يمنحونها للآخرين في مجالات الحياة كافة وعن الأزدهار الذي حققه الكيان الصهيوني ولم يحققه العرب خلال قرون .
ولو نتمعن قليلآ بأهداف هذه المقالات نجد أنها تبحث بالترويج , ليس إلا , للإلحاد من جهة وللصهيونية من جهة أخرى وإلا لماذا هذا الإصرار على هذا الطرح ؟!
هل هو حريص على الآخرين من أبناء جلدته ؟
وهل الحرص يأتي من رجل فضّ الأشتراك من دين وأخلاق من يخاطبهم ؟!
فليلعب إذآ غير ذلك لأته معروف ومكشوف الأتجاهات وأفكاره لم تعد تنطلي عليهم .
وهل هم عميٌ عما تفعله الشياطين ؟!
ولو كان حريصآ حقآ من الناحية الليبرالية لما دفعته الحاجة الى بيع دينه وأخلاقه بفراش دافيء ومتعة زائلة ودراهم معدودة. اليس من بين الليبراليين أحيانآ من يؤمن أن الدين هو مصدر الأخلاق ؟
إذآ فالكاتب المروّج فاشل من الناحية الإيمانية والليبرالية على حد سواء .
نحن نعلم أن من مكارم الشيطان أنه يزيّن الأعمال كما زيّنها لكاتب المقالات الإلحادية فيخاطبهم : لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم , ولكن لايلبث حتى ينقلب على عقبيه ويتنكر لهم عندما تتوضح الحقائق .
أنا أخاطب هذا الإنسان الذي يكيد للناس من بعيد بغير سندٍ أخلاقي أو ديني أن لا يروّج للإلحاد والصهيونية ويدعي أنه من البلد الفلاني وهو يقصد لفت الأنظار اليه من ناحية ليتهافت عليه الآلآف من ضعاف القلوب والإيمان ويلتحقوا بركبه ليحقق مكاسب يراها داعمة له لإدامة مكوثه بينهم ,
فهو من ناحية يعلم أن المجتمع المسلم لايصغي لكلام الملحدين على وفق الآية الكريمة :
وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ” الأنعام 68 ” .
ومن ناحية أخرى يعلم جيدآ إن من يكشف عن مكتسباته يجعله عرضة للتنافس على نعمته التي يراها ويتمتع بها من ناحية أخرى , والأجدر به أن يكتم أنفاسه ليدرأ عن رأسه وجع الدنيا ليتمتع وحده بحضن الصهيونية وفضاء حريتها كيفما يشاء وخلاف ذلك سيرى نفسه لايرقى بينهم بأعلى درجة من عملة الفلس وخاصة بعد أن التحق على نهج خطاه ملوك وأمراء الخليج لحاجة في نفوسهم تمامآ كما فعل فأصبحوا مثله يروّجون لحبل التطبيع بعدما سئمت حتى الغواني من شيبتهم القذرة . اليس كذلك ؟! ولكن هذه مرجاة نفسه ونفوسهم ” واللي بيه مايخليه ” كمايقول المثل .
وأخاطب الذين لهم الهوى نفسه بالإلحاد والإشادة بالصهيونية أن يقلّبوا أوراق التأريخ ويقرأون كيف مزقت الصهيونية اللحمة الوطنية الفلسطينية بالإحتلال والتهجير والفقر والترحيل والحروب المفتعلة ,
ولكن لم تستطع تمزيق وحدتهم بالدين والأخلاق مهما حاولوا والى وقتنا الحاضر ما خذلت لهم همم , بل متمسكين بالمباديء ومؤمنين بالوعد الإلهي وغده القريب ومؤمنين أيضأ أن لا حياة ولا حرية ولا بناء ولا رفاه ولا رجاء من دون أخلاق سيد الأنام ودينه الحنيف .
أما كاتب المقال الذي وجد نفسه ضالآ ليوم أو يومين وجائعآ لبضعة أيام فقد هرول الى ضوء أقرب موقع صهيوني يستجدي منه دراهم وسندويجة لفمه الذي أقسم الله أن يطعمه مهما جار الزمان عليه , وهو لايخلف الميعاد .
هذا هو الفرق بين كاتب المقالات المروّجة للصهيونية والإلحاد وبين العربي الأبيّ الذي لا يتنكر لدينه وأخلاقة ويبيعها جريآ , لاهثآ وراء الحرية المزيفة والفكر الذي لايؤسس الى مجتمع فاضل بذرّة أخلاق واحدة أو معايير .
أختبأ عن الأنظار في بلد الحريات العاهرة أيها البائع البائس ولا تروّج لبضاعتك الرديئة في صحفنا وإن فعلت فالأولى أن تنشرها في الصحف الصهيونية ليصححوا لك الجمل الركيكة , لأن مقالتك هي من بضاعتهم فردها اليهم ولا تبيعها علينا , لأن الذين تخاطبهم هم سادة في معاني الكلم وكن وحيدآ بين صهاينتك بسهامك وبوقك لتنعم بفضائل شياطنيهم , ” فما أنت إن دامت عليك بخالد ” , وما أنت أيها الملحد وأربابك اليهود الذين ترتمي بأحضانهم إلا أشد الناس عداوة لمن تخاطبهم . فأبق لنفسك حياءً , فإنه دين لمن لايملك دين !
14 ايلول 20
* صدر من بيت شعري للأعشى يقول فيه :
ما أنت إن دامَت عليك بخالدٍ كما لَم يخَلّد قبلُ ساسآ ومَورَقُ