19 ديسمبر، 2024 1:01 م

الى السيد رئيس مجلس الوزراء: لابد من اللامركزية لاصلاح النظام في العراق

الى السيد رئيس مجلس الوزراء: لابد من اللامركزية لاصلاح النظام في العراق

التضخم الحكومي واحد من الامور التي تناقشها الديمقراطيات عندما تمر بأزمات اقتصادية, والعراق لايمر بازمة اقتصادية فحسب بل يمر بأزمات على جميع الاصعدة بسبب الارهاب وفساد الحكومات التي توالت على ادارة شؤونه بعد عام 2003 والولاءات الفئوية والقومية والطائفية.

وقد تكون الحكومة العراقية بضمنها الحكومات المحلية من اكثر حكومات العالم تضخما للحد الذي صارت جيوشا جبارة عاطلة ومعطلة, وغالبا ما اشتكت حكومات المحافظات من تقييد وزارات حكومة المركز لصلاحياتها وعرقلة عملها, ولحد هذه اللحظة لم يرسم المشرعون العراقيون حدود صلاحيات الحكومات المحلية والحكومة المركزية على اساس النظام الفيدرالي الذي أقره الدستور العراقي.

من خلال متابعتي اليومية لاخبار العراق السياسية والاستماع لاجابات عدد لاباس به من وزراء سابقين في مقابلات تلفزيزنية, اتضح لي ان مشكلة العراق الادارية تكمن في مركزية السلطة ومصادرة صلاحيات الحكومات المحلية لصالح وزاء حكومة المركز رغم افتقار وزاراتهم لسلاسل او هياكل ادارية تنساب خلالها الخدمات من المركز الى ابعد منطقة على الحدود.

لاسباب عدة اهمها النظام السياسي المتبنى بعد 2003 والفساد وقلة انضباط الموظف الحكومي وتعيين وزراء غير اكفاء نتيجة المحاصصة الحزبية وعدم مراقبة ادائهم, هذه الاسباب مجتمعة ادت الى تقريبا فشل حكومي غير مسبوق ليس في توفير الخدمات للمواطن العراقي فحسب بل فشلت الوزارة حتى في ادارة كادرها المتواجد في مبنى الوزارة نفسها, فانهمك الوزير في البحث عن متعاقدين يدفعون كومسيونات للوزير لتغطية نفقاته ونفقات كتلته السياسية.

اغلب المستشارين والمفنشين تحدثوا عن انجازاتهم في تهذيب الحراس او تشذيب صرفيات النثرية وكل هذه تحصل في مكتب الوزير او موقع الوزارة ولاتتجاوز بنايتها وكأن الشعب عينهم من أجل ادامة مكاتبهم وترتيب صرفياتها.

وبدل ان تدعم وزرات حكومة المركز اصبحت اكبر عائق لعمل حكومات المحافظات فاصبحنا ندفع رواتب لعدد مضاعف من الموظفين من اجل توفير خدمات أقل للمواطن او لاشيء على الاطلاق.

لذا نقترح تقليص حجم وصلاحيات حكومة المركز وتحديد دورها فقط في الاشراف على ومراقبة عمل حكومات المحافظات وتقديم المشورة والنصح والدعم الفني, يتم ذلك من خلال اخضاع المديريات التابعة للوزارات في المحافظات الى الحكومات المحلية واضافة ميزانياتها التشغيلية الى موازنات المحافظات وتحويل موازنات الوزارات الى المحافظات لاعطاء دور اكبر للحكومات المحلية في توفير الخدمات وحرمان الوزراء وكتلهم من التلاعب بمليارات الدولارات من المال العام.

ان لهكذا خطوة فوائد أهمها:

1. تطبيق اللامركزية في الحكم التي نص عليها الدستور العراق

2. القضاء على او تقليص نسبة الفساد المالي والاداري والسياسي فاكثر الاموال المنهوبة نهبتها وزارات حكومة المركز رغم فشلها في تقديم الخدمات وعرقلتها لعمل الحكومات المحلية.

3. انسيابية وسرعة تقديم الخدمات الى المواطن وباقل التكاليف من خلال رفع القيود الوزارية على عمل الحكومات المحلية وتحويل القسم الاكبر من ميزانيات الوزرات اليها.

4. وضع حد للصراع الحزبي والطائفي والقومي على مقاليد الحكم في بغداد واتجاه الانظار صوب حكومات المحافظات التي بدات الان تتمتع بصلاحيات وتاليا فوائد اكبر للمشتركين فيها.

5. عندما تقلص موازنات الوزارات وتتخلى عن التعاقد مع الشركات لصالح الحكومات المحلية تعزف الاحزاب والكتل عن المطالبة بحصصها في الحكومة وتتجه طموحاتها صوب حكومات المحافظات فتنتهي معظلة تشكيل الحكومات المركزية التي صارت تأخذ اشهرا من المماطلة والمساومات وهات وخذ خلف وامام الكواليس.

6. تتحول وظيفة حكومة المركز من تقديم الخدمات التي اثبتت السنوات الماضية انها غير قادرة على توفيرها, تتحول الى وظيفة مراقبة والاشراف على عمل ومشاريع وخطط الحكومات المحلية.

7. تقليص العدد الكبير لحمايات الوزراء والوكلاء والمدراء العامون يفك الاختناقات المرورية في بغداد ويطور الأمن الذي يشاع ان نسبة كبيرة من العمليات الارهابية يقوم بها وحدات حمايات المسؤولين.

8. توفير مبالغ مالية كبيرة لميزانية الدولة ودعم سياسات التقشف التي تبنتها حكومة السيد حيدر العبادي نتيجة سرقة حكومة المالكي للمال العام والعجز المالي الذي سببه استمرار انخفاض اسعار النفط.

9. واخيرا لابد من الاعتراف ان الخطاب الطائفي والقومي المتشنج الذي أجج الارهاب انتجه الصراع على مناصب حكومة المركز فعندما ينتهي الصراع على المناصب تخف او تنعدم هكذا خطابات ومن ثم يخف التشنج الطائفي والقومي والحزبي وتاليا يتطور الامن ويرتق النسيج الاجتماعي المخروم.

 

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات