في وطني … عندما ينهض الشرفاء بعد اِن أستصرخهم الوطن ، وبين الفينة ألأخرى ، يلبس الفاسدون فيه لباس المصلحون ، فتجمع سفينتهم اعداد الفاسدين وزمر المنافقين ، ربانها الغراب ، ومقصدهم الخراب ، يقودهم اعمى بصيرة رعديد ، ويقرون اليه أقرار العبيد ، بئس التابع والمتبوع .
وبما أن التجربة برهان ودليل ، والأيام مقياس الناس ، كان ظاهرهم جميل وباطنهم عليل ، فكم راهن على من اتبعه من زمر الاغبياء ، وعتاة الفكر السفهاء ، شراذم الفسق ومنحرفي الخلق ، قوتهم على الفقراء ، و سطوتهم على الضعفاء ، وبطشهم بالنبلاء ، فلاجبن الا في اللئيم ، ولاشجاعة ألا في الحكيم ، طالما كانوا غمامة سوداء في سماء الوطن ، وأس البلاء والفتن ، تفننوا وصاحبهم بالفتنة ، وبالغوا في الطعنة ، فزعيمهم يتأرجح بحبال الفوضى ، وهاجس ألأنا ، ويغذيها على الدوام بألوان ألأوهام ، فيزيدون فيها ولايملكون حلولا لها ، وقد مكر وخدع وأخدع ، حين وجد جمهور يسير خلفه بلاوعي ، فبئس السعي حين يبعد السوي ويقرب الدعي ، وعجبا ان يلبس السارق جلباب النزاهة ، ويتصدر أراذل القوم القوم الوجاهة ، وكم جحدوا الحق بالحمق ، فذاك هو الفساد المطلق ، طريقتهم أنهم يرتبون أوضاعهم لأنفسهم ، ويتركون الفوضى في عقولهم وقلوبهم ، وكم اضاعوا عن الوطن فرص الصلاح عند الصعوبات ، ورفضوا الحلول عند الازمات ، فركوب الموجة ناتجهم وغاياتهم ، حقا قد جمعتهم الطبول وفرقتهم العصى ، وشتتهم طول النعيق وبلاهة التصفيق ، فالبوصلة فيهم عمياء ، أصابها الاعياء وهوس الجهلاء ، تقودهم نحو الهاوية ، بئس الطريقة وبئس الورد المورود ، فكّرتهم أنهم يطمسون الى قاعها ، وناتج صولتهم انهم يطبلون تارة اخرى ، قد غاصوا في المستنقع الى القاع ، في وقت ترفع الحر والشريف عنهم وعن ماغاصوا فيه ، طريقهم بلا نتيجة أو نهاية ، وقد سلكوه بلا دراية ، بدأوا أسوء البداية ، وفي النهاية فقدوا الهداية ، قد أفلسوا من الخبرة وزهدوا في العبرة ، غابت فيهم العقول وجمعهم الفضول وطمستهم سفاهة الحلول ، ففي وطني أمل بددوه ، وخير جحدوه وأحرقوه ، ودم عزيز سفكوه ، فبما عملوا قد نكرهم الوطن ، وبمازهدوا حق الأبوة فيه زهد فيهم .
وفي اخر المطاف بعيدا عن كل اصطفاف ، فالفيصل بيننا هو الوطن وسيد النجف العظيم ، فلاأخوة بلا أبوة ، وقد أجهدوها بالتعب والشقاء ، ونثرنا نحن لها الحب والولاء والوفاء ، فأتهموك سيدي بما ألبسوا أنفسهم به وهو على مقاساتهم علامة فارقة ، فترفعت عنهم مولاي بعد أوجعتهم بكلمات ألأبوة الصادقة ، فهي الصاعقة ، بيان واضح وحق صادح ، كلام دقيق وخارطة الطريق .. ولات حين مندم .